احتفالية كبرى في جامعة جواهر لال نهرو بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية

19-12-2025  آخر تحديث   | 19-12-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
احتفالية كبرى في جامعة جواهر لال نهرو بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
احتفالية كبرى في جامعة جواهر لال نهرو بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية

 


 محمد معراج عالم/ نيودلهي 

إن اهتمام المملكة العربية السعودية بنشر اللغة العربية وخدمتها ينطلق من مكانتها التاريخية والحضارية، بوصفها البلد الذي انطلقت منه رسالة الإسلام، ونزل فيه القرآن بلسان عربي مبين، ومن وعي القيادة السعودية الحكيمة بمسؤوليتها تجاه اللغة العربية، باعتبار أرض المملكة موطنها الأول ومهد الرسالة، واستجابة لما تتطلع إليه نفوس المسلمين في مختلف أنحاء العالم من تعلم اللغة العربية في أرض الرسالة والإسلام.

وصرّح بذلك نائب رئيس البعثة بسفارة المملكة العربية السعودية في نيودلهي، جدي الرقاص، في كلمة ألقاها خلال حدث مميز عقده مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي، احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية، يوم 18 ديسمبر 2025م، تحت شعار: "بالعربية نواكب العالم"، وذلك بمشاركة عدد كبير من ممثلي السفارات العربية لدى الهند، وأساتذة اللغة العربية وطلابها من مختلف الجامعات في الهند.

وأضاف نائب رئيس البعثة السعودي أن الله شرّف المملكة العربية السعودية بأن تكون منارة لتعليم اللغة العربية للطلاب والطالبات من شتّى أنحاء العالم، حيث أسّست معاهد اللغة العربية في جامعاتها الكبرى، واستضافت آلاف الطلاب على نفقاتها، وأقامت برامج الدراسات العليا في تعليم اللغة العربية، ولا سيما لغير الناطقين بها، فضلاً عن إنشاء مراكز متخصصة لتعليم العربية ونشرها، ومن أبرزها: مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية.

وتابع قائلاً: إن أهمية اللغة العربية تنبع من كونها لغة القرآن الكريم، ولغة العبادة، مؤكّدًا أنها لغة مشتركة لا تخص العرب وحدهم، بل أصبحت لغة الإسلام بعد أن نزل بها القرآن الكريم، واختارها الله وعاء لكلامه المبين.

وأوضح أن السلف الصالح أولوا اللغة العربية اهتمامًا بالغًا، مستشهدا بما نقل عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصيته لأبي موسى الأشعري بالاهتمام بالعربية، لما لها من أثر في تنمية العقل وترسيخ الفهم، مشيرا إلى أن تعلم اللغة العربية وتعليمها عُدّ عند السلف فرض كفاية.

وأردف قائلاً: إن العلماء الذين كانوا حججا في اللغة العربية سبقوا بذلك غيرهم من العلوم، مستشهدا بما أكّده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن تعلم العربية وتعليمها فرض كفاية؛ مّما يدل على ضرورة العناية باللغة العربية تعلمًا وتعليمًا، والحرص على نشرها، بوصفها لغة الإسلام والحضارة الإسلامية، ولما حباها الله به من خلود بخلود القرآن الكريم.

كما أشار إلى أن المملكة العربية السعودية تسعى، وفق نهجها المعتدل والشامل، إلى خدمة الإنسانية والإسلام والمسلمين في العالم دون أي تمييز، لافتًا إلى ما يربطها بجمهورية الهند، شعبًا وقيادةً، من علاقات طيبة ومتجذّرة، بما يخدم مصالح البلدين منذ زمن بعيد.

ولفت جدي الرقاص إلى أن المملكة بوصفها الدولة التي انطلقت منها رسالة الإسلام، تبذل جهودًا متواصلة، وتدعو إلى التعاون والعمل المشترك من أجل إيقاف الحروب والآلام في العالم، ونشر رسالة السلام، مشيرًا إلى الدور الكبير والمحوري الذي تضطلع به القيادة الرشيدة في المملكة؛ في نشر السلام، والتصدّي للكراهية والتطرّف، وتعزيز جسور التعاون والتواصل بين مختلف الدول والشعوب، بهدف مواجهة خطاب الكراهية وترسيخ قيم التفاهم والتعايش.

وحضر الاحتفالية سفراء وممثلون من تسع عشرة دولة عربية، من بينهم: السفير عبد الملك عبد الله الإرياني، سفير الجمهورية اليمنية؛ والسفير عبد الله عبد الرحمن القعود، سفير مملكة البحرين؛ والسفيرة حياة الطالبي، سفيرة الجمهورية التونسية؛ والسفير يوسف محمد جميل، سفير جامعة الدول العربية؛ والسفير الدكتور بسّام محمد الخطيب، سفير الجمهورية العربية السورية؛ والسفير كامل زايد جلال، سفير جمهورية مصر العربية؛ والسفير الدكتور عبد الله محمد أدوا، سفير جمهورية الصومال الفيدرالية؛ والسفير عبد الله أبو شاويش، سفير دولة فلسطين؛ والسفير الدكتور عبد النور خليفي، سفير الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية؛ والسفير هادي جابر، سفير الجمهورية اللبنانية؛ والسفير يوسف مصطفى علي عبد الغني، سفير المملكة الأردنية الهاشمية.

كما شارك في الحدث محمد مسعود الصويعي، القائم بالأعمال بسفارة دولة ليبيا؛ وعدي حاتم محمد، القائم بالأعمال بسفارة جمهورية العراق؛ وطاهرة حمود الزدجالية، القائمة بالأعمال بسفارة سلطنة عمان؛ وسيدي محمد حبا، القائمة بالأعمال بسفارة الجمهورية الإسلامية الموريتانية؛ وعبد العالي بويلوطة، السكرتير الأول بسفارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية؛ وعلي الرشيدي، الملحق الدبلوماسي بسفارة دولة الكويت، إلى جانب ممثلي دولة قطر والمملكة المغربية.

وبهذه المناسبة، عبّر السفير يوسف محمد جميل، سفير جامعة الدول العربية عن شكره وتقديره لمركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو على تنظيم هذه الاحتفالية، مشيدًا بدور السفارة السعودية في دعمها، مؤكّدًا أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يحمل رسالة حضارية مفادها أن العربية لغة حيّة نابضة بالثقافة والفكر، وقادرة على مواكبة العصر.

كما تحدّث السفير الدكتور بسّام محمد الخطيب، سفير الجمهورية العربية السورية، عن مكانة اللغة العربية بوصفها رابطة جامعة، تحمل في طياتها معاني الدفء والوحدة والانتماء الحضاري، واستهل حديثه ببيتين:

لغة إذا وقعت على أسماعنا

كانت لنا بردا على الأكباد

ستظل رابطة تؤلّف بيننا

فهي الرجاء لناطق بالضاد

وأكّد السفير السوري أن اللغة العربية كانت، ولا تزال، دلالة على الوحدة، ووعاء لرسائل حضارية ممتدة عبر الزمن، مشيرًا إلى أن فضاءها أوسع من أن يحاط به في كلمات أو دقائق معدودة.

وصرّح السفير بأن اللغة العربية أثبتت عبر التاريخ مساهمتها الفاعلة في ميادين الأدب، والشعر، والدين، والعلوم، والإنجاز الإنساني، مؤكّدًا أنها لغة صالحة للتفاعل مع متطلبات العصر، وقادرة على استيعاب المنطق الإنساني، والتعبير عن القضايا العلمية والمعرفية. 

وأشار إلى تجربة الجمهورية العربية السورية في تعريب التعليم العالي، موضحًا أن سوريا نجحت في تعريب التدريس في مختلف التخصصات العلمية الدقيقة، ولا سيما في المجالات الطبية والعلمية، مؤكّدًا أن مجمع اللغة العربية في دمشق لا يزال يؤدي دورًا محوريًا في صون اللغة العربية وحمايتها، ومواكبة تطورها في شتّى المجالات.

وطرح السفير عددًا من المقترحات العملية، من بينها الدعوة إلى تعزيز التنسيق مع جامعة الدول العربية، وبحث إمكانية التعاون مع منظمة الأمم المتحدة، للمساهمة في إعداد كوادر متميّزة من المترجمين، يمكن الاستفادة منهم في المؤسسات الدولية والمنظمات المختلفة، بما يسهم في نقل الحضور الحضاري العربي بصورة أدق وأوضح من خلال ترجمة سليمة ورصينة. كما دعا إلى توسيع آفاق التعاون بين مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو والسفارات العربية، واقترح تنظيم محاضرات وندوات مشتركة في فضاءات اللغة العربية، يشارك فيها سفراء ومختصون، موجهة إلى الطلبة والمهتمين باللغة العربية، بما يعزّز التواصل الثقافي والمعرفي.

وقدم السفير إهداء إلى مركز الدراسات العربية والإفريقية، تمثّل في مجموعة من القصائد الأندلسية المغنّاة بصوت السيدة فيروز، معتبرًا إياها من أرقى ما قدم في الغناء العربي باللغة العربية.

وتخلّلت الاحتفالية أنشطة ثقافية وفنية متميزة، حيث قدّم طلبة المدرسة السعودية في نيودلهي مسرحية بعنوان "لغتنا وطن"، التي تناولت مكانة اللغة العربية، واستعرضت مسيرتها التاريخية منذ نشأتها في بيئة الصحراء في العصر الجاهلي، حيث كانت لغة فطرة وبيان وشعر، ثم انتقالها عبر العصور لتصبح لغة رسالة وحضارة، ولغة علم وفكر، حملت معاني الوحي، واحتضنت العلوم والمعارف، وأسهمت في بناء الحضارة الإنسانية. وقد عبّرت المسرحية بأسلوب مؤثّر عن اعتزاز العرب بلغتهم، وقدرتها على التطور والانتشار، لتظل حاضرة في الماضي والحاضر، وقادرة على مواكبة المستقبل.

كما عُرض مقطع فيديو تناول أنشطة النادي العربي التابع لمركز الدراسات العربية والإفريقية، وتم تدشين عدد من الكتب من تأليف طلاب المركز. وشهدت المناسبة كذلك تكريم الطلبة الفائزين في مسابقات الخطابة، والرسم، والمساجلة الشعرية، تقديرًا لتميّزهم وتشجيعًا لهم على مواصلة الإبداع.

اقرأ أيضًا: الهند وعُمان توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة وتعززان التعاون البحري والزراعي

وعلى الصعيد الأكاديمي، عقدت ندوة علمية مصاحبة شارك فيها أساتذة من مختلف الجامعات الهندية، من بينها: جامعة جواهر لال نهرو، وجامعة دلهي، وجامعة عليكراه الإسلامية، وجامعة بنارس الهندوسية، وجامعة إنديرا غاندي المفتوحة. وتناولت الندوة عددًا من الموضوعات المعاصرة، من بينها: اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي، ومن لغة التراث إلى لغة المستقبل، والعربية في فضاء العولمة: الهوية والتواصل الحضاري، واللغة العربية في العصر الرقمي بين التحديات والتمكين، والعربية لغة الحاضر والمستقبل.

وقد أشار الأستاذ الدكتور مجيب الرحمن إلى أن فكرة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية انطلقت قبل شهرين بدعم من سفير جامعة الدول العربية، مؤكّدا أن هذا الحدث ثمرة تعاون مثمر بين الجهود الأكاديمية والدبلوماسية. كما ألقى رئيس المركز، الأستاذ الدكتور محمد قطب الدين، كلمة الترحيب، فيما اختتمت الاحتفالية بكلمة شكر قدّمها الأستاذ الدكتور رضوان الرحمن.

قصص مقترحة