محمد أكرم
القصة اللافتة لمحمد إبراهيم، أحد سكان منطقة رَمْنَا في مقاطعة موتيهاري، تُلهِم ليس فقط شباب بيهار، بل الشباب في جميع أنحاء الهند.ورحلته من موتيهاري إلى دبي تُعد شهادة قوية على الإصرار والهدف.
وينحدر إبراهيم من حيّ متواضع في شرق تشامباران، وقد حظيت مسيرته نحو النجاح مؤخرًا بتكريم مهم، حيث نال جائزة أفضل خدمات السفر والهجرة من جامعة أكسفورد، في محطة بارزة من رحلته المهنية.
ولكن إبراهيم ليس مجرد رائد أعمال ناجح، بل هو أيضًا ناشط اجتماعي، وتربوي، ومرشد، ساعد مئات الشباب في الحصول على فرص عمل في مختلف القطاعات.
وقال إبراهيم لموقع "آواز دي وايس": "لقد موّلتُ بنفسي تعليمَ عدد من الطلاب حتى البكالوريوس، ممن لم يكونوا قادرين على تحمل التكاليف. فمن واجبي أن أردّ الجميل للمجتمع".
وقد حظيت مساهماته في مجالَي الأعمال والمجتمع بالتقدير خلال الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى أبوظبي، حيث حظي إبراهيم بشرف استقباله في القصر الرئاسي.
وبالإضافة إلى ذلك، كرّمه "اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية" في دبي تقديرًا لإنجازاته البارزة في مجال خدمات السفر والهجرة.
وبدأ إبراهيم رحلته التعليمية في مدرسة الحراء، ثم التحق بجامعة الإمام ابن تيمية حيث درس العلوم الدينية والاجتماعية.
وأكمل مرحلة الثانوية من مدرسة "غوبال شاه الثانوية" في موتيهاري، ثم انتقل إلى كولكاتا لمتابعة دراسته العليا، حيث حصل على شهادة في إدارة الفنادق من "معهد سوبهاش بوس لإدارة الفنادق"، كما نال لاحقًا درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سيكّيم مانيبال.
وفي عام 2009م، نال إبراهيم "جائزة الرئيس" من الدكتور إيه. بي. جيه. عبد الكلام، وذلك عبر "بهارات سكاوتس".
وبدأ مسيرته المهنية ككابتن في فندق "ليلا بالاس" بمدينة بنغالورو، ثم حصل لاحقًا على وظيفة مشرف في فندق "برج العرب" الشهير بدبي، وهو المنصب الذي شكّل بداية مسيرته الدولية المزدهرة.
ومن منطلق رغبته الصادقة في تمكين الآخرين، أدى إبراهيم دورًا محوريًا في مساعدة مئات الشباب من الهند ونيبال وبنغلاديش على الحصول على وظائف في منطقة الخليج، شملت مجالات مثل النُدُل، والسباكة، والكهرباء، والتنظيف، والأعمال الإشرافية.
ويعزو إبراهيم الفضل في حصوله على الفرصة الأولى لتأسيس شركته الخاصة إلى أحد أفراد العائلة المالكة في أبوظبي، الذي مدّ له يد العون في بداية الطريق.وبالتحالف مع مجموعة من المديرين العامين، شهدت شركته نموًا سريعًا خلال عامين فقط.وبعد الوفاة المفاجئة لشيخه في لندن، مضى إبراهيم قدمًا لتأسيس شركته الخاصة.
اليوم، تتألف مجموعته التجارية من ثلاث شركات:Prime Arabia Global Services؛ وPrime Arabia C.T Services؛ وAban Properties Management LLC. وتتخصص هذه الشركات في إدارة المرافق، كما تقدّم برامج تدريبية في إدارة الفنادق، والمهارات التقنية الأخرى، مما أتاح فرص عمل لمئات الشباب، يعمل العديد منهم الآن في فنادق خمس نجوم وقطاعات صناعية متنوعة.
ورغم إقامته في دبي، لا يزال إبراهيم مرتبطًا بجذوره ارتباطًا عميقًا. فمنذ 15 عامًا، يدعم الطلاب المحرومين من خلال "نادي الدكتور إيه. بي. جيه. عبد الكلام للعلوم"، حيث يوفر لهم الموارد الأكاديمية الأساسية. كما أسس مكتبة مجانية في منطقة رمنا بموتيهاري، لتكون مساحة هادئة للطلاب للدراسة.
ويُدير إبراهيم حاليًا دورات تعليمية مجانية في تشاكيا، بشرق تشامباران، ويخطط لتوسيع هذه المراكز لتشمل أنحاء المنطقة كافة.ومؤخرًا، قدّم دعمًا ماليًا للطالب المحلي أبهاي كومار بعد نجاحه في اجتياز امتحان القبول في المعهد الهندي للتكنولوجيا، وكرّمه تقديرًا لإنجازه.
ويبعث إبراهيم برسالة ملهمة إلى الشباب، قائلًا:"إذا أردت النجاح في الحياة، فابدأ بتقدير قيمة الوقت. والتزم بروتين يومي، واجعل من العمل الجاد مبدأك الأول."
ويؤكد إبراهيم أن دبي تُوفر فرصًا هائلة للهنود، حيث يشكّل الهنود ما يقرب من 80% من القوى العاملة هناك. ومع عدم وجود ضريبة على الدخل، يمكن حتى للرواتب المتواضعة أن تُحقق مدخرات كبيرة.ويعتقد بأن الهنود المتفانين والمَهَرة قادرون على تحقيق نجاحات عظيمة في الخارج.
ويؤمن إبراهيم إيمانًا راسخًا بأن بيهار تزخر بالمواهب، لكنها تفتقر إلى التوجيه الصحيح. وهو يتطلّع إلى مستقبل تُمنح فيه الأولوية للتعليم الفني وتنمية المهارات في تشامباران، لتمكين شباب المنطقة من التألق على المنصات العالمية.
اقرأ أيضًا: خورشيد أحمد.. مجدّد الروح الثقافية في بيهار
وإن قصة محمد إبراهيم تمثّل مثالًا استثنائيًا على كيف يمكن أن يحقّق شاب من بلدة صغيرة نجاحًا عالميًا، وفي الوقت نفسه، يُمكّن المئات من الآخرين من رسم طريقهم نحو مستقبل أفضل. وإن التزامه الراسخ بالتعليم والخدمة المجتمعية يثبت أن المرء، وإن كان يعيش في الخارج، لا يزال بإمكانه أن يترك أثرًا عميقًا في وطنه ومجتمعه وبلاده.