دولت رحمن/غُواهاتي
في أحد أيام أواخر السبعينيات، وبعد يوم شاق من قيادة عربة الركشة في منطقة شريبومي جنوب آسام، استلقى أحمد علي على سريره. كان علي، الذي كان في أواخر الثلاثينيات من عمره، ينقل الركاب على عربته طوال اليوم ليكسب قوت يومه ويوفّر لأسرته ما تحتاج إليه، ولذلك كان في أمسّ الحاجة إلى نوم عميق.
تلك الليلة، لم يغمض لأحمد علي جفن؛ فقد أفاق من نومه مذعورًا بسبب كابوس أزعجه بشدة. ظلّ يتقلب في فراشه طوال الليل وهو يفكر في حلمه. رأى أن طفله، الذي لم يولد بعد، يعمل هو أيضًا في جرّ عربة الركشة لكسب قوته، لأنه، تمامًا كوالده، كان أميًا لا يعرف القراءة والكتابة.
ظلّ التفكير في مستقبل طفله من دون تعليم يطارده بشدّة، حتى اتخذ قرارًا حاسمًا بفعل شيء حيال ذلك. كان يعلم يقينًا أن الأطفال الفقراء، ومن بينهم أطفاله، لا يمكنهم تغيير مصيرهم إلا من خلال الذهاب إلى المدرسة والحصول على التعليم.
اليوم، وبعد مرور خمسة عقود، أصبح أحمد علي، البالغ من العمر 89 عامًا، من منطقة خيلوربوند-مدهوربوند في دائرة باثركاندي بمنطقة شريبومي (التي كانت تُعرف سابقًا باسم كرمغانج) في جنوب آسام، شخصية وطنية مشهورة وصانع تغيير بحق.
أنفق علي جميع مدّخراته التي جمعها من عمله في جرّ عربة الركشة، إضافةً إلى ما حصل عليه من بيع 32 بيغها من الأرض الموروثة عن أجداده، في تأسيس تسع مدارس في منطقته. واليوم، يُقدّر عدد الطالبات في هذه المدارس بنحو 500 طالبة، إلى جانب 100 طالب.
أسّس علي أول مدرسة ابتدائية في عام 1978م بعد أن باع قطعة من أرضه. كما تلقّى تبرعات بسيطة من أهل القرية. ومنذ ذلك الحين، لم يتراجع علي أبدًا عن حلمه في تعليم جميع الأطفال الفقراء في منطقته، وواصل مسيرته بإصرار وثبات.
ومن بين المدارس التسع التي أسّسها علي في منطقة خيلوربوند-مدهوربوند والمناطق المجاورة لها، هناك ثلاث مدارس ابتدائية، وخمس مدارس متوسطة (باللغة الإنجليزية)، ومدرسة واحدة ثانوية. وقد تم إلحاق خمس من هذه المدارس بالنظام الحكومي، حيث يتقاضى المعلمون والموظفون فيها رواتب من الحكومة، بينما يعمل المعلمون في المدارس الأخرى بشكل تطوّعي دون أجر.
ولم يتوقف علي عن الحلم أو عن توسيع نطاق رسالته. فهو يبذل جهودًا حثيثة لافتتاح كلية متوسطة بالقرب من قريته، حتى يتمكن الطلاب الذين يجتازون امتحان الصف العاشر في مدارسه من مواصلة تعليمهم في تلك الكلية.
ويُخطط علي أيضًا لإنشاء مزيد من المدارس في قريته والمناطق المجاورة لها. ويقول: "بفضل الله وتوفيقه وغمره لي بالبركة، فأنا ماضٍ في مهمتي لتغيير حياة الأجيال القادمة. أشعر بالسعادة لأنني استطعت تعليم أطفالي إلى جانب بقية أطفال قريتنا".
وقال علي لموقع "آواز دي وايس": "بعض خريجي هذه المدارس يبلون بلاءً حسنًا في حياتهم اليوم، وقد حصلوا على وظائف ويعيشون باستقرار. وهذا يمنحني شعورًا بالرضا والارتياح في أعماقي. وأنا أناشد الأثرياء وأصحاب النفوذ من أبناء مجتمعي أن يقدموا لي الدعم المالي لتأسيس المزيد من المدارس".
وبالنسبة لعلي، يُعدّ التعليم أعظم وأهم ما في الحياة، وينبغي أن يحظى كل إنسان بفرصة للحصول عليه.
وقال علي: "اختيار عدم التعلّم هو خطيئة. فأول كلمة نزلت في القرآن الكريم هي (اقرأ). وترد هذه الكلمة في مطلع الآية الأولى من سورة العلق (السورة 96). وإن نزول كلمة (اقرأ) يبرز أهمية المعرفة والتعلّم ودور التعليم في الإسلام. وسأواصل جهودي في إنشاء المزيد من المدارس حتى آخر نفس في حياتي".
اقرأ أيضًا: الجاليات العربية في حيدرآباد ومومباي: مساهمات ثقافية في إثراء الهند
وأثار حضور أحمد علي في الاحتفالات بيوم الجمهورية في نيودلهي هذا العام اهتمامًا واسعًا على مستوى البلاد.
ووجّهت حكومة ناريندرا مودي دعوة خاصة إلى أحمد علي لحضور الاحتفالات بيوم الجمهورية، تقديرًا لخدماته الاستثنائية للمجتمع.
وكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد ذكر أحمد علي في وقت سابق في برنامجه الإذاعي الشهري "من كِي بات".