من المصرف إلى المجتمع: مسيرة أبرار أحمد في خدمة الإنسان

31-10-2025  آخر تحديث   | 30-10-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
من المصرف إلى المجتمع: مسيرة أبرار أحمد في خدمة الإنسان
من المصرف إلى المجتمع: مسيرة أبرار أحمد في خدمة الإنسان

 


زيب أختر/رانشي

لقد أمضى أبرار أحمد أكثر من ثلاثة عقودٍ من حياته في العمل من أجل خدمة المجتمع في رانشي. ويُعرف بأنه الرجل الذي يتدخل دائمًا حيثما يتعثّر طفلٌ عن الدراسة بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم، أو حيثما يتجول المرضى الفقراء في عجزٍ بحثًا عن علاج، أو حين تهدد التوترات الطائفية بتقسيم الناس.

وكان في السابق موظفًا مصرفيًا ومرتبطًا ارتباطًا وثيقًا برابطة المسرح الشعبي الهندي، وقد عمل بلا كللٍ على المستويين الفردي والمؤسسي. كما شغل منصب المنسق لعددٍ من المنظمات مثل مبادرة مولانا آزاد للإنسانية، وغيرها.

وبصفته مدير "مؤسسة أنجُم أبرار"، فقد سخّر موارده الشخصية لمساعدة المحتاجين. ومن أغسطس 2013م إلى أغسطس 2022م، شغل منصب رئيس جمعية أنجمن إسلامية رانشي ومستشفاها. كما أنه عضوٌ مدى الحياة في عددٍ من المؤسسات، من بينها جمعية الصليب الأحمر، وغرفة تجارة وصناعة جهارخاند، ونادي الكريكيت الريفي..

ويؤمن أبرار بأن "التعليم هو المفتاح الذي يمكنه فتح خزائن المجتمع المغلقة". وانطلاقًا من هذا الإيمان العميق، كرّس جهوده الدائمة للأطفال والشباب. وخلال رئاسته لجمعية أنجمن إسلامية رانشي، نظّم منحًا دراسية للطلاب الفقراء، وأطلق مسابقاتٍ للمواهب ومسابقاتٍ ثقافية وعلمية، ليضمن أن التعليم لا يقتصر على الكتب الدراسية فحسب، بل يمتد لبناء الثقة وتنمية المهارات العملية لدى الشباب.

وخلال جائحة كوفيد-19، حين أُغلقت المدارس واقتصر التعليم عبر الإنترنت على من يملكون الهواتف الذكية أو الحواسيب المحمولة، تُرك آلاف الأطفال خارج منظومة التعلم. وفي تلك الفترة، أطلق أبرار مبادرة "مراكز التعليم المجتمعية". وفي مناطق محرومة مثل هندبيري، وأزاد بَسْتي، وعلي ناغار، تم إنشاء صفوف صغيرة تولّى فيها طلاب الجامعات والمعلمون المتطوعون تدريس الأطفال. وُزعت الكتب والدفاتر مجانًا، مع الالتزام التام بالإجراءات الصحية.

ولإعطاء التعليم بُعدًا جديدًا، أسّس في عام 2020م، مكتبة ومركز مولانا آزاد للدراسة في قرية بيروتولا بمنطقة كانكي، حيث كانت الكتب في الماضي حلمًا بعيد المنال. وقد فتحت هذه المكتبة آفاقًا جديدة للأطفال والشباب، فصارت نافذةً نحو عالمٍ من المعرفة. وبالمثل، خلال المعارض التعليمية والثقافية السنوية التي تُنظَّم في ذكرى ميلاد مولانا آزاد، يُشارك مئات الأطفال في عرض مواهبهم من خلال الرقص، والخطابة، والمسابقات الثقافية والعلمية.

وتحت مظلة مبادرة مولانا آزاد للإنسانية، نظّم أبرار ورش عملٍ في "الرياضيات السريعة" و"الرياضيات الفيدية"، شاركت فيها أعدادٌ كبيرة من الفتيات. ويرى أبرار أن التعليم لا يقتصر على نيل الشهادات الأكاديمية، بل هو وسيلةٌ لبناء الثقة بالنفس، تلك الثقة التي يعتبرها أقوى أداة لتغيير المجتمع. ويقول: إذا كان التعليم يمنح الأطفال أجنحةً لأحلامهم، فإن الصحة تحفظ أنفاس الفقراء. وفي هذا الميدان أيضًا ترك أبرار أحمد بصمةً إنسانيةً عميقةً.

وخلال فترة رئاسته للمستشفى التابع لأنجمن إسلامية رانشي، تم إدخال سلسلة من الإصلاحات الجوهرية. فقد جُعل العلاج ميسور التكلفة ومتاحًا للجميع بحيث يتمكن الفقراء من التوجه إلى المستشفى دون تردد أو خوف من التكاليف. كما تم توفير الأدوية والفحوصات الطبية مجانًا للمرضى المحتاجين، مما حوّل المستشفى إلى ملاذٍ للمنكوبين والمحتاجين.

ومن خلال مبادرة مولانا آزاد للإنسانية، نظّم أبرار بانتظام معسكرات طبية مجانية في مناطق مثل هندبيري والمناطق المجاورة، حيث كانت تُجرى فحوصاتٌ وعلاجاتٌ مجانية لأمراضٍ مثل حمى الضنك، والشيكونغونيا، والملاريا. وفي أحد هذه المعسكرات، تلقى أكثر من 90  مريضًا العلاج في يومٍ واحد.

كما شملت جهوده توزيع البطانيات في فصل الشتاء، تأكيدًا لقناعته بأن الخدمة الاجتماعية لا تقتصر على المساعدة الطبية فحسب، بل تشمل صون كرامة الإنسان. وغالبًا ما يردّد أبرار قوله: "الرعاية الصحية حقٌّ للفقراء، وليست صدقة".

وتغوص جذور أبرار عميقًا في الثقافة والفن الشعبي. فبصفته رئيس رابطة المسرح الشعبي الهندي على مستوى ولاية جهارخاند، قاد حملاتٍ تهدف إلى تعزيز الوئام المجتمعي والتعايش السلمي من خلال برامج ثقافية وفنية.

اقرأ أيضًا: مظفّر حسين..  رجل حارب الجوع في ولاية جهارخاند

وبالتعاون مع فنّانين شعبيين، أنتج سلسلةً وثائقية مكونة من 51 حلقة بعنوان "جوهار جهارخاند"، تم بثّها على قناة دوردرشن الوطنية، وسلّطت الضوء على التراث الثقافي والتنوع الاجتماعي في الولاية.

وعندما اندلعت أعمال عنفٍ طائفي في منطقة سيلغاي-شانهو قرب رانشي عام 2014م، لم يقف أبرار موقف المتفرج، بل تقدّم الصفوف لقيادة وفدٍ للسلام إلى جانب الحاصل على جائزة بادما بوشان موكوند نايك والفنان المعروف مادهو مانسوري. وبمزيجٍ من الحوار البنّاء والعروض الثقافية والجهود المستمرة لاستعادة الثقة المتبادلة، نجح الوفد بقيادة أبرار في تهدئة التوتر وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة.