الهند والمملكة العربية السعودية: 78 عامًا من الصداقة بعد الاستقلال

14-08-2025  آخر تحديث   | 14-08-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | محمد مدثر قمر 
الهند والمملكة العربية السعودية: 78 عامًا من الصداقة بعد الاستقلال
الهند والمملكة العربية السعودية: 78 عامًا من الصداقة بعد الاستقلال

 


محمد مدثر قمر*

تُعد الهند والمملكة العربية السعودية دولتين مهمتين واقتصادين رئيسين في العالم. وقد برزت الدولتان كقوة عالمية فاعلة. ويركّز البلدان على التنمية الاقتصادية وازدهار شعبيهما. وقد ساهم التزامهما بالسلام والاستقرار، ونبذهما للتطرف والهيمنة، في تقاربهما.

وتمتعت الهند والمملكة العربية السعودية بعلاقات ودية ومتينة، تستند إلى روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية راسخة. وأقام البلدان علاقات دبلوماسية رسمية عام 1947م، بعد استقلال الهند. ومع احتفال الهند بعيد استقلالها الثامن والسبعين، تطورت العلاقات الثنائية لتكتسب صداقة وثيقة وروابط استراتيجية.

وتواصلت العلاقات الهندية-السعودية نموها منذ ذلك الحين. وقام الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود بجولة في الهند عام 1955م، وزار رئيس الوزراء الأول جواهر لال نهرو المملكة عام 1956م. ومع استمرار الجانبين في تطوير علاقاتهما الخارجية والعمل على تعزيزها، زارت رئيسة الوزراء إنديرا غاندي المملكة العربية السعودية عام 1982م،  إيذانًا ببداية عهد جديد في العلاقات الثنائية.

وعززت هذه الزيارات العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية بين البلدين. ومع تعزيز صناعة النفط في المملكة العربية السعودية، سافر عدد كبير من الهنود إلى المملكة بحثًا عن عمل في صناعة النفط المزدهرة. وعلاوة على ذلك، بدأت الهند أيضًا في استيراد النفط من المملكة. كما ازدادت تجارة السلع الأخرى، وخاصةً صادرات المنتجات الزراعية والغذائية من الهند. كما ظلت العلاقات الثقافية قوية مع ذهاب عدد كبير من الهنود إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء فريضة الحج، والعمرة. وساهم تبادل الأفراد والطلاب في تعزيز العلاقات الثنائية.

ومع إعادة الهند تقويم سياستها الخارجية وبدئها في توسيع علاقاتها مع "الجوار الممتد"، بدأت علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها المملكة العربية السعودية.

وكانت الزيارة التاريخية للملك عبد الله إلى الهند في يناير 2006م نقطة تحول نتج عنها توقيع "إعلان دلهي". وتبعتها زيارة رئيس الوزراء الدكتور مانموهان سينغ إلى المملكة في فبراير ومارس 2010م. وتم توقيع "إعلان الرياض" خلال الزيارة، مما رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية. وعززت زيارة الملك سلمان للهند بصفته وزيرًا للدفاع في فبراير 2014م العلاقات الثنائية، لا سيما في المجالين الدفاعي والاستراتيجي.

وركز رئيس الوزراء ناريندرا مودي بشكل خاص، بعد توليه السلطة، على تعزيز العلاقات الثنائية مع دول الخليج العربي بما فيها المملكة العربية السعودية. وفي أبريل 2016م، زار رئيس الوزراء مودي الرياض إيذانًا بعهد جديد في العلاقات الثنائية. وقد جسدت الزيارة روح التعاون المعزز في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية. وخلال الزيارة، منح الملك سلمان رئيسَ الوزراء مودي وشاح الملك عبد العزيز، وهو أعلى وسام مدني في المملكة، مما يدل على الأهمية التي توليها المملكة العربية السعودية لعلاقاتها مع الهند.

وأدّت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الهند في فبراير 2019م إلى تعزيز العلاقات الثنائية. وكانت هذه أول زيارة لولي العهد إلى الهند. وخلال الزيارة، أُعلن أن المملكة ستستثمر ما يقرب من 100 مليار دولار أمريكي في الهند، وتم توقيع ست مذكرات تفاهم/اتفاقيات في مجالات مختلفة، بما في ذلك الاستثمار والسياحة والإسكان وغيرها. وتم توقيع اتفاقية لتمهيد الطريق أمام المملكة العربية السعودية للانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية.

ومنذ ذلك الحين، التقى الزعيمان عدة مرات وتبادلا وجهات النظر حول القضايا الثنائية والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. وزار رئيس الوزراء مودي المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2019م، بينما زار ولي العهد رئيس الوزراء محمد بن سلمان الهند في سبتمبر 2023م للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. كما أعلنت الهند والمملكة العربية السعودية إلى جانب شركاء عالميين آخرين عن خطط "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" خلال هذه المناسبة.

وفي أبريل 2025م، قام رئيس الوزراء مودي بزيارة أخرى إلى المملكة تعكس الشراكة القوية المستمرة بين البلدين. وخلال الزيارة، التقى بالقيادة السعودية وتبادل وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات التي تشمل التجارة والطاقة والأعمال والاستثمارات والعلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى العلاقات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية والأمنية والدفاعية. كما تستمر العلاقات الثقافية في النمو مع مشاركة عدد كبير من الهنود في الحج السنوي، وفي العمرة على مدار العام.

فإن الهند والمملكة العربية السعودية تتمتعان بعلاقات وثيقة وودية مع تاريخ طويل من الاتصالات الاجتماعية والثقافية والتجارية. وبصفتهما شريكين استراتيجيين، تربطهما علاقات ثنائية متينة في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والدفاع والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والصحة والتعليم والثقافة، بالإضافة إلى العلاقات بين الشعبين. وقد تطورت علاقات الهند والمملكة العربية السعودية إلى شراكة أقوى وأكثر استدامة خلال العقد الماضي، وتوسعت لتشمل العديد من المجالات الاستراتيجية، مع تزايد الالتزامات الاستثمارية، وتوسيع التعاون الدفاعي، والتبادلات المكثفة رفيعة المستوى بين القطاعات.

* أستاذ مشارك في دراسات الشرق الأوسط بجامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.

قصص مقترحة