يُعد عيد "راكشا باندهان"من أهم الأعياد التقليدية في الهند، ويحتفل به سنويًا في شهر سافان من التقويم الهندوسي، والذي يوافق غالبًا شهري يوليو أو أغسطس في التقويم الميلادي. وهذه السنة، يُحتفل بعيد راكشا باندهان اليوم السبت، 9 أغسطس. ويحمل هذا العيد معنى عاطفيًا وروحيًا عميقًا، إذ يرمز إلى الرابطة المقدسة بين الأخ وأخته، القائمة على المحبة والحماية والوفاء.
وكلمة "راكشا باندهان" تتكون من كلمتين بالسنسكريتية: راكشا وتعني "الحماية"، وباندهان وتعني "الرابطة" أو "العهد". وفي هذا اليوم، تقوم الأخت بربط خيط مزخرف يُسمّى "راكهي" حول معصم أخيها، متمنيةً له حياة مليئة بالسعادة والصحة والأمان، بينما يتعهد الأخ بحمايتها ودعمها في جميع مراحل حياتها. وهذا الطقس لا يقتصر على الإخوة البيولوجيين فحسب، بل قد يربط بين أبناء العمومة، والأصدقاء، وحتى العلاقات الروحية بين المعلم وتلاميذه أو بين الجيران.
ويرتبط أصل هذا العيد بعدة أساطير هندوسية؛ من أبرزها قصة الإله كريشنا والأميرة دروبدي، حيث قامت الأخيرة بربط قطعة من ثوبها حول جرح كريشنا ليوقف النزيف، فاعتبرها أخته وتعهد بحمايتها. كما تُذكر في التراث الهندي قصة الملكة كارنافاتي وملك أوديبور التي أرسلت "راكهي" إلى الإمبراطور همايون طلبًا لحمايته في مواجهة الأعداء.
وجانب آخر مهم هو الأبعاد الاجتماعية لهذا العيد؛ فهو يعزز قيم الأسرة، ويذكّر بأهمية الروابط الإنسانية المبنية على الاحترام المتبادل، كما يسهم في تقوية العلاقات حتى بين الطوائف والديانات المختلفة، إذ يشارك بعض المسلمين والمسيحيين في هذا العيد عبر تبادل "الراكهي" كرمز للأخوة الإنسانية.
اليوم، ورغم التغيرات الاجتماعية، لا يزال راكشا باندهان يحافظ على مكانته، حتى بين العائلات التي يعيش أفرادها بعيدًا عن بعضهم، إذ تُرسل "الراكهي" بالبريد أو عبر الخدمات الرقمية، في تجسيد حي لاستمرارية العهد رغم المسافات. وهكذا يظل هذا العيد تقليدًا هنديًا خالدًا يجمع بين العاطفة والالتزام، ويعكس جمال الروابط الأسرية والاجتماعية في الثقافة الهندية.