مالك أصغر هاشمي / نيودلهي
قال رئين إن السياسة وحدها لا يمكن أن تكون حلًّا لكل مشكلة. وانطلاقًا من هذا الإيمان، أسّس قبل أكثر من عام بقليل "مؤسسة تنمية بَسْمَاندَه (الطبقة المتخلفة). ومنذ ذلك الوقت، حققت المؤسسة خطوات لافتة في تحسين حياة الطبقة المتخلفين، الذين يشكّلون نحو 80% من مسلمي الهند، وإعادة إحياء الأمل والثقة في نفوسهم.
وعلى عكس المجموعات التي تقتصر جهودها على النشاط السياسي، تُعالج المؤسسة قضايا جوهرية مثل التعليم، والصحة، والتمكين الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية. ويؤمن رئين بأن التقدم الحقيقي للطبقة المتخلفة لن يتحقق إلا عبر الوعي الجماعي والتعاون. ولكسر الانطباع القديم بأن حركة الطبقة المتخلفة تقف في مواجهة النخبة الأشرافية، قام رئين بإشراك أفراد من طبقة الأشراف في مؤسسته. وتتمثل رؤيته في بناء مجتمع بسمانْده قوي ومتمكّن، لا بوصفه كتلة تصويتية سياسية، بل كجماعة قادرة على الاعتماد على نفسها ومؤهلة للنهضة والتمكين.
وينحدر مِعراج رئين أصلاً من مقاطعة فايشالي بولاية بيهار، ثم انتقل إلى دلهي حيث أسّس المؤسسة بالتعاون مع زوجته نِكهت بروين. كما يدير مصنعًا لإنتاج قطع غيار الدراجات النارية، ويتمكن من الموازنة بين مسؤولياته المهنية وحياته الأسرية وخدمة المجتمع بتفانٍ لافت.
وبالإضافة إلى رئاسته للمؤسسة، يشغل رئين منصب نائب رئيس جبهة مسلمي عموم الهند التي يقودها الدكتور إعجاز علي، كما أنه عضو في اللجنة التنفيذية لجبهة الأقليات في حزب بهاراتيا جاناتا، جامعًا بين عمله السياسي ورسالته الاجتماعية بصورة متناسقة.
وفي الآونة الأخيرة، نظّمت المؤسسة مؤتمر وطنيا حول الوعي تجاء التعليم في قاعة مدني التابعة لجمعية علماء الهند، مركّزة على التعليم العصري في المدارس الدينية. وخلال الفعالية، جرى توزيع مجموعات حاسوبية على طلاب خمس مدارس دينية. وأشاد الشيخ حكيم الدين القاسمي، الأمين العام لجمعية علماء الهند، بهذه المبادرة، داعيًا رئين إلى التركيز أيضًا على الرعاية الصحية، مؤكّدًا أن الصحة لا تقل أهمية عن التعليم، فـ"المواطن السليم وحده هو القادر على المساهمة في بناء الأمة".
ويؤمن رئين بقوة بأن التعليم الحديث هو المفتاح الحقيقي لنهضة الطبقة المتخلفة. وتتمثل مهمته المقبلة في توزيع مجموعات حاسوبية على طلاب 350 مدرسة دينية في منطقة نُوح بولاية هاريانا، بهدف ردم الفجوة بين التعليم التقليدي والتكنولوجيا الحديثة. ويقول إن هذه الخطوة ستفتح آفاقًا جديدة للتوظيف وستصنع مستقبلًا أكثر إشراقًا لشباب الطبقة المتخلفة في مختلف أنحاء البلاد.
ويشمل عمل المؤسسة مجالات واسعة ومتعددة، من بينها التعليم، والتمكين المالي، والمساعدة القانونية، وتنمية المهارات، والرعاية الصحية، والتواصل المجتمعي. فهي تقدّم منحًا دراسية وإرشادًا مهنيًا للطلاب، وتدعم الشباب في بدء مشروعاتهم الخاصة، وتوفر مساعدة قانونية لمن يواجهون تحديات اجتماعية أو قانونية، كما تنظّم برامج تدريبية ومبادرات صحية. ومن خلال هذه الجهود المتنوعة، تتحول المؤسسة تدريجيًا إلى حركة اجتماعية تتجاوز كونها مجرد منظمة غير حكومية.
ويقود رئين فريقًا متنوعًا يضم رجالًا ونساءً. ويضم مجلس الإرشاد في المؤسسة عددًا من العلماء والأكاديميين البارزين، من بينهم: أكرم حسين القاسمي، والمفتي محبوب الرحمن القاسمي، والبروفيسور آفتاب عالم الأنصاري، والدكتورة خديجة طاهرة من جامعة دلهي، إضافة إلى الناشطين الاجتماعيين عبد السلام وسيد فاروق سيّار. كما انضم إلى الفريق مرتضى عالم، مؤسس مجلس نهضة المسلمين- الداليت، مما عزّز التحالف بين الطبقة المتخلفة والداليت (الطبقة المنبوذة).
وتتولى الجناح النسائي في المؤسسة، بقيادة ناشطات من بينهن أنجُم آرا سلطنة والمحامية فرح مِرزا، التركيز على تعليم المرأة وتوظيفها وتمكينها من خلال تنظيم ورش عمل وندوات متخصصة. ويرى رئين أن الحجوزات تشكّل حجر الزاوية في تحقيق حقوق الطبقة المتخلفة. ويقول: "على أعضاء الطبقة المتخلفة خوض نضال طويل من أجل حقوقهم، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الجهد الجماعي".
اقرأ أيضًا: محاضرات آمنة مرزا تنقل الطلاب من صفحات الكتب إلى رحاب التاريخ وآفاق الحداثة
وفي وقتٍ كثيرًا ما يجري فيه اختزال الطبقة المتخلفة إلى مجرد كتلة انتخابية، تقدّم مبادرة مِعراج رئين نموذجًا مختلفًا وأكثر تقدّمًا. فرؤيته تؤكّد أن حركة الطبقة المتخلفة لم تعد محصورة في الشعارات أو السياسة، بل بدأت تتحقق عبر عمل حقيقي وملموس على مستوى القاعد الشعبية. وإن الحركة التي يقودها رئين ترسم ملامح مستقبلٍ تقف فيه الطبقة المتخلفة ليس كرمزٍ للمعاناة فقط، بل كمنارة للتنمية والتمكين والاعتماد على الذات.