فردوس خان/ميوات
يواجه الجميع تحديات في الحياة، وبالنسبة إلى البعض تتحول المحن إلى أساس للقوة ودافعٍ لخدمة المجتمع. وأسلم خان، المقيم في غوروغرام، هو أحد هؤلاء الأشخاص.
وهو مؤسس "جمعية هاريانا أنجمن الخيرية"، وهي منظمة تقوم بعملٍ لافت في مجال الخدمة العامة. وتُعد "جمعية هاريانا أنجمن الخيرية" منظمة غير حكومية مكرّسة لدعم الفقراء والأيتام. وبدأت رحلتها عام 2000م، عندما شُخِّصت والدة أسلم خان بمرض السرطان. وخلال اصطحابه لها إلى مستشفيات عدة بحثًا عن العلاج، صادف العديد من المرضى الذين كانوا يعانون لكنهم يفتقرون إلى الإمكانات المالية اللازمة للحصول على رعاية طبية مناسبة. وقد أثّر عجزهم ومعاناتهم فيه بعمق. فحينها عزم أسلم خان على القيام بشيء ذي معنى من أجل الفقراء والمحتاجين. وقرّر تأسيس جمعية خيرية في غوروغرام بولاية هاريانا. والتقى بالعديد من الأشخاص وشاركهم فكرته، فثمّنوا مبادرته وأبدوا استعدادهم للانضمام إلى هذا الجهد النبيل.
وبفضل عزيمته، أخذت جمعية هاريانا أنجمن الخيرية تتشكل، وتم تسجيلها رسميًا عام 2003م. ومع مرور الوقت، تقدّم المزيد من الأشخاص لدعم هذه الرسالة الإنسانية. وافتتحت الجمعية مستوصفًا في منطقة تشاكاربور بغوروغرام، لخدمة السكان الفقراء والمحتاجين. وبدأ تقديم العلاج الطبي المجاني هناك، حيث يحصل المرضى على الاستشارات والأدوية دون أي مقابل.
وسرعان ما ذاع صيتها، وبدأ الناس يأتون من مناطق بعيدة طلبًا للعلاج. وتوجّهت الجمعية بنداء إلى الجمهور للحصول على دعم مالي، فاستجاب المتبرعون بسخاء. وبفضل هذه التبرعات، تم شراء سيارة إسعاف تعمل على مدار الساعة، تُستخدم لنقل الحالات الحرجة، كما تُستعمل أيضًا كسيارة لنقل الموتى عند الحاجة.
.jpeg)
ويقول أسلم خان: "هدفنا هو إنشاء مستشفى كبير مُجهّز بجميع المرافق الأساسية لعلاج الحالات الخطيرة. كما نطمح إلى تأسيس مؤسسة تعليمية كبرى يتلقى فيها الأطفال التعليم الديني إلى جانب التعليم العصري، حتى يتمكنوا من مواكبة متغيرات العصر". ومن وقت لآخر، تنظم الجمعية مخيمات طبية مجانية، تُقدَّم خلالها خدمات مثل فحص مستوى السكر في الدم. وإلى جانب الدعم الطبي، وسّعت الجمعية نطاق أنشطتها لتشمل مبادرات اجتماعية أخرى. فخلال فصل الشتاء، تقوم بتوزيع الملابس الدافئة والبطانيات والألحفة على الفقراء، مما يوفّر إغاثة كبيرة للأسر التي تعاني من ظروف معيشية صعبة.
ولم يكن في غوروغرام الجديدة مقبرة للمسلمين، ما كان يُجبر العائلات إلى نقل موتاهم لمسافات بعيدة خارج المدينة لدفنهم. وتبنّت الجمعية هذه القضية وتوجّهت إلى هيئة التنمية الحضرية في هاريانا لطلب تخصيص أرض. وقد خصصت الهيئة قطعة أرض مميزة في القطاعين 56/58. وقامت الجمعية بتطوير المقبرة، وتأمين توصيلات المياه والكهرباء، وبناء الأسوار المحيطة بها. وقد أسهمت هذه المبادرة في حل مشكلة قديمة عانى منها المجتمع المسلم.
.jpeg)
كما تتولى الجمعية مسؤولية دفن الجثث مجهولة الهوية، حيث يتم تغسيل المتوفين وتكفينهم ودفنهم وفقًا للتقاليد الإسلامية، مع تكفّل الجمعية بجميع الترتيبات. وفي حالات الحوادث التي تتناثر فيها أجزاء من الجسد، يتم دفن هذه الأجزاء أيضًا بكرامة. كما يتم دفن الأعضاء التي تُزال في المستشفيات لأغراض طبية في مكان مخصص داخل المقبرة، وذلك بما يتوافق مع التعاليم الإسلامية.
وإدراكًا لحاجة المجتمع إلى مسجد، توجّهت الجمعية مرة أخرى إلى هيئة التنمية الحضرية في هاريانا لطلب تخصيص أرض. وقد تمت الموافقة على الطلب، وتخصيص قطعة أرض في القطاع 57. وقامت الجمعية بدفع المبلغ المطلوب وبناء المسجد، الذي أُطلق عليه اسم مسجد أنجمن الجامع. وبدأت الصلوات فيه بانتظام بعد فترة وجيزة، فيما تشهد صلاة الجمعة حضورًا كبيرًا. كما تُنظَّم خلال شهر رمضان ترتيبات خاصة للإفطار. وتتولى الجمعية الإشراف الكامل على صيانة المسجد. ولحل مشكلات الكهرباء والمياه المتكررة، قامت بتركيب مولد كهربائي صامت بقدرة 25 كيلوفولت أمبير. وقد تحقق كل ذلك بفضل الدعم الجماعي من أفراد المجتمع.
اقرأ أيضًا: نجاح رخسانة يبعث الأمل في قلوب فتيات المناطق المهمّشة
كما تدير جمعية هاريانا أنجمن الخيرية مركزًا مجانيًا لمحو الأمية للأطفال الفقراء والمشرّدين في مسجد أنجمن الجامع بالقطاع 57. وإلى جانب تعليم الأردية والعربية، يتلقى الأطفال دروسًا في الهندية والإنجليزية والرياضيات والعلوم. ويركز المركز على التنمية الشاملة للأطفال، من خلال الجمع بين التعليم الأكاديمي وغرس القيم الأخلاقية. كما تُنظَّم برامج خاصة في يوم الاستقلال ويوم الجمهورية لتكريم الشهداء ومناضلي الحرية.
كما تولي الجمعية أولوية خاصة لصحة الأطفال من خلال تنظيم فحوصات طبية مجانية. وفي عيد الفطر، يحصل الأطفال على ملابس وأحذية جديدة ليتمكنوا أيضًا من الاحتفال بالعيد بفرح وسعادة.