أفروز شاه: محامٍ هندي يقود أكبر حملة تنظيف شواطئ في العالم

14-07-2025  آخر تحديث   | 14-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
أفروز شاه
أفروز شاه

 


بهاكتي شالاك

أصبح أفروز شاه رمزًا عالميًا للعمل البيئي الذي يقوده المواطنون. ففي عام 2015م، أطلق ما أصبح لاحقًا أكبر حملة لتنظيف الشواطئ في العالم — عمل نابع من الحب والغضب والمسؤولية، لم يغيّر فقط شاطئ فيرسوفا في مومباي، بل غيّر نظرة العالم إلى العمل المجتمعي.

نشأ أفروز شاه على الساحل الغربي للهند، ويتذكر أيامًا كانت فيها البرك نظيفة، وأشجار المانغروف نابضة بالحياة، والشواطئ نقية. ولكن مع بلوغه سن المراهقة، كانت تلك الجماليات قد اختفت. فقد تحوّل شاطئ فيرسوفا، الذي كان ملاذ طفولته، إلى مكبّ للنفايات — تراكمت عليه النفايات البحرية حتى بلغ عمقها خمسة أقدام. وقال مستذكرًا الصدمة التي دفعته إلى التحرك: "كان البلاستيك يصل إلى شحمة أذني".

وجاءت تلك اللحظة في أكتوبر عام 2015م، حين كان أفروز يبلغ من العمر 42 عامًا، وانتقل إلى شقة تطل على شاطئ فيرسوفا المليء بالقمامة. قال: "كان هناك خطأ جسيم، وكان لا بد من اتخاذ إجراء عاجل". فباستخدام القفازات وقوة الإرادة، بدأ هو وجاره البالغ من العمر 83 عامًا، هربانش ماثور، عملية التنظيف. ولقد كان الأمر شخصيًا. ويقول أفروز: "هذا كوكبي، وأرضي، ومحيطي، ويجب أن أنظفه"، رافضًا انتظار تدخل الحكومة.

ولعدة أشهر، لم يكن هناك سواهما. وفي مدينة يُقال فيها إن "الوقت أهم من المال"، أثار جهدهما المتواصل انتباه الناس. وسرعان ما وُلدت حركة. وأفروز يعمل محاميًا، وهو ما منحه فهمًا عميقًا لآليات النضال والعمل المجتمعي.

ولقد ألهم ثباته مئات المتطوعين — من سكان الأحياء الفقيرة، والطلاب، والصيادين، والمحترفين — توحدوا جميعًا على "موعد مع المحيط". وقد جمعت الحملة بين العمل الميداني والتوعية، حيث استخدمت عمليات التنظيف كوسيلة للتعليم والتمكين.

وفي غضون 85 أسبوعًا، تم إزالة أكثر من خمسة ملايين كيلوغرام من النفايات. ولقد أذهل هذا التحول العالم. وانتشرت صور شاطئ فيرسوفا المتجدد انتشارًا واسعًا، وفي عام 2016م، وصفه برنامج الأمم المتحدة للبيئةبأنه "أكبر حملة تنظيف شاطئ في تاريخ العالم".

وفي العام نفسه، كرّمت الأمم المتحدة أفروز شاه بأعلى جائزة بيئية تمنحها — "أبطال الأرض"، ليصبح أول هندي ينال هذا التكريم على الإطلاق. وأصبحت جهوده في التنظيف نموذجًا عالميًا للعمل المناخي الذي تقوده المجتمعات.

ومن نجوم بوليوود إلى القادة السياسيين، انضم آلاف الأشخاص إلى هذه الحركة. وقد أشاد رئيس الوزراء ناريندرا مودي بأفروز في برنامجه الإذاعي "مان كي بات"، كما أعلن نائب الرئيس فينكاياه نايدو وقتذاك وكبير وزراء ولاية مهاراشترا ديفندرا فادناویس دعمها العلني للحملة. وأسهمت الشراكات مع شركات كبرى مثل أديداس وداو في توفير الموارد والمعدات اللازمة.

وتوالت الجوائز بعد ذلك: "هندي العام" من CNN-News18، و"CNN Her"، و"GQ Eco Warrior"، وغيرها. ولكن أفروز ظل متواضعًا. ويقول: "الأمر لا يتعلق بشاطئ نظيف فحسب، بل بالحد من النفايات البحرية والتعلّم من خلال الفعل".

ولم ينظر أفروز يومًا إلى حملات التنظيف على أنها الهدف النهائي، بل كانت بوابة نحو إصلاح أعمق. ويوضح: "يُساء فهم تنظيف الشواطئ؛ فالمسألة تتعلق بالحدّ من وصول البلاستيك إلى أحشاء المحيط".

وفي عام 2023م، أسّس أفروز شاه "مؤسسة أفروز شاه"، محوّلًا تركيزه من حملات التنظيف الظاهرة إلى نموذج ثلاثي المراحل:ما قبل النفايات– تشجيع المستهلكين على تجنّب التغليف غير الضروري؛ مرحلة النفايات – إنشاء أنظمة مجتمعية لفرز النفايات وإعادة تدويرها؛ ما بعد النفايات – مواصلة تنظيف الشواطئ وأشجار المانغروف والمحيطات.

ولقد نجحت مؤسسته حتى الآن في إشراك أكثر من 400,000 شخص في مومباي، وأطلقت مبادرات بيئية في 25 قرية، مع طموح لتوسيعها إلى 200 قرية أخرى. كما يعمل أفروز مع أكثر من 200 مدرسة وكلية، لمساعدة الشباب على إعادة التفكير في استخدام البلاستيك. ومن الأحياء الفقيرة إلى المكاتب الشركاتية، يُنظّم جلسات توعية تُشجّع على تغيير السلوك. ويؤكد قائلاً: "التلوث يبدأ في العقول، ويجب أن ينتهي هناك".

ويمتلك أفروز، بصفته محاميًا، رؤى فريدة حول إخفاقات السياسات. فهو صريح في انتقاد الثغرات في تنفيذ حظر البلاستيك في الهند، وقواعد "مسؤولية المنتج الممتدة"، ويقول: "لا تسنّوا قوانين منفصلة عن واقع الأرض. ادخلوا في التفاصيل الدقيقة، واجعلوها قابلة للتنفيذ".

وهو يدعو إلى إصدار قانون خاص بالاقتصاد الدائري، منفصل عن قوانين إدارة النفايات، كما يطالب بإدراج "البيئة" ضمن القائمة المتزامنة في الدستور، ما يسمح لكلٍّ من الحكومة المركزية وحكومات الولايات بالتشريع بوضوح في هذا الشأن. فحاليًا، تقع البيئة ضمن منطقة رمادية قانونية.

وبالنسبة لأفروز، المسألة لا تتعلق بالنظافة فقط، بل بالتعايش. ويقول: "يجب أن تنتهي حقوق الإنسان حيث تبدأ حقوق الكائنات الأخرى". ورسالتُه واضحة وحاسمة: "نحن لا نكف عن لوم الحكومة، ولكن الحكومة ليست هي من تُلقي النفايات، بل نحن من نُلقيها".

فتُثبت رحلة أفروز شاه أن التغيير لا يحتاج إلى سلطة سياسية أو تمويل ضخم، بل يحتاج إلى قلوبٍ وسلوكٍ وعملٍ دؤوب.

قصص مقترحة