جابر أنصاري: نجم صاعد في فنون القتال على الساحة العالمية

29-07-2025  آخر تحديث   | 29-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
جابر أنصاري
جابر أنصاري

 


سراج أنور/ باتنا

إن مزيجًا من التوجيه الصحيح والإخلاص الثابت، جابر أنصاري، وهو شاب من خلفية متواضعة، قد وضعه على الساحة الدولية لفنون القتال.

هذه هي قصة نجم الكاراتيه الصاعد، الذي بدأت رحلته من قرية نائية، ووصل اليوم إلى اعتراف عالمي، وكل ذلك بفضل التوجيه والدعم الذي تلقّاه في مسيرته.

جابر، وهو من قرية تمبا بهار الواقعة في منطقة جهجها المتأثرة بالناكساليين في مقاطعة جاموي بولاية بيهار، قد رفع راية الهند فخرًا بفوزه بعدة ميداليات ذهبية وتكوينه لهوية فريدة في عالم فنون القتال.

وقد تأثر جابر بثلاثة أشخاص بشكل خاص: مدرّبه راهول كومار، ونجم بوليوود أكشاي كومار الذي ألهمه، والدكتور فياض، الذي دعمه في مسيرته المهنية.

ويقول جابر: "أن أكون طالبًا في جامعة بتنا هو مصدر فخر لي. لقد كان للدعم والتوجيه الذي تلقيته هنا دور أساسي في نجاحي. وسأظل مدينًا لهذا المؤسسة دائمًا".

وفي يونيو 2024م، شارك جابر في بطولة "كأس العمدة الدولية للكاراتيه" التي أُقيمت في منطقة جهابا بنيبال، حيث تنافس في فئة الوزن 75 كيلوغرامًا.

واجه جابر منافسة قوية من رياضيين يمثلون باكستان، وبنغلاديش، وسريلانكا، وبوتان، وأفغانستان، ونيبال. ومع ذلك، تمكّن من التفوق على جميع منافسيه وانتزع الميدالية الذهبية لصالح الهند.

ولقد أخذته مهارته في فنون القتال إلى بطولات دولية في سريلانكا، وتايلاند، والصين، وتركيا، ومصر. وفي عام 2017م، حصد الميدالية الفضية في بطولة جنوب آسيا للكاراتيه التي أُقيمت في سريلانكا.

وُلد جابر في الأول من فبراير عام 1997م، وتبدو حياته وكأنها قصة سينمائية. والده، محمد امتياز أنصاري، يعمل معلمًا في مدرسة قروية، وأما والدته، فهيمة خاتون، فقد نالت جائزة "راشتريا فيرماتا جيجاباي" عام 2018م تقديرًا لدورها النموذجي في خدمة المجتمع.

وجابر هو الابن الأكبر بين أربعة أشقاء، وقد نشأ على شغف بأفلام الحركة منذ صغره، وكان كثيرًا ما يتسلل لمشاهدة أفلام أكشاي كومار المليئة بمشاهد فنون القتال. وبدأت تلك الأحلام الطفولية تتجسد على أرض الواقع عندما انتقل إلى بتنا لمتابعة تعليمه الثانوي وبدأ تدريبه الرسمي في رياضة الكاراتيه.

وكانت انطلاقته الحقيقية في عام 2015م، حين شارك في أول بطولة وطنية له وأحرز الميدالية الفضية، مما شكّل دفعة قوية لثقته بنفسه. ومن هناك، بدأ صعوده السريع، حيث حصد ست ميداليات ذهبية في بطولات على مستوى الولاية، إلى جانب ميدالية فضية عام 2017م، وبرونزية عام 2019م.

ويُعزى جزء كبير من نجاح جابر إلى مدربه راهول كومار، الذي وفّر له تدريبًا مكثفًا، غالبًا ما كان يمتد من ست إلى ثماني ساعات يوميًا.

وقد تعزّز إيمان راهول بقدرات جابر عندما فاز الأخير بالميدالية الذهبية في بطولة الكاراتيه للجامعات على مستوى عموم الهند، متفوقًا على منافسين من 188 جامعة.

ولكن هذا الانتصار لم يكن إنجازًا شخصيًا فحسب، بل كان ثمرة دعم جماعي من المجتمع. فمع افتقاره إلى الموارد المالية اللازمة للمشاركة، تلقّى جابر المساعدة بعد أن وجّه الدكتور فياض أحمد، وهو زعيم وناشط بارز من المجتمع المتخلف، نداءً مؤثرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ولقد تجاوز ذلك النداء حواجز الطائفة والدين والمنطقة، واستقطب دعمًا واسعًا من مختلف أنحاء البلاد. وقد ردّ جابر هذه الثقة برفع العلم الهندي بكل فخر على أرض نيبال.

ويواصل جابر حاليًا دراسته لنيل درجة الماجستير في اللغة الأردية بجامعة بتنا، وقد حظي نجاحه بإشادة واحتفال واسع النطاق.

ووصف رئيس قسم اللغة الأردية، البروفيسور شهاب ظفر أعظمي، إنجاز جابر بأنه لحظة فخر للمؤسسة بأكملها، في حين أشاد سكرتير الرياضة الدكتور ديب ناريان به واعتبره مصدر إلهام دائم.

وعلى مدار السنوات، حاز جابر على العديد من الجوائز من هيئات محلية ووطنية، من بينها: جائزة "راشتريا خِيْل راتنا" من حكومة بيهار، وجائزة "ساتياغراها تشامبارن"، وجائزة "المهاتما غاندي"، وجائزة "المهاتما بوذا"، وجائزة "شاه عظيم آباد خِيل راتنا"، و"بيهار برتيبها سمان"، و"بيهار فيبهاف سمان".

واليوم، لم يعد جابر مجرد رياضي متوّج بالجوائز، بل أصبح أيضًا مدرّبًا تحفيزيًا وناشطًا اجتماعيًا ملتزمًا. ففي ديسمبر 2024م، تم تعيينه مدربًا لفريق الكاراتيه في جامعة بتنا للمشاركة في بطولة شمال شرق الهند بين الجامعات للكاراتيه، التي أُقيمت في جامعة تشانديغار. وتحت إشرافه وتوجيهه، تمكّن تلميذه أنوراغ باسوان من الفوز بميدالية.

وفي فبراير 2025م، أطلق جابر مبادرة مجانية لتدريب الفتيات على الكاراتيه والدفاع عن النفس، من خلال "معهد الفنون القتالية الديناميكية"، بهدف تمكين الشابات ومنحهن الثقة والمهارات اللازمة للدفاع عن أنفسهن.

وبالرغم من إنجازاته، يظل جابر متواضعًا ويُرجع الفضل في مسيرته إلى من ساندوه ووقفوا بجانبه. ويؤمن الدكتور فياض أحمد بأن الرياضيين من أمثال جابر لا يقتصر دورهم على الفوز بالميداليات، بل يساهمون في تغيير نظرة المجتمع. وقال: "دعونا جميعًا نصلّي أن يأتي اليوم الذي يعود فيه جابر إلى الوطن بالميدالية الذهبية الأولمبية ويهديها لأم الهند".

اقرأ أيضًا: فيضان علي ومسيرته في خدمة الإنسانية

وقصة جابر أنصاري هي قصة صمود وإصرار وتحوّل عميق. فعلى الرغم من قلة الإمكانيات والظروف الصعبة التي نشأ فيها، أثبت أن الانضباط والشغف قادران على تجاوز العقبات وتحقيق الإنجازات.

وتُشكّل رحلته مصدر إلهام وأمل لعدد لا يُحصى من الشباب في القرى والمناطق المحرومة، مؤكدة لهم أن الأحلام الكبيرة ليست حكرًا على أحد، وأنهم أيضًا قادرون على النجاح وتحقيق طموحاتهم.

قصص مقترحة