جاجبور
قاد الحنين إلى الجذور المواطن الموريشي رامروب جاغاناث إلى قرية نائية في منطقة جاجبور بولاية أوديشا الهندية، سعيًا لاكتشاف أصول عائلته المفقودة التي غادرت موطنها قبل أكثر من مئة وخمسين عامًا.
ورغم أن محاولاته الأولى لم تكلل بالنجاح وأصابته خيبة أملٍ كبيرة، فإن إيمانه العميق بالإله جاغاناث، ودعم إدارة منطقة جاجبور، أعادا إليه الأمل من جديد. وفي محاولته الرابعة، استطاع أخيرًا أن يعثر على القرية التي تنتمي إليها أسرته، ليضع حدًا لرحلة بحثٍ طويلة امتزجت فيها العاطفة بالإصرار.
وفي مشهدٍ مؤثرٍ يغمره الحنين، عبّر رامروب جاغاناث عن حبه العميق للهند وارتباطه بجذوره الثقافية والروحية، حين انحنى على أرض القرية وجمع حفنةً من ترابها ليحملها معه إلى موريشيوس، قائلًا: "اليوم يومٌ استثنائي في حياتي... أحمل معي هذا التراب إلى وطني، ليبقى شاهدًا على الصلة التي لا تنقطع بيني وبين أرض أجدادي".
ويعود تاريخ هجرة أسلافه إلى عام 1870م، أي قبل نحو 155 عامًا، حين تم نقلهم من قبل البريطانيين إلى موريشيوس لأداء العمل اليدوي القسري، فيما كان يُعرف آنذاك باسم نظام العمال المتعاقدين (غيرميتيا).
وقال جاغاناث موضحًا: "كان البريطانيون في ذلك الوقت يسجلون كل شيء بدقة — اسم المهاجر، واسم والديه، ورقم الرحلة، واسم السفينة، والبلد الذي نُقل إليه. وقد ورد في السجلات أن موطن أجدادي هو قرية تقع في منطقة جاجبور، ضمن مقاطعة كوتاك، وتحديدًا في براغانا مولغاون. واليوم، بعد سنواتٍ من البحث، أستطيع أن أقول بثقة إنني وجدت جذوري هناك".
كان رامروب جاغاناث قد زار الهند في أعوام 2012م، و2015م، و2019م، سعيًا للعثور على قريته الأصلية، لكن تلك الزيارات لم تسفر عن أي نتائج تُذكر. ومع ذلك، وبفضل تشجيع أصدقائه وإيمانه العميق بقدرته على الوصول، قرر القيام بالزيارة الرابعة التي كانت مختلفة عن سابقاتها، إذ نجح أخيرًا في تحديد موقع القرية التي ينتمي إليها، رغم أنه اكتشف بأسى أن أسرته لم تعد تعيش هناك.
ومع ذلك، عبّر عن تفاؤله الكبير بالعثور على أفراد أسرته بمساعدة السلطات المحلية، مؤكدًا أنه سيواصل البحث حتى يلتقي بهم.
وفي ختام رحلته، وجّه جاغاناث نداءً إلى الحكومة الهندية لدعم الجالية الهندية في موريشيوس، التي يُقدّر عددها بنحو ثلاثة آلاف شخص، لبناء معبد لجاغاناث هناك، قائلًا: "يوجد في موريشيوس نحو ثلاثة آلاف شخص من أصول أوديشا، ونحلم ببناء معبد للإله جاغاناث هناك، لذلك أوجّه طلبًا إلى الحكومة الهندية لتقديم الدعم والمساعدة في تحقيق هذا الحلم الذي يجمعنا بجذورنا الروحية والثقافية".
اقرأ أيضًا: حين تحولت السياسة إلى معركة هوية: انتخابات بيهار لعام 1946م
وقد أكد محافظ منطقة جاجبور، أمبار كومار كار التزامه بمواصلة دعم جاغاناث في مسعاه لإعادة الاتصال بعائلته، ودعاه إلى العودة إلى أوديشا متى شاء لاستكمال رحلته الروحية والإنسانية.