فضل بثان
في قلب ريف ولاية مهاراشترا، أشعل اثنان من صانعي التغيير — منير شيكلغار وحضرت علي سونيكار — ثورة هادئة.
فقد سئما من تركيز السياسيين على القضايا الدينية الرمزية وتجاهلهم لمعاناة الناس اليومية، فعملا على تغيير الخطاب السائد من خلال تسليط الضوء على القضايا الحقيقية والمعيشة التي يواجهها المجتمع المسلم، وجعلها في صدارة النقاش السياسي.
وبصفتهما ممثلين عن "مؤسسة أغراني الاجتماعية"، زار منير وحضرت أكثرَ من 300 قرية في مقاطعات ساتارا وسانغلي وكولهـابور.
ومن خلال هذه التفاعلات الواسعة، جمعا أصوات الناس العاديين ووثّقاها في وثيقة قوية حملت عنوان: "بيان تطلعات المسلمين".
وهذا البيان ليس مجرد وثيقة انتخابية أخرى، بل يُجسّد القضايا الجوهرية الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية التي تؤثّر في حياة المسلمين، مثل الحصول على تعليم جيد، وتوفّر فرص العمل، وحماية الحقوق الدستورية.
ومن خلال تحويل التركيز بعيدًا عن النقاشات الاستقطابية، نجح منير وحضرت في رفع قضايا المعاناة اليومية إلى مستوى الاهتمام التشريعي.
ويقول منير: "لكي يحدث تغيير حقيقي، تحتاج المجتمعات إلى ثلاثة أمور: التعليم، والتوظيف، والحقوق. وتُصاغ هذه الأمور من خلال القوانين والسياسات والإرادة السياسية".
ويؤمن منير وحضرت بأن السياسات يجب أن تُصاغ من قِبل الشعب. ويضمن جهدُهما الميداني أن يفهم الممثلون المنتخبون احتياجات المجتمع فهمًا حقيقيًا قبل بدء الجلسات التشريعية.
وعند عرضهما للبيان، تلقى الثنائي ردودًا مشجعة من عدد من المرشحين السياسيين، إذ عبّر كثير منهم عن دهشتهم من طبيعة القضايا المطروحة التي بدت واقعية وملحّة.
ويشرح حضرت قائلاً: "لقد شتّتت القضايا الرمزية الانتباه عن قضايا التعليم والمعيشة لعقود، مما أعاق مسيرة التنمية. وهدفنا هو كسر هذا الأمر".
ويتناول البيان أيضًا التصورات الخاطئة عن المسلمين — وهي تصورات غالبًا ما ينشرها عناصر معادية للمجتمع — وقد ألحقت ضررًا كبيرًا بفرص التوظيف.
وردًا على ذلك، يتجه العديد من الشباب المسلمين إلى ريادة الأعمال، مطالبين بدعم حكومي يساعدهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة.
كما يطالب البيان بمزيد من الشفافية وسهولة الوصول إلى برامج الرعاية الحكومية، التي يجهلها كثيرون في المجتمع أو لا يتمكنون من الاستفادة منها بشكل فعّال.
ورغم وجود 30 دائرة انتخابية للمجلس التشريعي في ولاية مهاراشترا تضم نسبًا كبيرة من السكان المسلمين، فإن تمثيل المسلمين في المجلس التشريعي لا يزال دون 10%. ويعتبر الثنائي هذا التمثيل الناقص قضية أساسية.
ويقول منير: "في مقاطعة سانغلي، انتخبت 28 قرية من أصل 42 ممثلين مسلمين في الهيئات المحلية. وهذا يدل على أن مجتمعنا مستعد للمشاركة، إذا أُتيحت له الفرصة العادلة".
ومن خلال مؤسسة أغراني الاجتماعية، أطلق منير وحضرت أيضًا حملة توعية دستورية، تهدف إلى تعليم قيم مثل المساواة، والأخوة، والعدالة. كما يروّجان للزراعة العضوية، ويعملان حاليًا على جمع بيانات من 800 قرية بهدف إعداد تقرير تنموي شامل لتقديمه إلى "مؤسسة مولانا آزاد للتنمية المالية".
وفي المرحلة المقبلة، يخططان لافتتاح نُزلٍ يقدّم تدريبًا على امتحانات الخدمة المدنية وغيرها من الاختبارات التنافسية، إلى جانب مكتبة لدعم الطلاب المسلمين وطلاب الأقليات.
وإن عمل منير وحضرت لا يقتصر على مجرد الدعوة، بل يُعد نموذجًا يُحتذى به لكيفية انخراط المجتمعات المهمشة بشكل بنّاء في العملية الديمقراطية. ويعتمد نهجهما على الحوار والتعليم والتمكين.
ولقد أعادت جهودهما الثقة في العمليات الديمقراطية، وشجّعت المجتمع المسلم على ألا يشارك فحسب، بل أن يتقدّم أيضًا للقيادة بكرامة وفخر وطني.
اقرأ أيضًا: كيف تعيد شابة مسلمة رسم معالم التغيير في مومباي؟
ويؤكد منير: "نريد لأبناء مجتمعنا ألا يكتفوا بالتصويت، بل أن يعبّروا عن آرائهم، وأن يتطوعوا، وأن يتصوروا مستقبلًا أفضل لأنفسهم وللوطن".
وتُقدّم هذه الحركة الشعبية نموذجًا يمكن الاحتذاء به لمشاركة سياسية يقودها المجتمع في مختلف أنحاء الهند. وهي تذكّرنا بأن التغيير الحقيقي يبدأ من أصغر القرى، على يد أفراد مؤمنين بالديمقراطية، لا باعتبارها نظامًا فحسب، بل باعتبارها مسؤولية وطنية مشتركة.