بعد طفولة صعبة ومراحل مهنية أولى في مجال الطيران وصناعة الفنادق، وجد حسين منصوري نداءه الحقيقي في خدمة الإنسانية. واليوم، يُعدّ أحد أبرز المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ومنارة أمل لكثير من الفقراء والمحتاجين.
وقد نال شهرة واسعة بفضل جهوده الخيرية، لا سيما في دعمه للأطفال المصابين بالسرطان، حيث لامست مقاطع الفيديو المؤثرة التي ينشرها قلوب الملايين على منصة إنستغرام. ويقول منصوري: "أنا أؤدي واجب الإنسانية فقط".
وتُعدّ مسيرة حياة منصوري شهادة حيّة على الصمود والتحدي. وأكمل تعليمه المدرسي في مدرسة كاردينال غراشيوس الثانوية في مومباي، ثم تخرّج لاحقًا في كلية رضوي. ومنذ طفولته، كان يحمل شغفًا عميقًا بالتصوير الفوتوغرافي وسرد القصص. ولكن الظروف المالية الصعبة أجبرته على العمل وكان في المرحلة الابتدائية من دراسته.
ويسترجع تلك الأيام قائلًا: "أتذكّر جيدًا كيف كنت أرتدي ملابس مستعملة لأتمكن من العيش"، ويضيف: "لكنني ركّزت على تعليمي، وتمكنت في النهاية من الحصول على وظيفة في شركة جيت إيرويز".
ومن أجل إعالة أسرته، عمل حسين نادلاً وقام بعدة أعمال متفرقة. وخلال هذه الفترة، نما لديه إحساس عميق بالتعاطف ورغبة في مساعدة الأقل حظًا. ويقول: "رأيت الناس يطاردون الثروة بلا نهاية، ومع ذلك فإنهم يفتقرون إلى السعادة الحقيقية، وكان القليل منهم مستعدًا لمساعدة الغرباء دون أن ينتظر شيئًا في المقابل".
ويعيش حسين وفق مبدأ: "اكسب الدعوات فقط، ثم لن يكون هناك من هو أغنى منك". وانطلاقًا من هذه الفلسفة، بدأ في مساعدة المحتاجين، حتى عندما كانت موارده محدودة.
وخلال جائحة كوفيد-19، عندما تُرك كثيرون بلا طعام أو دعم طبي، تقدم حسين للمساعدة. فقد وزع المواد الأساسية على المتشردين والمرضى والجوعى.
ويواصل منصوري تقديم المساعدات المالية لمرضى السرطان، خصوصًا في مستشفى تاتا التذكاري، ويدعم تعليم الأطفال المحرومين، ويوفر الطعام والملابس والرعاية للمسنين — دون تمييز في الطائفة أو الدين أو الخلفية. وهذا الإخلاص الثابت هو ما أكسبه لقب "سفير الإنسانية".
ورغم أن أعماله متواضعة في حجمها، فإن أثرها عميق. فمقاطع الفيديو التي ينشرها لا تُقدّم فقط العون الفوري للمحتاجين، بل تُلهم الملايين أيضًا لتنمية التعاطف والشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
وفي أحد المقاطع المؤثرة، يُرى حسين وهو يلتقط صورًا متروكة لآلهة هندوسية من جانب الطريق ويقوم بتكريمها عبر غمرها في الماء باحترام. وهذا التصرف البسيط من الاحترام الديني المتبادل لاقى صدى واسعًا لدى المشاهدين من مختلف الأديان، ونال إعجابًا كبيرًا، وحمل رسالة وحدة في وقت تمسّ الحاجة فيه إلى التآلف والتعايش.
ويضم حسابه على إنستغرام أكثر من 12.3 مليون متابع، فيُمثل حضور حسين الرقمي منصةً للتغيير الاجتماعي. ويقول: "عندما بدأت العمل، كنت أشارك بعض الصور والقصص الشخصية. وبدأ الناس يتفاعلون معها. وعلى مر السنين، تطورت تلك البداية الصغيرة لتصبح شيئًا جميلًا - كعائلة ثانية".
وفي شهر أبريل، بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف السياح في باهالجام، أدان حسين علنًا هذا العنف. وقال في رسالة مصورة: "الإرهابيون الذين هاجموا باهالجام ليسوا بشرًا، إنهم وحوش. لا يتبعون أي دين. والإسلام يعلمنا المحبة والرحمة، لا العنف"، مضيفًا: "أناشد رئيس الوزراء ناريندرا مودي بأن يضمن تقديم هؤلاء المهاجمين إلى العدالة".
اقرأ أيضًا: أفروز شاه: محامٍ هندي يقود أكبر حملة تنظيف شواطئ في العالم
ولقد أكسبته مثل هذه التصريحات احترامًا كبيرًا، إذ لا يتردد في التعبير عن دعوته للسلام والوحدة الوطنية.
ويواجه الكثير ممن يأتون إلى مومباي للعلاج من السرطان أعباء مالية هائلة، وقد جعل حسين من دعمهم هدفًا لحياته. وعن تطلعاته المستقبلية، يقول: "قالت آنّا فرانك ذات مرة: لم يُصبح أحد فقيرًا بسبب العطاء. وأنا أؤمن بذلك. أجمع مبالغ صغيرة لأساعد بها أكبر عدد ممكن من الناس".