ثاقب جور: صاحب رؤية في مهمة لاستعادة البصر وتغيير الحياة

11-07-2025  آخر تحديث   | 11-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
ثاقب جور
ثاقب جور

 


فضل بثان

هناك عدد قليل من الأفراد الذين يكرّسون حياتهم بالكامل لقضية واحدة، وقد فعل ثاقب جور ذلك تمامًا، إذ غيّر حياة الملايين من خلال مساعدته للمكفوفين على رؤية العالم من جديد.

ويعمل ثاقب انطلاقًا من بادلابور في ولاية مهاراشترا، وقد ساهم في إجراء فحوصات عيون لأكثر من 2.6 ملايين شخص، ووزّع 1.7 ملايين نظارة طبية مجانية، وسهّل أكثر من 63,000 عملية جراحية مجانية لإزالة المياه البيضاء، وهي تدخلات غيّرت حياة المحتاجين بشكل جذري.

وبدأت رحلة ثاقب بلحظة عاطفية عميقة. ويتذكّر زيارته لجدته زُهرى برفقة والدته، ويقول بصوت خافت: "تُوفيت في ذلك اليوم نفسه... وكان على وجهها ابتسامة وهي ترحل".

عاشت زُهرى كفيفة لمدة 35 عامًا بعد أن فقدت بصرها بسبب المياه البيضاء غير المعالجة. ويقول ثاقب: "كانت امرأة ذات كرامة عظيمة، وعماها، وعجزي أمامه، أشعلا نارًا في داخلي".

تلك اللحظة أشعلت شرارة مهمته: "قررتُ مساعدة ضعاف البصر على الابتسام وهم على قيد الحياة".

وبعد أن أنهى تعليمه في الصف السابع فقط، بدأ حياته العملية كمنظف شاحنات وحمّال. وقد كشفت له تلك السنوات المبكرة عن المعاناة اليومية التي يواجهها ضعاف البصر.

ومع تحسّن وضعه المالي، نظّم أول مخيم لفحص العيون في عام 1992م. لكن واجه تحديا، فقد حدد سعر النظارات بـ10 روبيات، إلا أن معظم الحاضرين لم يكونوا قادرين على دفع هذا المبلغ.

ويتذكر ساكيب: "أدركتُ حينها أن التكلفة هي العائق الأكبر". وبعد أيام قليلة فقط، نظّم مخيمًا آخر، لكنه وزّع النظارات هذه المرة مجانًا. وكانت الاستجابة مذهلة: فقد حصل 275 شخصًا على نظارات، وتمكن كثيرون منهم من الرؤية بوضوح لأول مرة منذ سنوات.

وقد شكّل هذا النجاح الأساس لانطلاقة منظمته "Vision Friend Sakib Gore". وهي اليوم تعمل في أكثر من 1,750 قرية في مناطق ثين، وبالغار، ورائيغاد، وتقدّم رعاية العيون الحرجة للفقراء في المناطق الريفية.

ويقول ثاقب: "بدأت الرحلة بفحوصات للعيون، لكنها تجاوزت ذلك بكثير".

اليوم، يقوم فريقه بتحديد المرضى المصابين بالمياه البيضاء، وتنقلهم إلى المستشفى، وتعتني بهم خلال العملية الجراحية وبعدها. وتوفر المنظمة النقل، والوجبات، والإقامة، والأدوية، وكل ذلك مجانًا تمامًا.

ويقول: "اللحظة التي يُزال فيها الضماد ويرون النور من جديد —الدموع في أعينهم، واحتضانهم لي— تلك هي أعظم مكافأة بالنسبة لي".

وتواجه الهند أزمة صحية هائلة في مجال البصر، حيث يُسجَّل أكثر من مليوني حالة إصابة جديدة بالمياه البيضاء سنويًا، ويؤدي غياب العلاج إلى إصابة 63% منها بالعمى. وتشكل المياه البيضاء وحدها 80% من إجمالي حالات ضعف البصر في البلاد. وعلى المستوى العالمي، يعاني 2.5 مليارات شخص من نوعٍ ما من ضعف البصر، فيما يفتقر 1.1 مليار شخص إلى النظارات التصحيحية الأساسية. وأما في الهند، فتُعد القدرة على تحمّل التكاليف العائق الأكبر أمام العلاج.

ويشرح ثاقب: "المياه البيضاء مرض سهل العلاج، لكن عندما يُهمل، خاصة في المناطق الريفية، تكون العواقب مؤلمة للغاية".

ويقوم فريقه بزيارة المنازل بابًا بابًا، تتحدث مع القرويين وتبني الثقة معهم. ويقول: "الأمر ليس سهلاً، كثيرًا ما نُقابل بالرفض، لكن مهمتنا تتطلّب الإصرار والمثابرة".

ونال التزام ثاقب إشادة واسعة على المستويين الوطني والدولي. ففي عام 2016م، قام كبير وزراء ولاية مهاراشترا آنذاك، ديفيندرا فادنافيس، بزيارة أحد مخيمات العيون التي نظّمها ثاقب شخصيًا، وأثنى على جهوده.

ومؤخرًا، دُعي ثاقب كمندوب خاص إلى قمة منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للوقاية من العمى التي أُقيمت في كاتماندو بنيبال. وهناك، أدهش الحضور العالمي بابتكاره المذهل: نظارات لا يتجاوز ثمنها 33 روبية، تحمل العلامة التجارية "ديوابهاو" أي "الأخ الروحي".

ومن بين 700 مندوب من 140 دولة، حصل ساكيب على جائزة "قائد النظام"المرموقة، وهي جائزة تُمنح لشخص واحد فقط على مستوى العالم.

ورغم تزايد شهرته، لا يزال ساكيب متواضعًا، ويقول: "لا أريد أن أكون عضوا في المجلس التشريعي بالولاية، ولا أن أدير شركة كبيرة... كل ما أريده هو أن أُساعد أكبر عدد ممكن من الناس".

ومشروع ثاقب القادم يتمثل في بناء مركز اجتماعي في بادلابور، يطمح لأن يكون منصة لنشر التوعية حول صحة العيون. كما يخطط للتكامل مع برامج الحكومة للوقاية من العمى، بحيث يتمكّن الناس في جميع أنحاء البلاد من الاتصال للحصول على عمليات إزالة المياه البيضاء مجانًا.

وتظل القدرة على تحمّل التكاليف أولوية قصوى بالنسبة إليه. ويقول: "أربعون بالمئة من الهنود بحاجة إلى نظارات، ولكن بالنسبة إلى الكثيرين، فإنها تظل باهظة الثمن". فتقدم متاجره "فيجن فريند للنظارات" -خمسة متاجر في بادلابور- نظارات تبدأ أسعارها من 9 روبيات فقط.

ويقول ثاقب: "حلمي أن أجعل النظارات أرخص مما هي عليه الآن. ولتحقيق ذلك، أحتاج إلى تقوية الجانب التجاري حتى نتمكن من توزيع المزيد منها مجانًا".

وقد بدأت نظاراته منخفضة التكلفة تُصدَّر بالفعل إلى أستراليا، والولايات المتحدة، وسريلانكا، والبرازيل، وكندا، وجنوب أفريقيا، ونيبال، وبوتان. وكل روبية يتم جنيها تُعاد استثمارها في المنظمة، لتمويل خدمات العناية المجانية بالعيون لأولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.

في معركة القضاء على العمى، تحظى الهند باعتراف عالمي متزايد، ويُعد عمل ثاقب جور حجر الأساس في هذا النجاح. فأثره لا يقتصر على استعادة البصر، بل يمتد ليشمل استعادة الأمل والكرامة والفرص.

وبعد مرور ثلاثة عقود، لا تزال مهمته مستمرة بنفس الشغف والعزم. ولقد أثبت ثاقب أنه بالتعاطف والشجاعة والجهد المتواصل، يُمكن أن يقوم أي شخص بإنارة حياة الملايين.