محمد مدثر قمر* 
تتميز علاقات الهند مع العالم العربي بالتنوع والتعددية، فهي مبنية على آلاف السنين من الروابط الثقافية والعلاقات التجارية والتواصل بين الشعوب. وزار التجار والرحال العرب الهند لقرون طويلة، وأقاموا علاقات متينة مع المجتمعات في ساحل مالابار. وقد نقلوا التوابل الهندية والحكايات الشعبية وأنظمة المعرفة الهندية إلى العالم. واستمرت الروابط الدينية والثقافية والتجارية خلال العصور الوسطى، حيث أسست العديد من الجاليات التجارية الهندية مراكز لها في مسقط. وكان التجار العرب من منطقة الخليج يزورون الهند بشكل متكرر خلال فترة الحكم البريطاني، واتخذ الكثير منهم من مومباي مركزًا لتجارتهم. وقد قربت التجارب الاستعمارية المشتركة بين الهند والعالم العربي خلال كفاح الهند من أجل الاستقلال ضد البريطانيين. كما ألهمت هذه التجارب العديد من الحركات القومية في العالم العربي، بما في ذلك في مصر والسوريا والعراق والجزائر.
بعد استقلال الهند، أقامت الهند تدريجيًا علاقات دبلوماسية وودية مع غالبية الدول العربية المستقلة حديثًا. واستمرت العلاقات الهندية العربية في الازدهار على الرغم من التقلبات الجيوسياسية في فترة الحرب الباردة، حيث برزت الهند كقائدة للعالم الثالث من خلال حركة عدم الانحياز. وخلال هذه الفترة، كانت علاقات الهند مع مصر والعراق والسوريا نموذجية، ودعمت الهند بقوة حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم. وشهدت ثمانينيات القرن الماضي سفر عدد كبير من الهنود إلى دول الخليج العربي للعمل في صناعة النفط، حيث برزت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كوجهة رئيسة للعمال الهنود المهاجرين.
وأدت إعادة ضبط السياسة الخارجية الهندية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلى ديناميكية جديدة في علاقات الهند مع العالم العربي. ومع إعطاء الهند الأولوية للتواصل مع "جوارها الموسع" إلى جانب التركيز على الجوار، بدأت العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي في التحسن. وبرزت التجارة والأعمال واستيراد النفط وهجرة العمالة الهندية كأهم مكونات علاقات الهند مع دول الخليج العربي. وتدريجيًا، بدأت الهند أيضًا في التعاون مع الدول العربية في قضايا الدفاع والأمن، حيث برزت القرصنة البحرية والجريمة المنظمة والإرهاب كأرضية مشتركة للتعاون. واستمرت العلاقات الهندية العربية في التحسن خلال القرن الحادي والعشرين، وشهدت العديد من التبادلات الدبلوماسية والسياسية البارزة.
وبعد انتخاب رئيس الوزراء ناريندرا مودي عام 2014م، بذلت نيودلهي جهودًا مكثفة لتحسين وتعزيز العلاقات مع العالم العربي. وكانت أول زيارة لرئيس الوزراء مودي إلى دولة عربية في أغسطس 2015م عندما زار الإمارات العربية المتحدة، حيث وضع حجر الأساس لعلاقات ثنائية وثيقة وخارطة طريق لتعاون قوي مع العالم العربي، وخاصة منطقة الخليج. وأعطى رئيس الوزراء مودي الأولوية للعلاقات التجارية والاقتصادية، مع التركيز على التجارة الثنائية وتدفق الاستثمارات بين الاتجاهين، بالإضافة إلى العلاقات الدفاعية والاستراتيجية، مع إعطاء الأولوية لمكافحة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب والاتجار غير المشروع. ونتيجة لذلك، ازدهرت العلاقات الهندية العربية، وشهدت روابط سياسية ودبلوماسية واستراتيجية ودفاعية وأمنية واقتصادية وتجارية وثقافية قوية.
عام 2025م في لمحة
كان عام 2025م عامًا آخرًا مهمًا للعلاقات الهندية العربية. وتم تبادل العديد من الزيارات الثنائية المهمة خلال العام. وزار رئيس الوزراء مودي ووزير الخارجية إس. جايشانكار ووزير الدفاع راجناث سينغ ووزير التجارة بيوش غويال المنطقة في عدة مناسبات. كما استضافت نيودلهي العديد من القادة السياسيين والعسكريين ورجال الأعمال العرب البارزين خلال العام، مما يؤكد الأهمية التي يوليها العالم العربي للهند.
اللقاءات السياسية والدبلوماسية
شهد العام العديدَ من اللقاءات السياسية والدبلوماسية رفيعة المستوى بين الهند والعالم العربي. ومن أهم هذه الزيارات زيارة رئيس الوزراء مودي إلى المملكة العربية السعودية يومي 22 و23 أبريل 2025م. وكانت هذه الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء إلى المملكة العربية السعودية، حيث سبق أن زارها في أبريل 2016م وأكتوبر 2019م. وخلال الزيارة، التقى رئيس الوزراء بالقيادة السعودية وتبادل وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات التي تشمل التجارة والطاقة والأعمال والاستثمارات والعلاقات الاقتصادية، فضلاً عن العلاقات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية والأمنية والدفاعية. كما استمرت العلاقات الثقافية في النمو مع مشاركة عدد كبير من الهنود في فريضة الحج السنوية وأداء العمرة على مدار العام.
وفي عام 2025م، زار رئيس الوزراء مودي دولتين عربيتين أخريين، هما الأردن يومي 15 و16 ديسمبر وسلطنة عمان يومي 17 و18 ديسمبر الجاري. وكانت هذه الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء إلى الأردن، بمناسبة مرور 75 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وخلال الزيارة، التقى رئيس الوزراء مودي بجلالة الملك عبد الله الثاني وأجرى محادثات ثنائية، وألقى كلمة في منتدى الأعمال الهندي-الأردني، وزار المواقع التاريخية في مدينة البتراء برفقة ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله. وأكدت الزيارة أهمية الأردن في علاقات الهند مع منطقة غرب آسيا والعالم العربي.
كما كانت الزيارة إلى سلطنة عمان مهمة، لا سيما وأن البلدين وقعا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، وهي ثاني اتفاقية تجارة حرة مع دولة من دول مجلس التعاون الخليجي بعد الإمارات العربية المتحدة. وكانت هذه الزيارة الثانية لرئيس الوزراء مودي إلى سلطنة عمان، بينما دعت الهند أيضًا سلطنة عمان كدولة ضيفة للمشاركة في مداولات مجموعة العشرين في الهند عام 2023م. وخلال الزيارة، نوقشت عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية والثقافية المهمة ذات الاهتمام المشترك. كما تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الأمن البحري والتعليم العالي والعلاقات الثقافية.
ومن بين الزيارات المهمة الأخرى من الهند، كانت هناك زيارتان قام بهما وزير الشؤون الخارجية إس. جايشانكار إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. أولاً، زار الإمارات في الفترة من 27 إلى 29 يناير كضيف شرف في النسخة الأولى من مؤتمر رايسينا للشرق الأوسط الذي نظمته مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في أبو ظبي، حيث ألقى كلمة رئيسة في الجلسة الافتتاحية للحدث. كما عقد اجتماعات مع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان، والتقى بالرئيس محمد بن زايد آل نهيان. والتقى جايشانكار أيضًا بولي عهد أبو ظبي خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم.
وزار وزير الخارجية جايشانكار الإمارات مرة أخرى في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر، حيث ترأس بالاشتراك مع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد الاجتماع السادس عشر للجنة المشتركة بين الهند والإمارات والجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين الهند والإمارات. وبالإضافة إلى ذلك، عقد عدة اجتماعات رفيعة المستوى، بما في ذلك مع نائب الرئيس منصور بن زايد آل نهيان، ومستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد آل نهيان، والسيد خلدون مبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مبادلة. كما حضر الوزير منتدى بني ياس حيث تبادل وجهات النظر مع القادة والخبراء الدوليين حول التحديات الجيوسياسية والأمنية والتكنولوجية الرئيسة التي يواجهها العالم.
وفي أعقاب هجوم باهالغام في 22 أبريل 2025م في جامو وكشمير، والضربات العسكرية الهندية اللاحقة على قواعد الإرهاب في باكستان تحت اسم عملية سيندور، أرسلت الهند عددًا من الوفود من جميع الأحزاب إلى دول مختلفة في العالم. ومن بين هذه الوفود، زار وفد برئاسة عضو البرلمان بايجايانت باندا البحرين (23-25 مايو)، والكويت (26-27 مايو)، والمملكة العربية السعودية (27-29 مايو)، والجزائر (30 مايو - 2 يونيو). وزار وفد آخر برئاسة عضو البرلمان سوبريا سولي قطر (24-26 مايو) ومصر (2-4 مايو 2025م). وزار وفد ثالث برئاسة عضو البرلمان إيكناث شيندي الإمارات العربية المتحدة (22 مايو). وشرحت هذه الوفود الموقف الهندي بشأن الهجوم الإرهابي والعمل العسكري الهندي لقادة سياسيين وممثلين عن المجتمع المدني، مؤكدة على آفة الإرهاب التي واجهتها البلاد على مر السنين.
وشهدت الهند ثلاث زيارات سياسية مهمة من دول عربية في عام 2025م. ففي يومي 17 و18 فبراير، زار أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الهند. وكانت هذه الزيارة الثانية للأمير تميم إلى الهند، حيث سبق أن زارها في مارس 2015م. ورافق الأمير وفد رفيع المستوى ضم وزراء وكبار المسؤولين ووفدًا تجاريًا. وخلال الزيارة، أجرى الأمير مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء مودي، ركزت على العلاقات التاريخية العميقة القائمة على الصداقة والثقة والاحترام المتبادل. واتفق الجانبان على تعزيز هذه العلاقات في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والثقافة والتواصل بين الشعبين.
وفي يومي 16 و17 أكتوبر، زار وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، الهند، وترأس مع وزير الشؤون الخارجية الهندي إس. جايشانكار الحوار الاستراتيجي بين الهند ومصر. وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظرًا لسعي الهند ومصر إلى تعزيز العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة، وإنشائهما آليات مؤسسية لتعزيز هذه العلاقات. وتُعد التجارة والأمن والدفاع والزراعة والغذاء والصحة والأدوية والتعليم والثقافة من بين المجالات ذات الأولوية في العلاقات بين البلدين. كما قام وزير خارجية البحرين، عبد اللطيف بن راشد الزياني، بزيارة مهمة أخرى إلى الهند يومي 2 و3 نوفمبر 2025م، حيث أجرى مباحثات ثنائية مع وزير الشؤون الخارجية الهندي إس. جايشانكار. وقد واصلت الهند والبحرين تعزيز علاقاتهما الثنائية على مر السنين.
العلاقات الاقتصادية
تستمر العلاقات التجارية والاقتصادية بين الهند والعالم العربي في التمتع بالقوة والمتانة. وخلال السنة المالية 2024-2025م، بلغ حجم التجارة بين الهند والدول العربية 226.43 مليار دولار أمريكي، أي ما يقارب 19.5% من إجمالي التجارة الخارجية للهند. وتُعدّ هذه الكتلة التجارية من أكبر الكتل التجارية للهند في العالم. ومن بين الدول العربية، تحتل أربع دول، هي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعراق وقطر، مراكز متقدمة ضمن قائمة أكبر خمس وعشرين دولة شريكة تجارية للهند، حيث جاءت في المرتبة الثالثة والخامسة والسابعة والثانية والعشرين على التوالي. كما تُعدّ الهند من بين أكثر الدول استقبالاً للاستثمارات من العالم العربي. فبين أبريل 2022م وسبتمبر 2025م، تدفقت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 31.34 مليار دولار أمريكي إلى الهند من العالم العربي. ويُعدّ هذا الرقم من أعلى المعدلات على مستوى العالم من حيث حصة الهند من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وتُعدّ الإمارات العربية المتحدة (25.18 مليار دولار أمريكي) والمملكة العربية السعودية (3.28 مليار دولار أمريكي) من أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر في الهند من العالم العربي.
وتُشكّل تحويلات المغتربين الهنود في دول مجلس التعاون الخليجي عنصرًا مهمًا آخر في العلاقات الاقتصادية الثنائية بين الهند والعالم العربي. وتُعدّ الهند أكبر دولة في العالم من حيث تلقي التحويلات المالية، حيث بلغت 135 مليار دولار أمريكي خلال السنة المالية 2024-2025م، ويأتي ما يقارب 25-30% منها من دول الخليج العربي. وتشمل العلاقات التجارية كميات هائلة من واردات الهند من النفط والغاز من منطقة الخليج العربي. وتُعدّ المملكة العربية السعودية والعراق وقطر والإمارات العربية المتحدة من أهم مصادر واردات الهند من الهيدروكربونات في العالم. ويأتي ما يقارب 35-40% من واردات الهند من النفط والغاز من العالم العربي. ولذلك، استمر أمن الطاقة في تشكيل أساس مهم للعلاقات الاقتصادية الثنائية خلال عام 2025م.
وإلى جانب ذلك، بدأت الهند والعالم العربي في تطوير علاقات تجارية وثيقة بين الشركات. فالعديد من الشركات الهندية في قطاعات الاتصالات والسيارات والبناء وتكنولوجيا المعلومات والترفيه والتجزئة والتمويل والصناعات الثقيلة والزراعة والنسيج والخدمات لديها علاقات تجارية قوية وحضور بارز في العالم العربي. وقد ازداد تبادل الوفود التجارية بين الهند والدول العربية بشكل ملحوظ، مع التركيز على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية. كما زادت الاستثمارات الهندية في الدول العربية بشكل ملحوظ في مجالات جديدة. وهناك أيضًا زخم كبير في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع توقيع اتفاقية I2U2 ومذكرة التفاهم بشأن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
روابط الدفاع والأمن
استمرت روابط الدفاع والأمن في التحسن بشكل ملحوظ. وقد جرت في هذا الصدد عدد من الزيارات المهمة. وتحسنت علاقات الدفاع والأمن مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والمغرب والأردن بشكل كبير، حيث أصبحت العلاقات العسكرية الثنائية، والتصنيع الدفاعي، والأمن البحري، والتدريبات الثنائية، ومكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والمجالات الناشئة مثل الأمن السيبراني واستكشاف الفضاء، من المجالات ذات الأولوية. وخلال عام 2025م، جرت العديد من التبادلات المهمة في هذا المجال. وفي 22-23 سبتمبر 2025م، زار وزير الدفاع راجناث سينغ المغرب في زيارة رسمية استغرقت يومين، حيث عقد عدة اجتماعات ثنائية رفيعة المستوى، بما في ذلك مع الوزير المنتدب للدفاع الوطني المغربي عبد اللطيف لوديي. وكانت هذه أول زيارة لوزير الدفاع الهندي إلى المغرب، مما يؤكد العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الهند والمغرب.
وفي وقت سابق، في الفترة من 25 إلى 28 أغسطس، قام رئيس أركان الجيش الجنرال أوبيندرا دويفيدي بزيارة رسمية إلى الجزائر. وجاءت هذه الزيارة في أعقاب الزيارات الأخيرة لرئيسة الهند ورئيس أركان الدفاع، مما يؤكد الأهمية التي تُولى لتعزيز علاقات الدفاع بين الهند والجزائر. ومن الزيارات المهمة الأخرى من الهند زيارة وزير الدولة لشؤون الدفاع سانجاي سيث الذي قام بزيارة لمدة يومين إلى الإمارات العربية المتحدة. وفي اليوم الثاني من زيارته في 18 نوفمبر، ترأس الوزير اجتماع مائدة مستديرة للصناعة حول موضوع التعاون في تكنولوجيا الدفاع والتصنيع في الهند في دبي.
وشملت الزيارات المهمة في مجال الدفاع من الدول العربية إلى الهند خلال عام 2025م زيارة قائد القوات البحرية الإماراتية اللواء حميد محمد عبد الله الرميثي في الفترة من 7 إلى 9 يوليو. وهدفت الزيارة إلى تعزيز التعاون البحري والعلاقات الثنائية، وشملت مناقشات رفيعة المستوى وتفاعلات عملياتية في نيودلهي. وفي 27-28 أكتوبر، زار اللواء يوسف معيوف سعيد الحلامي، قائد القوات البرية الإماراتية، الهند لإجراء لقاءات رفيعة المستوى تهدف إلى توسيع التعاون العسكري والحوار الاستراتيجي والتعاون الدفاعي. وفي الفترة من 24 إلى 27 نوفمبر، زار الأدميرال محمد طحين، مفتش البحرية الملكية المغربية، الهند لاستكشاف إمكانيات التعاون البحري.
ويشمل التعاون الدفاعي والأمني الثنائي أيضًا تدريبات مشتركة لتعزيز التفاهم بين القوات المسلحة وقابلية التشغيل البيني. وأُقيمت النسخة الثالثة من مناورات "سايكلون" المشتركة بين القوات الخاصة الهندية والمصرية في ميادين الرماية في ماهاجان بولاية راجستهان خلال الفترة من 10 إلى 23 فبراير 2025م. وتُجرى هذه المناورات السنوية بالتناوب بين الهند ومصر. وفي أبريل 2025م، وصل وفد من سلاح الجو الهندي إلى قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في مناورات "علم الصحراء 10"، وهي مناورات جوية متعددة الجنسيات رفيعة المستوى. ويشارك سلاح الجو الهندي في هذه المناورات بطائرات ميغ-29 وجاغوار. وفي ديسمبر، وصل وفد من الجيش الهندي إلى الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في النسخة الثانية من مناورات "إعصار الصحراء 2" العسكرية المشتركة بين الهند والإمارات، والمقرر إجراؤها في أبوظبي، في الفترة من 18 إلى 30 ديسمبر 2025م.
العلاقات الثقافية والروابط بين الشعوب
يُعدّ التبادل الثقافي والتواصل بين الشعوب مكونًا مهمًا في العلاقات الهندية العربية المتنامية. ويأتي عدد كبير من الطلاب العرب إلى الهند لمتابعة التعليم العالي في العديد من المؤسسات التعليمية الهندية. كما تعمل الهند على افتتاح فروع لمؤسسات التعليم العالي الهندية في العالم العربي. ويصل العديد من الطلاب إلى الهند بمنح دراسية مقدمة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية. وشهدت العلاقات في قطاع الصحة أيضًا زيادة ملحوظة. ويزور العديد من المواطنين العرب من العراق والسوريا واليمن ودول أخرى، الهندَ لتلقي الرعاية الصحية وإجراءات طبية متخصصة للغاية. كما تُبذل جهود لتعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية والأدوية مع العديد من الدول العربية. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل متخصصون في الرعاية الصحية من الهند في الدول العربية، ليكونوا سفراء لقطاع الصحة الهندي المتميز.
ويشهد التعاون الهندي العربي نموًا ملحوظًا في مجالات الفنون والسينما والرياضة والحفاظ على التراث والسياحة. ونظرًا لأن العديد من دول الخليج العربي تعمل على تنويع اقتصاداتها وفتح مجتمعاتها أمام قطاعي الترفيه والسياحة، فقد زاد نطاق التعاون في هذه المجالات بشكل كبير. وتحظى الأفلام والموسيقى الهندية والفعاليات الرياضية مثل الدوري الهندي الممتاز والمواقع السياحية في ولاية كيرالا والولايات الهندية الأخرى بشعبية كبيرة في العالم العربي، وقد شهد هذا المجال زخمًا كبيرًا خلال عام 2025م. ويتم تصوير عدد من الأفلام الهندية في العالم العربي، وهناك إمكانيات أكبر للتعاون أيضًا في صناعة الترفيه المتنامية لشركات الإنتاج السينمائي الهندية والمتخصصين في هذا المجال.
وفي الختام، يمكن القول بأن العلاقات الهندية العربية في عام 2025م قد تعززت بفضل الرؤية المشتركة والمصالح المتبادلة في عالم يتسم بالديناميكية المتزايدة. وقد وفرت التغيرات الجيوسياسية والتحولات في النظام الدولي زخمًا لتعزيز العلاقات الهندية العربية. ولقد جعل صعود الهند كقوة اقتصادية عالمية منها وجهة جذابة للدول العربية، بينما تواصل الهند اعتبار العالم العربي منطقة مهمة في محيطها الإقليمي. وإلى جانب التجارة والاستثمارات والأمن البحري والمغتربين وأمن الطاقة التي شكلت تقليديًا أسس العلاقات الهندية العربية، أدت التحولات السياسية والاقتصادية العالمية إلى ظهور مجالات جديدة تشمل الغذاء والصحة والبيئة والمناخ وأمن المياه، بالإضافة إلى الروابط الثقافية، لتكون هذه المجالات الجديدة جزءًا من العلاقات المتنامية بين الهند والعالم العربي. ولقد قدم عام 2025م لمحة أخرى عن التاريخ العريق والمستقبل المشرق للعلاقات الهندية العربية.
*أستاذ مشارك في مركز دراسات غرب آسيا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.