نجاح رخسانة يبعث الأمل في قلوب فتيات المناطق المهمّشة

13-12-2025  آخر تحديث   | 13-12-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
 رخسانة
رخسانة

 


 فردوس خان/ميوات

تمكّنت رخسانة من قرية سوناري في مقاطعة نوح، بفضل عملها الدؤوب وصبرها وثقتها بنفسها فقط، من أن تصبح قاضية صلح. وتحظى رخسانة بتقدير واحترام كبيرين داخل المجتمع الميواتي وعلى مستوى الولاية بأكملها. 

وبدأت رخسانة تعليمها في مدرسة ميوات النموذجية في تاورو، حيث أنهت دراستها حتى الصف العاشر. ثم التحقت بجامعة عليكراه الإسلامية لمتابعة تعليمها العالي، فأكملت الصف الثاني عشر، وحصلت على درجة البكالوريوس في القانون. وقادها حبّها للدراسة وحلمها بالعمل في المجال القانوني إلى الجامعة الملية الإسلامیة في دلهي، حيث نالت درجة الماجستير في القانون. وقد أسهمت سنواتٌ من التعلّم المتواصل ليس فقط في ترسيخ أسسها العلمية، بل أيضًا في صقل عزيمتها على ملاحقة أحلامها بإصرار أقوى.

وتُعرَف منطقة ميوات في ولاية هاريانا بتخلّفها ونقص مواردها، غير أنّ أبناء هذه المنطقة أثبتوا مرارًا وتكرارًا قدرتهم على تحقيق أحلامهم بالعمل الجادّ. وكانت رخسانة تحلم بأن تصبح قاضية منذ أن كانت في الصف السابع. ورغم صغر سنّها آنذاك، كان طموحها كبيرًا للغاية. وقد جعلت من هذا الحلم هدفًا لحياتها، وبدأت الاستعداد له على هذا الأساس. وفي عامي 2021–2022، تقدّمت لامتحان الخدمة القضائية في ولاية هاريانا، لكنها لم تُوفَّق في محاولتها الأولى. ثم شاركت في امتحان الخدمة القضائية في ولاية أترا برديش، حيث لم تُوفَّق في مرحلة المقابلة الشخصية. 

وقد تهزّ إخفاقاتٌ متتالية عزيمة أي شخص، غير أنّ رخسانة رفضت أن تسمح لذلك بإضعاف روحها. فتماسكت، وطوّرت استعدادها، ودخلت مجددًا ساحة الامتحانات بعزيمة كاملة. وهذه المرة خاضت امتحان الخدمة القضائية في ولاية غرب البنغال، وحقّقت المركز الثالث على مستوى الولاية بأكملها، مؤكدةً أن العمل الجاد لا يضيع سدى.

ولم يكن اختيار رخسانة قاضيةَ صلحٍ مصدرَ فخرٍ كبيرٍ لعائلتها فحسب، بل لجميع أبناء منطقة ميوات. وتقول رخسانة إن الفضل الأكبر في نجاحها يعود إلى عائلتها. فعندما أخبرت والدها، وهي في سنٍّ صغيرة، بحلمها في أن تصبح قاضية، غمرته السعادة الغامرة. وقد دعمها في كل خطوة، فحرص على إلحاقها بأفضل المؤسسات التعليمية، وركّز على تعليمها، ولم يسمح يومًا بأن تشعر بالإحباط. وتؤمن رخسانة بأن التعليم هو الأداة الأهم للفتيات، لأنه يمنحهنّ الاعتماد على النفس. 

ووفقًا لها، فإن التعليم والمهارة عنصران أساسيان يمنحان القوة لأي فرد، ويمكن أن يوصلاه إلى آفاق لم يكن يتخيّلها يومًا. كما تناشد رخسانة الفتيات وذويهنّ عدم وضع أي عوائق في طريق تعليم الفتيات. وتقول إن كثيرين يعتقدون بأنه ما دام عليهم أيضًا تحمّل نفقات زواج بناتهم، فلا داعي للاستثمار كثيرًا في تعليمهن، وهو ما ترى أنه تفكيرٌ خاطئ ينبغي تغييره.

وتقول إن الحقيقة هي أن المال الذي يُنفق على تعليم الطفل هو أفضل استثمار، إذ يظل نافعًا مدى الحياة. وتضيف أن الوطن بحاجة إلى قضاء نزيه، وأنها ستبذل قصارى جهدها لخدمة البلاد بكل أمانة وإخلاص. ويستعيد والدها، محمد إلياس، الذي شغل منصب مدير أول في بنك سارف هاريانا غرامين، ذكرياته قائلًا إن زوجته كانت ترغب في تزويج ابنتهما بعد إتمام الصف الثاني عشر، إلا أن رخسانة كانت تطمح إلى مواصلة دراستها. وقد ساندها، وأقنع زوجته، وأرسل رخسانة بعيدًا عن المنزل لإكمال تعليمها العالي. وبمشاهدته لتفانيها، كان يؤمن دائمًا بأنها ستحقّق إنجازًا لافتًا. وعندما وصلت رخسانة إلى نوح واستُقبلت استقبالًا حافلًا في نقابة المحامين بالمنطقة، كان ذلك بالنسبة إليه لحظة لا تُنسى.

وقد انهالت عليه التهاني بنجاح ابنته، فغمره شعور عميق بالفخر. ويقول إنها لم تجلب الشرف للعائلة فحسب، بل أثبتت أن الفتاة القادمة من قرية صغيرة قادرة على بلوغ أعلى المناصب. وتسير شقيقتها الصغرى، دلشانا، على خطاها؛ إذ درست هي الأخرى حتى الصف العاشر في مدرسة ميوات النموذجية، ثم حصلت على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة عليكراه الإسلامية، وأتبعت ذلك بشهادة الماجستير في القانون من الجامعة الملية الإسلامية. وتستعد دلشانا حاليًا لخوض امتحانات الخدمة القضائية، وقد وصلت مؤخرًا إلى مرحلة المقابلة الشخصية في امتحان الخدمة القضائية لولاية هيماتشال براديش، وحصلت على مكان في قائمة الانتظار. ولم تقتصر براعة الشقيقتين على التفوق الأكاديمي فحسب، بل تألقتا في المجال الرياضي، وكانتا من أبرز الرياضيات في جامعة عليكراه والمناطق المجاورة.

اقرأ أيضًا: من قرية صغيرة إلى فلوريدا.. حكاية إصرار لا يُهزم

وقصة رُخسانة ليست مجرد قصة نجاح فتاة واحدة، بل هي انتصار لعقلية تؤمن بتمكين الفتيات. وإنها حكاية مُلهمة تُعلّمنا أنه مهما كانت الصعوبات، يجب أن تكون الأحلام أكبر. واليوم، تقف هذه الفتاة من ميوات رمزًا للأمل لكل فتاة تطمح إلى تحقيق إنجاز ذي قيمة في الحياة. ورحلتها تحمل رسالة قوية: التعليم والعمل الجاد والعزيمة كفيلة بفتح أي باب.

قصص مقترحة