سريناغار
تؤكد مسرّت النساء، المطربة الكشميرية الشابة، التي خطفت الأسماع بأدائها الموسيقي المؤثر في فيلم السيرة الذاتية الجديد "أغاني الجنة" الذي تم عرضه على المنصات الرقمية، أن مسيرة حياتها لم تكن سهلة على الإطلاق.
ويجسّد الفيلم السيرة الذاتية للفنانة راج بيغم، أول مطربة كشميرية في الإذاعة. وهو من إنتاج دانش رينزو، وقد تم عرضه حديثًا على منصة "أمازون برايم".
وتنحدر مسرّت من بلدة شرار شريف في وسط كشمير. وهي تتابع دراستها لنيل درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة كشمير.
ولفتت مسرّت النساء الأنظار إليها من خلال أدائها المؤثر لأشعار الشيخ نور الدين نوراني المعروف بشيخ العالم. ويقع ضريحه في مسقط رأسها بلدة شرار شريف.
وأوضحت مسرّت أن مسيرتها الفنية لم تكن سهلة، فعلى الرغم من بروز موهبتها وهي في سن الخامسة، على غرار راج بيغم بطلة الفيلم، إلا أنها واجهت مزيجًا من التحديات وردود الفعل المتعاطفة حين اختارت احتراف الغناء كمسار مهني.
وأشارت مسرّت، مقارنةً بمسيرة المطربة راج بيغم التي نالت فيما بعد وسام بادما شري، إلى أن مثل هذه التحديات لا تزال تشكل جزءًا من الواقع الذي تعيشه المطربات في كشمير حتى يومنا هذا.
وتحدثت مسرّت النساء عن بدايات مسيرتها الفنية قائلة: "لقد كان هناك الكثير من المعاناة. كما اضطرت راج بيغوم إلى مواجهة انتقادات قاسية، ما زالت المطربات في كشمير حتى اليوم يواجهن الوضع ذاته. وأنا شخصيًا تعرضت للكثير من الانتقادات وسمعتها مرارًا وتكرارًا. ففي بداياتي كان الناس يسألونني: لماذا تختارين هذا الطريق؟ ما هو مستقبلك فيه؟ وماذا يمكنك أن تحققي من خلاله؟ إذ إن الغناء في كشمير لا يُعترف به كمهنة حقيقية".
ولكن بعد النجاح الذي نالته من خلال أدائها في فيلم "أغاني الجنة" باتت المطربة تشعر بأن الانتقادات ضدها قد تضاءلت إلى حدّ كبير.
وأوضحت مسرّت النساء أن المواقف تجاهها شهدت تحولًا لافتًا بعد نجاحها الأخير، إذ لم يعد المنتقدون يوجهون إليها الانتقادات كما في السابق، بل تحول خطابهم إلى الإشادة والاعتراف بخيارها الفني، معتبرين أنها أحسنت اختيار طريقها المهني.
ويدور فيلم "أغاني الجنة" حول قصة فتاة كشميرية تخوض رحلة شاقة لتحدي كل الصور النمطية والقيود الاجتماعية المفروضة على المطربات في كشمير.
وتعتقد مسرّت أن المشهد اليوم اختلف بشكل ملحوظ، حيث باتت الفتيات الكشميريات يقتحمن عالم الموسيقى بخطى واثقة. كما أعربت عن رغبتها في أن تشهد الساحة الفنية حضورًا أوسع لمطربات من كشمير.
وقالت مسرّت: "يتجه الوضع اليوم نحو المزيد من القبول والانفتاح. وهناك عدد كبير من المطربين الكشميريين الذين ينشطون في الغناء. والفتيات بدورهن يتقدمن بخطوات واضحة. ومن المهم أن يشجع الآباء أطفالهم ويدعموهم. فلماذا تُستثنى الفتيات من هذا المجال؟ فإذا كانت الفتيات يحققن التقدم في كل المجالات، فمن حقهن أيضًا أن يتقدمن في هذه المهنة".
وأكدت مسرّت قائلة: "تزخر كشمير بالكثير من المواهب، لكن بعض الأسر ما زالت تتوجس وتفكر في العواقب. وفي الواقع لا يوجد ما يدعو لهذا القلق، امنحوا أبناءكم الفرصة فقط. إنهم قادرون على أن يصنعوا لكم سمعة طيبة".
وتتمنى أن تسهم في الترويج للغة الكشميرية من خلال أغنياتها. وبالمقارنة مع صناعة الموسيقى البنجابية، أشارت إلى أنها تأمل أن يعمل المطربون الكشميريون أيضًا على إبراز لغتهم في أعمالهم، بما يمنحها انتشارًا عالميًا واعترافًا أوسع.
وقالت مسرّت: "أستطيع أن أؤكد أن محور اهتمامي الفني يتمثل في إبراز اللغة الكشميرية من خلال الغناء. وصحيح أنني أغني بالبنجابية والهندية والإنجليزية. لكنني أحرص دائمًا على تقديم الأغاني الكشميرية".
وأشارت إلى أن انتشار الموسيقى البنجابية عالميًا لم يكن مصادفة، بل نتيجة استراتيجية واعية اعتمدها فنانوها عبر ترويج لغتهم وترسيخها في المشهد الموسيقي الدولي.
وتابعت: "الغناء وسيلة للتواصل بين شعوب العالم، ومن هنا تبرز الحاجة إلى أن نعمل على إيصال لغتنا إلى الساحة العالمية. لذلك أحرص حاليًا على بذل كل ما بوسعي من أجل النهوض باللغة الكشميرية وتعزيز حضورها".
وحازت مسرّت على شهرة عالمية، عبر فيلم "أغاني الجنة"، بفضل أغنيتها "دِل تسوران"، من ألحان أبهاي رستم سوبوري.
;
وشكّل دخول مسرّت إلى عالم بوليوود محطة فارقة في مسيرتها، بعد أن لفت صوتها انتباه أبهاي رستم سوبوري أثناء مشاركتها في حفل خيري بمدينة سريناغار.
واتصل بها سوبوري عندما كان يبحث عن صوت للغناء الخلفي لشخصية راج بيغم، التي جسدتها الممثلتان صبا آزاد وسوني رازدان في فيلم السيرة الذاتية، ليكون ذلك الانطلاقة الحقيقية لمسيرتها الفنية. وقالت في إحدى الفعاليات المحلية: "فوجئت بأنه تذكرني بعد كل تلك السنوات".
كما أعربت عن امتنانها للناشط الثقافي الكشميري البارز عزيز حاجني، الذي منحها فرصًا محلية لإبراز موهبتها الغنائية.
وقالت في حديثها للصحف المحلية: "لقد كان الأستاذ عزيز حاجني أول من التفت إلى شغفي بالغناء عندما كنت طالبة في الصف الخامس بإحدى المدارس الحكومية في شرار شريف. وكان يمتلك قدرة فريدة على اكتشاف المواهب ورعايتها بدعم لا يتزعزع".
اقرأ أيضًا: اللغة الهندية تجمع السعوديين والهنود في أجواء احتفالية مميزة بالرياض
وأضافت أن الدكتور حاجني كان يحرص دائمًا على أن تؤدي أبيات الشاعر الكشميري الشيخ نور الدين نوراني في الفعاليات الثقافية والأدبية.
وذكرت: "أحتفظ لتلك الذكريات بمكانة خاصة في نفسي، إذ كان المستمعون كثيرًا ما يذرفون الدموع تأثرًا بغنائي. وكان تشجيعهم دافعًا قويًا لي لمتابعة أحلامي".