إحياء الروح التعليمية: رحلة مصطفى حسين مع التغيير المجتمعي

10-09-2025  آخر تحديث   | 10-09-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
مصطفى حسين
مصطفى حسين

 


 ديب كيشور تشاكرابورتي / كولكاتا

أتى مصطفى حسين بفجر جديد إلى قرية تشاندرا المنسية في ولاية غرب البنغال، فأضاءها بنور التقدّم. ومن خلال رؤيته، وتنميته الصناعية، وتشجيعه للتعليم، حظي هذا الحي الصغير، الذي كان مجهولًا يومًا ما، باعتراف يتجاوز حدود منطقته.

وتقع تشاندرا في مقاطعة مرشد آباد على الحدود بين الهند وبنغلاديش، وكانت طيلة سنوات طويلة غائبة عن أنظار العالم الأوسع.

ولولا سخاء حسين وبُعد نظره، لما حازت القرية على مكانة مميزة على خريطة الهند اليوم. وغالبًا ما يتساءل الناس: كيف صعد هذا الرجل إلى هذه المكانة البارزة؟ وأي عوامل شكّلت طفولته وإرث عائلته؟

ولطالما عاش إقليم أورانجاباد، الذي يضم تشاندرا، تحت ظلال الخراب. فموقعه بين نهر بادما المتدفق شرقًا ونهر الغانغا المتدفق غربًا، جعله عرضة للفيضانات والتآكل عامًا بعد عام.

وفي أعقاب التقسيم، عانت المنطقة من أزمة فريدة: فقد وجد عدد لا يحصى من القرويين أن حقولهم صارت على الجانب الآخر من الحدود في بنغلاديش، بينما بقيت منازلهم في الهند.

وفي هذا المشهد المليء بالمعاناة والتشرّد وُلد مصطفى حسين، الذي يُعد اليوم واحدًا من كبار الصناعيين في ولاية البنغال الغربية. وينحدر حسين من عائلة يمتد نسبها عبر سبعة أجيال، عُرفت بالثراء والمكانة المرموقة.

لم يكن أحد ليتصور أن هذا الفتى القادم من قرية منسية سوف يبرز كمنارة أمل للمسلمين المهمشين في البنغال.

وبين صفوف الصناعيين الناجحين في الولاية، يبرز اسم حسين متفرّدًا – ليس فقط بفضل إنجازاته التجارية، بل أيضًا بسبب التزامه الإنساني.

ويمثل بالنسبة لكثيرين فجرًا جديدًا، لا سيما بالنسبة للمجتمع المسلم. فهو رجل متدين كرس نفسه لخدمة المجتمع، وجعل التعليم في صميم رسالته.

ولكن ما الذي يدفع رجل أعمال ناجحًا إلى تكريس هذا القدر الكبير من جهده لقضية التعليم؟ ولماذا يواصل ضخ الموارد في المدارس التابعة للمؤسسات التبشيرية التي تنتشر في القرى والمناطق المختلفة من البنغال؟ وأوضح حسين لآواز دي وايس: "إن دوامة الحرمان الاجتماعي المستمرة التي يعانيها الشباب العاطلون عن العمل في غرب البنغال لطالما أقلقتني بعمق. ولقد شعرت بيأسهم ومعاناتهم اليومية وعدم اليقين الذي يخيّم على حياتهم".

ويعترف حسين بأنه لا يستطيع أي فرد بمفرده أن يوفّر وظائف لآلاف الشباب. لكنه يرفض اعتبار الفقر وحده المسؤول: "أؤمن بأن الفقر ليس السبب الجذري للتخلّف. قد يكون عرضًا، ولكن المشكلة الأعمق تكمن في اللامبالاة المتوارثة تجاه التعليم. وهذه اللامبالاة التي تنتقل عبر الأجيال هي السبب الرئيس في بقاء المجتمعات متخلفة. كما أن غياب الشجاعة والعزيمة سبب آخر".

ويرى حسين أن الحل يكمن في إحياء روح التعلم المتأصلة في الدين ذاته: "إذا تأملنا نظرة الإسلام المتسامحة، وتشديده على طلب العلم، ومُثُل النبي ، وهداية القرآن الكريم، ونظرنا إلى أمثلة المجتمعات المتقدمة التي قدّرت المعرفة، سندرك أنه كان – وما يزال – ممكنًا أن نبني منصة جماعية للتعليم. وإلا فسيبقى من هم في الظلام في ظلامهم، وسيجرّون من هم في النور إلى الوراء".

وبالنسبة له، فإن شبكة المدارس الداخلية التي يجري دعمها عبر المبادرات المجتمعية تجسّد هذه الرؤية: "هذه المدارس ليست مجرد أماكن للتعليم، بل هي تجسيد لحلمنا، وحركتنا الجماعية – هدفها نشر المعرفة، وبناء الأخلاق، وتعزيز روح الخدمة. لقد وضع الإسلام قبل قرون سياسة التعليم الشامل، ومن واجبنا أن نواصل حمل هذه الرسالة إلى الأمام".

ويرى حسين أن الإيمان يقدّم بوصلة أخلاقية تلزم الناس بالوقوف إلى جانب جيرانهم، ورفع شأن الفقراء، ورعاية الجسد والروح معًا. وبهذه الروح، قام مع أنصاره بزرع بذور ما يقارب خمسين مؤسسة تعليمية داخلية في أنحاء ولاية البنغال.

ويقول متأملًا: "نجاحنا لم يكتمل بعد؛ فما تحقق لا يزال جزئيًا. لكن بالإيمان والعزيمة والجهد الجماعي، يمكننا أن نحول حلم المجتمع المستنير إلى حقيقة".

قصص مقترحة