المهرجانات الهندوسية في غرب البنغال- عيد سرسواتي

24-10-2025  آخر تحديث   | 24-10-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 


سعيد الرحمن

عندما يتقهقر موسم الشتاء ويبدأ الربيع بإضفاء لمساته السحرية على مظاهر الحياة كافة، تنتشر الأزهار الجميلة لنبات الخردل بألوانها الصفراء البراقة وسط سنابل القمح الناضجة. كما تبدأ البراعم الصغيرة في الظهور على أشجار المانجو، وتملأ الطيور الحقول والحدائق بتغريدها العذب. ومع هذا المشهد البهيّ، يحتفل الناس بعيد "فاسنت بانتشامي "(Vasant Panchami)، وهو عيد يُقام مع حلول الربيع بأسماء مختلفة في معظم الولايات الهندية. وأما في ولاية غرب البنغال، فيُحتفل به باسم "سرسواتي بوجا" بأسلوبٍ يختلف عن أساليب الولايات الأخرى، ويُعدّ من المناسبات الكبرى في هذه الولاية.

ويعبد الهندوس الإلهة سرسواتي في ذلك اليوم في كل بيتٍ ومحلة، إذ تُعدّ إلهة العلوم والفنون، ولا سيما الموسيقى. وغالبًا ما تُصوَّر سرسواتي في الأيقونات والتماثيل المنحوتة على هيئة امرأةٍ جميلةٍ فاتنة الجمال. وضع على رأسها هلال وهي آخذة بالفلوت على حافة شفتيها. ووفقًا لنصوص الفيدا، فهي التي اخترعت اللغة السنسكريتية.

ويُخصَّص هذا العيد لتمجيد الإلهة سرسواتي، وبما أنها آلهة العلوم والفنون والشعر والموسيقى، فإن أكثر الناس حماسًا في عبادتها واسترضائها في هذا اليوم هم الطلبة والباحثون والكتّاب والشعراء وأساتذة الجامعات. ويضع هؤلاء أمام صور الإلهة سرسواتي الجميلة كتبهم وأبحاثهم ومقالاتهم ودواوين شعرهم وآلاتهم الموسيقية، ويتضرعون إليها بالدعاء والابتهال، راجين منها التوفيق والسداد والبركة في أعمالهم الفكرية والأدبية، وداعين بالنجاح في حياتهم العلمية المستقبلية. كما يُلقون على صورها عقودًا من الأزهار الجميلة متنوّعة الألوان، إذ لا تكتمل عبادتها إلا بالأزهار. وتحرص الفتيات في هذا اليوم على ارتداء "الساري" الجميل الملوّن بالأصفر وفقًا للعُرف المتّبع، وكذلك يفضّل الرجال ارتداء الملابس الصفراء.

ويجتمع الشبان تحت خيمةٍ في إحدى المحلّات، يحتفلون بالمناسبة بفرحٍ ونشاط، بينما يملأ الأطفال المكان صخبًا وضجيجًا، والناس في هرجٍ ومرجٍ يعمّ الأجواء. وتتعالى أنغام الموسيقى في الفضاء، وتمتزج بالأناشيد التعبدية التي تبعث في القلوب إخلاصًا وصفاءً وطهرًا.

اقرأ أيضًا: المهرجانات الهندوسية في غرب البنغال- دورغا بوجا

ويُجري طقس "البوجا"(Puja) –  أي العبادة – أحد رجال الدين المعروفين باسم "بانديت". وبعد اكتمال طقوس البوجا، تُوزَّع الحلويات التي قُدّمت أمام الإلهة سرسواتي، وفي بعض مناطق كولكاتا يُقدَّم الطعام للفقراء والمحتاجين أيضًا.
ثم تُحمل تماثيل الإلهة سرسواتي في سياراتٍ مزينة، وتنطلق بها المواكب في الشوارع وسط أجواء احتفالية بهيجة، حتى تصل إلى نهرٍ أو بركةٍ تُلقى فيها صور الإلهة، في إشارةٍ رمزيةٍ إلى عودتها إلى السماء. وبعد انتهاء المراسم، يتبادل الناس التهاني والهدايا والتحف. والجدير بالذكر أن سرسواتي مع كونها إلهة العلوم والفنون والموسيقى والشعر لا يوجد لها أي معبد كما نجد للآلهة الأخرى. وإنها تعبد في البيوت لا في المعابد. (يتبع)

قصص مقترحة