فيدوشي غور
أسرت الكابتن ساريا عبّاسي خيال الشباب الهنود عندما انتشرت صورتها بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تقف بثقة خلف مدفع دفاع جوي قرب الحدود مع الصين في ولاية أروناتشال براديش.
الكابتن ساريا عبّاسي، قائدة وحدة في فوج الدفاع الجوي التابع للجيش المتمركز قرب خط السيطرة الفعلية المتنازع عليه، كانت ضمن أولى وحدات الدفاع الجوي في البلاد التي تم تزويدها بمدافع مطورة من طراز L70.
مرتدية زيّها الأخضر الزيتوني، وعيناها تركزان بحدة، لم تكن تقف فقط كجندية، بل كمَعلم على تغيّر الزمن.
الكابتن ساريا عبّاسي أمام مدفع الدفاع الجوي على الحدود مع الصين
وكان ذلك في أكتوبر من عام 2021م، وكانت العلاقات بين الهند والصين متوترة. وفي ظل هذا السياق المشحون، شوهدت النقيب عبّاسي وهي تُجري إحاطة صحفية — ضابطة متزنة في زيّها العسكري، تتعامل بهدوء مع الأسئلة تحت عدسات الكاميرات.
ولقد روت تلك الصورة حكاية قوية: عن نساء يتولين أدوارا قيادية، ويقدن الصفوف الأمامية، ويُعدن صياغة الرواية داخل القوات المسلحة الهندية.
وقد شمل دورها على خط السيطرة الفعلية قيادة فريق متخصص في مكافحة الطائرات المسيّرة، ما يبرز براعتها التكتيكية في التصدي للتهديدات الجوية الناشئة. واليوم، تواصل خدمتها في الخطوط الأمامية، حيث تقوم بتشغيل مدافع مضادة للطائرات من طراز L-70، في القطاع الحساس من أروناتشال.
الكابتن ساريا عبّاسي مع والديها أثناء تخرّجها في أكاديمية تدريب الضباط، في تشيناي
وتنحدر ساريا من حي رام جانكي ناغار في مدينة غوراخبور، بولاية أترا برديش. ونشأت في بيت مشبع بالقيم والتعليم والطموح الهادئ، فوالدها الدكتور تحسين عبّاسي مذيع مخضرم في إذاعة عموم الهند، ووالدتها السيدة ريحانة شميم معلمة مجتهدة في مدرسة إعدادية.
ويقول والدها الدكتور تحسين عبّاسي: "لطالما أحبت الزي العسكري". وكان الفخر والهدف يناشدانها منذ صغرها".
وقد تركت قصص الجيش التي كانت تسمعها من أفراد الأسرة الذين خدموا في القوات المسلحة، إلى جانب وجود الجنود في بلدتها، انطباعا لا ينسى.
وعلى الرغم من شغفها العميق بالجيش، سلكت ساريا مسارًا أكاديميًا تقليديًا، فأكملت دراستها الثانوية في مدرسة جي. إن ناشيونال، ثم حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة الوراثية من معهد "آي إيم إس" في غازي آباد.
وقالت في مقابلة: "لم أستطع أن أتخيل نفسي خلف مكتب. وكان قلبي دائمًا في خدمة الوطن".
وبعزم لا يلين على اتباع شغفها، بدأت الاستعداد لاجتياز امتحان الخدمات الدفاعية المشتركة، الذي تجريه لجنة الخدمة العامة المركزية.
وفي التاسع من سبتمبر عام 2017م، شاركت سايريا في عرض التخرّج العسكري في أكاديمية تدريب الضباط في تشيناي. كانت عائلتها تتابع المشهد بعيون دامعة وقلوب مفعمة بالفخر، وهي تراها تؤدي القسم لخدمة الهند والدفاع عنها.
وأصبحت قصة الكابتن عبّاسي مصدر إلهام لآلاف الفتيات الشابات. وغالبًا ما يتحدث شقيقها الأصغر، تمثيل أحمد عبّاسي، عن الفخر الذي تجلبه للأسرة.
وتقول بصراحة: "نعم، هناك تحديات، لكن الجيش هو مسيرة ذهبية لمن يجرؤ".
وفي المقابلات معها، كثيرًا ما تؤكد على دور دعم العائلة في رحلتها، قائلة: "لم تكن أمي مجرد والدتي، بل كانت معلمتي الأولى. وإيمان والدي بأحلامي منحني قوة لتحقيق أحلامي".
وتُجسّد الكابتن عباسي أكثر من مجرد نجاح شخصي، فهي تُجسّد تحوّل الجيش الهندي نفسه، الذي يفتح أبوابه بشكل متزايد أمام النساء في مجالات الدعم القتالي، والطيران، والقيادة.
اقرأ أيضًا: صناع التغيير: 10 شخصيات من أترا برديش أصبحت قدوة يُحتذى بها
ومع انتشار قصتها في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تقف ساريا عبّاسي شامخة — ليس فقط كمدافعة عن حدود الهند، بل كرمز للشجاعة والأمل والمساواة. إنها تذكّرنا بأن الشجاعة لا تعرف جنسًا، وأن حب الوطن لا تحدّه التقاليد.
وفي شخصها، ترى أعداد لا تُحصى من الشباب الهنود — وخاصة الفتيات من البلدات الصغيرة — مستقبلاً كان يُعتقد في يوم من الأيام أنه بعيد المنال.