تبريز أحمد/نيودلهي
شهد البرلمان الهندي، اليوم الإثنين، نقاشًا واسعًا بمناسبة مرور 150 عامًا على الأغنية الوطنية "ونده ماترم"، التي ارتبطت تاريخياً بمسيرة التحرر من الاستعمار البريطاني، حيث أكد رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن هذه الأغنية كانت رمزًا لنضال الهنود من أجل الحرية. ولم تكن لطرد البريطانيين فقط، بل لتحرير الوطن الأم"مذكّرًا بدورها في تعبئة الوعي القومي خلال مرحلة الكفاح الوطني.
كما أشار مودي إلى أن حزب المؤتمر الوطني قام بحذف بعض مقاطع الأغنية في ثلاثينيات القرن الماضي استجابةً لضغوط سياسية من رابطة مسلمي الهند، معتبراً أن هذا القرار أساء إلى الإرث الوطني للأغنية التي جمعت الهنود في مواجهة الاستعمار.
وقد يعترض عليها بعض المسلمين لسببين أساسيين: الأول أنها تتضمن دعوة لتمجيد غير الله، وهو ما يُعدّ من منظورهم شركًا، والثاني أن الروح التي تحملها رواية "آناندماث" التي تُعدّ الأغنية جزءاً منها تُصوَّر بوصفها ذات طابع طائفي ومعادية للمسلمين.
وتأتي هذه الإحياءات في سياق أوسع من استعادة رموز حركة الاستقلال التي لا تزال ـ حتى بعد مرور 150 عاماً ـ تغذي النقاش حول الهوية الوطنية وحدود التعددية الدينية في الهند.
ويعود تاريخ الأغنية "ونده ماترم" إلى عام 1875م حين كتبها الكاتب البنغالي بانكيم تشاندرا شاتوبادياي بالسنسكريتية البنغالية، قبل أن تنشر عام 1882م ضمن روايته "آناندماث".
وسرعان ما تحولت إلى رمز للمقاومة الشعبية، وتبنّاها المؤتمر الوطني الهندي عام 1905م وسط تنامي الروح الوطنية. وقد لحّنها لاحقًا رابندرا اناث طاغور، لتصبح نشيداً للثوار خلال الكفاح ضد الاستعمار، وركنًا من أركان الوجدان الوطني الهندي.
وفي عام 1950م، حظيت الأغنية باعتراف رسمي من الرئيس راجيندر براساد الذي منحها مكانة مساوية للنشيد الوطني "جانا غانا مانا" من حيث القيمة التاريخية والاعتبار المعنوي.
ورغم قيمتها التاريخية، لا تتمتع الأغنية بامتيازات قانونية كما يتمتع بها النشيد الوطني"جانا غانا مانا"، الذي يحظى بحماية دستورية واضحة وواجب رسمي لاحترامه.
ورأت المعارضة، وعلى رأسها بريانكا غاندي أن الحكومة تختار هذا الملف لأهداف انتخابية مرتبطة بولاية البنغال، واتهمت مودي بتجاهل القضايا الحالية. وقالت: "الأغنية حية في قلوب الناس ولا تحتاج إلى نقاش".
كما اتهمت الحكومة بتوظيف الرموز الوطنية لصرف الانتباه عن قضايا المواطن الملحّة.
وأكدت المعارضة أن مواقف جواهر لال نهرو تجاه الأغنية "أُسيء تفسيرها"، مشيرة إلى مراسلات تاريخية بعد عام 1937م توضح أن مقاطع معينة حُذفت للحفاظ على الوحدة الوطنية والانسجام الطائفي خلال تلك الفترة الحساسة.
اقرأ أيضًا: مودي يُحيي ذكرى ماهابرنيرفان ديوَس ويشيد بإرث أمبيدكار في مسيرة الهند الحديثة
وبعد 150 عامًا، ما زالت الأغنية جزءًا مهمًا من الهوية الهندية، ورمزًا لوحدة الناس خلال أصعب مراحل تاريخهم، مهما كان الخلاف السياسي حولها اليوم.