رضوان الرحمن*
السِندُوْر هو مسحوق أحمر تجميلي تقليدي من جنوب آسيا وخاصة من الهند، وعادة ما تضعه المرأة المتزوجة عند فرق شعرها. وهو رمز يشير إلى أن المرأة متزوجة. ويُعتبر السندور ميمونًا وهو علامة مرئية على الحالة الاجتماعية للمرأة، وعادةً ما يعني التوقف عن استخدامه الترمل. كما يُعتبر السندور، بشكل عام، رمزًا للحظ السعيد والخصوبة للزوجين. ويرمز أيضًا إلى الحب العميق والإخلاص الذي تكنّه الزوجة لزوجها.
استخدام السندور في الهند
تعود أهمية السندور في الزواج الهندي إلى القرن الغابر. وتُعتبر عادة وضع السندور على الجبهة عند فرق الشعر من قبل النساء الهندوسيات المتزوجات عادة مباركة، وهي مستمرة منذ قرون. ووفقًا لعلم التنجيم الهندوسي، يقع بيت الحمل أو ميشا راشي على الجبهة. وأما كوكبة برج الحمل فهي المريخ، ولونه الأحمر يُعتقد بأنه ميمون. وهذا سبب آخر لوضع السندور الأحمر على الجبهة وعند فرق الشعر. وكلاهما أيضًا من علامات الحظ السعيد والرخاء. ويُعتبر السندور أيضًا رمزًا للطاقة الأنثوية.
وفي الأساطير الهندوسية، يحمل السندور أهمية بالغة. وتقول الأساطير إن إلهة بارفاتي، زوجة الإله شيفا، كانت تضع السندور على جبينها رمزًا لتقواها ومودتها لزوجها. ويُعتقد بأن السندور هو المفضل لدى الإله شيفا، وأن النساء اللواتي يضعن السندور على جبينهن يُرزقن بحياة زوجية طويلة وسعيدة. ويُعتبر وضع السندور على جبين العروس نعمةً أيضًا. ويُعتقد بأنه يجلب الحظ السعيد والرخاء للعروسين، ويطرد الأرواح الشريرة، ويحميهما من الأذى والخسارة. ولذلك، لا يُعد السندور رمزًا للحب والإخلاص فحسب، بل يعتبر مصدر أمان وبركة أيضًا للعروسين.
والسندور له علاقة بالديانة الهندوسية ولكن استخدامه عام بين نساء جميع الديانات في بعض مناطق الهند. وتستخدم النساء المسلمات أيضًا هذا المسحوق التجميلي بعد زواجهن في بعض الولايات الشمالية والشرقية، كما يتم استخدامه عامةً بين النساء من أرياف الولايات المركزية للهند.
وفي العصر الحاضر زاد استخدام السندور وله إقبال كبير بين النساء المتزوجات، لأنه -حسب رأي بعض النساء- يُعزز أناقة المرأة إلى حد كبير، ويمنحها جمالًا إلهيًا. ويُعرف اللون الأحمر أيضًا بأنه لون الحب والعاطفة، ولذلك تستخدمه النساء الهنديات لكسب قلوب أزواجهن. ويرمز السندور إلى أن المرأة متزوجة وتحت حماية زوجها، فلا ينبغي لأحد أن ينظر إليها بنظرة شريرة. كما أن اللون الأحمر، وهو لون النار والدم والقوة، يُشير إلى أنه لا ينبغي أبدًا اعتبار المرأة شاكتي أي إلهة القوة، بل يجب احترامها. ويمكنها أن تكون شرارة نار أو زهرة ناعمة، بإرادتها فقط، لحماية نفسها ووطنها.
فالسندور هو رمز للاحترام والسعادة الزوجية والرخاء. فلذلك، يتم استخدام هذه الكلمة رمزًا للزوج وحبه له. وهناك عدة مقولات رائجة في الهند حول السندور على سبيل المثال "وضع السندور على جبين مرأة" تعني الدخول في العلاقة الزيجية و"محو السندور" هو يعني قتل الزوج.
كيف أصبح السندور حديث العالم؟
في أعقاب عملية "السندور" التي نفّذتها الهند ضد مواقع إرهابية داخل باكستان وفي كشمير المحتلة من قبل باكستان وذلك ردًا على الهجوم الإرهابي في باهالجام بجامو وكشمير -حيث قتل الإرهابيون الذين تسسلوا إلى الهند من باكستان وقتلوا السياح من الرجال فقط ورملوا النساء-، أصبح اسم "السندور" حديث العالم، بعدما كان مصطلحًا لا يعرفه كثيرون خارج الهند. وقد أثار هذا الاسم تساؤلات كثيرة حول دلالته ولماذا اختير لعملية عسكرية بهذا الاسم. ولعل الإجابة الأبلغ جاءت من رئيس الوزراء ناريندار مودي نفسه، الذي أوضح في خطابه الموجّه إلى الشعب الهندي قائلاً: "لقد محا الإرهابيون "السِّندور" عن جباه أخواتنا، فردّت الهند على ذلك بتدمير مقارّهم الإرهابية. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل أكثر من مئة من أخطر الإرهابيين. ولقد كان العديد من قادة الإرهاب يتنقلون بحرية في باكستان طوال العقود الثلاثة الماضية، وهم يحيكون المؤامرات ضد الهند، فجاء الرد الهندي حاسمًا وقضى عليهم بضربة واحدة".
فالسندور هو كلمة لها معنى خاص ولها مدلولات تتعلق بالحب والاحترام والقوة الأنثوية. وينتشر رواج استخدامه بين النساء الهنديات في الوقت الحاضر من حيث المسحوق التجميلي والوقاية من أنظار عامة الناس الشريرة.
*أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي