المهاتما غاندي والمسلمون

02-10-2025  آخر تحديث   | 02-10-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | Saquib Salim 
المهاتما غاندي والمسلمون
المهاتما غاندي والمسلمون

 


 ثاقب سليم

لقد كان المهاتما غاندي وموقفه من المسلمين موضوعًا للنقاش بين الهنود أكثر من أي جانب آخر من شخصيته. فاليمين الهندوسي المتشدد يرى أن غاندي كان يميل إلى استرضاء المسلمين إلى حدٍّ تغاضى فيه عن مصالح الهندوس، بينما يذهب اليمين الإسلامي إلى القول إن غاندي كان هندوسيًا متدينًا يحمل نزعة متعصبة ومعادية للمسلمين.

وما هي الحقيقة؟ قبل أي شيء آخر، ينبغي ألا ننسى أن ناثورام غودسي أطلق النار على المهاتما غاندي وقتله، فقط لأنه كان يعتقد بأن غاندي مؤيد للمسلمين. وفي عامي 1947-1948م كان الاعتقاد السائد أن غاندي يدعم المسلمين.

وكان غاندي على اتصال وثيق بالمسلمين منذ أيامه في إنجلترا. وكان مظهر الحق أحد أصدقائه هناك، وقد ساعده لاحقًا في تنظيم حركة الساتياغراها في تشامباران، وهي الحركة التي أطلقت غاندي إلى الساحة السياسية الهندية.

وقد كتب غاندي: "عرفتُ المولانا مظهر الحق في لندن عندما كان يدرس القانون، وعندما التقيتُ به في مؤتمر بومباي عام 1915م – العام الذي كان فيه رئيسًا للرابطة الإسلامية– جدّد معرفتنا القديمة".

وعندما ذهب غاندي إلى باتنا عام 1917م، كان مظهر الحق الشخص الوحيد الذي يعرفه هناك، فطلب مساعدته. ولم يخيّب مظهر الحق أمله، بل ظل ركيزة أساسية في حركة الساتياغراها في تشامباران.

وفي عام 1893م، عندما لم يكن عمل غاندي في المحاماة يدرّ عليه دخلاً كافيًا، انضم إلى شركة في جنوب إفريقيا بصفته مستشارًا قانونيًا. وكانت هذه الشركة هي "دادا عبد الله وشركاه"، المملوكة للمسلمين الميمن. وقد منحه شيث عبد الكريم جهافيري عقدًا للعمل مع الشركة في ناتال، حيث استقبله هناك بنفسه شيث عبد الله. وكان الشخص الذي خاض ضده غاندي معركة قضائية هو شيث طيّب الحاج محمد، لكن غاندي أقنعه بالتسوية خارج المحكمة. ولاحقًا، عندما أطلق غاندي أول حركة سياسية له، أو ما عُرف بـ الساتياغراها الأولى في جنوب إفريقيا، كان هؤلاء المسلمون هم مموّليه ومرشديه ومعاونيه وكتّابه، بل كل ما احتاج إليه من دعم ومساعدة.

وفي عام 1915م، عاد غاندي من جنوب إفريقيا إلى الهند. وكان من أوائل الشخصيات العامة التي سعى للقاء بها هو البير (الشيخ الصوفي) في لُواري بالسند. وقد ذكرت تقارير الاستخبارات البريطانية: "لقد سمع عن البير من خلال بعض المريدين الميمَن الذين كانوا عملاء له في جنوب إفريقيا، ومؤخرًا أوضح له أتباع البير في بُوربندر أن البير دعاه لزيارته… وفي المساء جرى اللقاء (بين غاندي والبير) في غرفة داخلية. وكان الشخص الوحيد المسموح له بالحضور خادمًا مسنًا للبير – يُحتمل أن يكون الخليفة الحاج محمود. وقد استمر اللقاء حوالي 20 دقيقة".

وبعد اللقاء، دعا البير إلى مقاطعة البضائع البريطانية وعدم التعاون مع سلطاتها. وكان هناك بير آخر، هو محبوب شاه، أول من اعتُقل خلال حركة عدم التعاون عام 1920م. وقد شكّلت العلاقة مع بير لُواري أساسًا مهمًا لقيادة غاندي في الهند.

ومع اقتراب الحرب العالمية الأولى من نهايتها، هيمنت أحداث قانون رولات، ومجزرة جاليانوالا باغ، وقضية الخلافة على المشهد السياسي في الهند. وكان هذا هو الوقت الذي برز فيه غاندي كزعيم جماهيري. وفي هذه المرحلة، رافقه في رحلاته عبر أنحاء الهند شخصيات بارزة مثل شوكت علي، ومحمد علي، وبي أمّا، وأمجدي بيغُم، والدكتور أنصاري وغيرهم. بل إن غاندي انتُخب أيضًا زعيمًا للجنة الخلافة.

وبعد حركة الخلافة، أصبح عباس طيّب جي وأسرته من أهم حلفاء غاندي. وخلال مسيرة داندي، قدّمت أسرة طيّب جي دعمًا مهمًا لحركته. وأما خان عبد الغفار خان، الملقب بـ”غاندي الحدود”، فكان أكثر أتباع غاندي إخلاصًا، وقد صرّح غاندي نفسه بأن لا أحد كان وفيًّا لمبدأ اللاعنف مثل عبد الغفار خان.

اقرأ أيضًا: أهمية وأثر فكر غاندي في العالم العربي

ولقد حافظ غاندي على علاقة وثيقة بأصدقائه وأتباعه المسلمين طوال حياته، وكان من بينهم البروفيسور عبد الباري، وحكيم أجمل خان، والمولانا أبو الكلام آزاد، وخواجة عبد الحميد، وغيرهم كثيرون. وقد جلب له موقفه المبدئي والثابت تجاه فلسطين، وإيمانه بوحدة الهندوس والمسلمين، وإعجابه بالتصوف، انتقاداتٍ من المتعصبين المعادين للمسلمين. ومع ذلك، ظل غاندي هندوسيًا متدينًا طوال حياته.