جالاندهار
تعيش ولاية البنجاب واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخها، بعدما اجتاحت الفيضانات العارمة مختلف المناطق، ما أدى إلى شلل شبه تام في مظاهر الحياة اليومية. وأدت موجات المياه المتلاحقة إلى تشريد مئات الآلاف، فيما أُتلفت مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية، وانهارت آلاف المنازل، وسط حالة من الفوضى والمعاناة الممتدة من نقص الغذاء إلى فقدان المأوى.
وفي خضم هذه المأساة، هبّت المنظمات الإسلامية في المناطق المنكوبة لتكثيف جهودها الإغاثية، حيث سارعت إلى توزيع المواد الأساسية على المتضررين. كما دفع حجم الكارثة المسلمين في البنجاب إلى إلغاء مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، تضامناً مع الضحايا وتفرغاً لأعمال الإغاثة.
وفي خطوة تعبّر عن روح المسؤولية الاجتماعية، قرر المجتمع المسلم إحياء المولد النبوي الشريف هذا العام بطريقة مختلفة، حيث تم استبدال مظاهر الاحتفال التقليدية بمبادرات إنسانية وأنشطة إغاثية موجهة لدعم المتضررين من الكارثة
قد أعلن رئيس لجنة "عيدغاه سني شاهي جامع مسجد"، نعيم خان، في مؤتمر صحفي، عن إلغاء الموكب التقليدي الذي كان مقررًا إقامته في الخامس من سبتمبر بمناسبة المولد النبوي الشريف.
وأوضح خان أن هذا القرار جاء تضامنًا مع ضحايا الفيضانات التي اجتاحت البنجاب مؤخرًا، مضيفًا: "بدلاً من الاحتفال بهذه المناسبة، سنقف إلى جانب العائلات المتضررة في هذه المحنة العصيبة".
وأضاف مؤكدًا أن الميزانية المخصصة للاحتفالات ستُوجَّه بالكامل لتوفير مواد الإغاثة والسلع الأساسية للعائلات المتضررة، وقال: "في هذه الظروف الصعبة، فإن العبادة الحقيقية هي مدّ يد العون للمنكوبين، لا إقامة المظاهر التقليدية. وإن الروح الحقيقية لعيد المولد النبوي الشريف تكمن في الرحمة والإنسانية ومساعدة المحتاجين. و إن أعظم ما يسعدنا في هذه المناسبة، هذا العام، وتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الفيضانات".
وأشار إلى أن القرار اتُّخذ بالإجماع من قبل أعضاء لجنة المسجد وأبناء المجتمع المسلم، وقد نال تقديرًا واسعًا. كما دعا المجتمع إلى الانضمام لهذه المبادرة النبيلة والمساهمة في جهود الإغاثة.
وفي مبادرة تضامنية أخرى، أرسل المسلمون في نارايان غراه في مقاطعة أمبالا، يوم الأربعاء، عشر مركبات محمّلة بمساعدات الإغاثة إلى المناطق المنكوبة بالفيضانات في ولاية البنجاب.
وجاءت هذه الخطوة استجابةً لنداء أطلقته مدرسة زينة العلوم في نارايان غراه، حيث دعا القائمون عليها أبناء المجتمع المحلي لدعم المتضررين في البنجاب، ما أثار تفاعلًا واسعًا من أبناء المجتمع المحلي الذين سارعوا لتقديم المساعدات.
وقال مدير المدرسة، نثار أحمد، إن أن التقارير الإعلامية حول حجم الكارثة والخسائر في البنجاب دفعتهم للتحرك الفوري، مشيرًا إلى أن آلاف العائلات فقدت مصادر رزقها، ومحاصيلها، ومواشيها، وحتى منازلها نتيجة الفيضانات.
وأضاف: "كل دين يُعلّمنا التضامن الإنساني، والتكاتف في مواجهة الشدائد في الأوقات الصعبة. وما إن بادرنا بالإعلان عن إرسال مساعدات إغاثية، حتى جاء تجاوب الناس غير مسبوق، لدرجة أننا أرسلنا عشر مركبات — ثلاث شاحنات وسبع شاحنات صغيرة — محمّلة بالمواد الأساسية. لقد كان حماسًا استثنائيًا لم أشهده من قبل في مثل هذه الفترة القصيرة".
وأشار أحمد إلى أن المدرسة لا تزال تحتفظ بمخزون إضافي من المواد الإغاثية، سيتم إرساله لاحقًا عند الحاجة، مؤكدًا أن الوقوف مع المتضررين يمثل جوهر القيم الإنسانية والدينية.
اقرأ أيضًا: المنظمات الإسلامية تتكاتف لإغاثة ضحايا فيضانات البنجاب
وأضاف أحمد أنه توجّه برفقة نحو 65 إلى 70 شابًا من أبناء مجتمعه إلى منطقة أجنالا في أمريتسار، حيث وزّعوا مواد إغاثية على الأسر المتضررة، مشيرًا أنه قبيل المغادرة جمع الأهالي ودعا الله بالخير والتوفيق.
وردًا على سؤال حول الخطوات المقبلة، أوضح أحمد: "نحن على تواصل مباشر مع السكان المحليين، ونخطط لإيصال الإغاثة إلى المناطق الريفية التي تضررت بشكل بالغ من الفيضانات".