شاكر علي أحيا فن المنمنمات في راجستهان

22-09-2025  آخر تحديث   | 22-09-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
شاكر علي
شاكر علي

 


فرحان إسرائيلي/جايبور

عندما نتحدث عن فن المنمنمات في راجستهان، يبرز اسم السيد شاكر علي بلا شك. فهو ليس مجرد أستاذ في هذا الفن الدقيق فحسب، بل حارس مخلص للإرث الثقافي العريق لراجستهان.

وبدأت رحلة شاكر علي الفنية منذ طفولته المبكرة. فكان وهو صغير يرسم بالفحم على الجدران، ويخطّ صور الأشخاص بأقلام الحبر الجاف أثناء انتظاره في محلات الحلاقة — دون أن يدرك آنذاك أن هذه الهواية البسيطة ستمنحه يومًا ما أرفع الجوائز الفنية في البلاد.

وفي المدرسة، كان يصنع الرانغولي بالطباشير والألوان الزاهية، ويتفوّق في كل مسابقة فنية يشارك فيها. ويبدو أن الفن كان يجري في عروقه. فجده، السيد حامد علي، كان رسامًا بارزًا ومعلّمًا، بينما كان والده يتاجر باللوحات النادرة والتحف التاريخية. وقد أسهم هذا الإرث الفني في ترسيخ احترام شاكر العميق للفن وإخلاصه لعالمه.

ووُلد شاكر علي عام 1956م في جاليسار، وهي قرية بولاية أوترا براديش، قبل أن تنتقل أسرته لاحقًا إلى جايبور، حيث وجدت موهبته الفنية مجالًا للتعبير والتطور. وهناك، منح الفن التقليدي للمنمنمات الراجستهانية اتجاهًا جديدًا وبُعدًا عالميًا. وقد تُوّج عطاؤه الممتد على مدى حياته بتكريمه بجائزة بادما شري.

وبدأ انخراط شاكر الجاد في فن المنمنمات بعد لقاء عابر مع الفنان رامغوبال فيجايفارغيا الحاصل أيضًا على جائزة بادما شري، وهو صديق للعائلة. ورغم أن شاكر لم يكن منجذبًا كثيرًا إلى أسلوب فيجايفارغيا البنغالي في الرسم، فإنه في مرسمه اكتشف كتبًا عن المنمنمات ذات الطراز الكيشانغري. وقد أسرت اهتمامه، فشرع في نسخ تلك الأعمال باستخدام قلم الرصاص.

وانبهر رامغوبال بموهبته الفطرية، فدلّه على فيدبال شارما المعروف باسم بانو جي، وهو أستاذ أسطوري من تقاليد بلاط جايبور الملكي. وتحت إشراف بانو جي، تتلمذ شاكر علي لما يقرب من ثلاث سنوات، انغمس خلالها كليًا في الانضباط الدقيق لفن المنمنمات.

ورغم أن والديه كانا يأملان أن يصبح طبيبًا، وأنه تفوّق في مادة الأحياء وحصل على أعلى الدرجات، فإن قلبه كان في مكان آخر. فقد كانت لوحاته ورسوماته البيولوجية بالغة الإتقان لدرجة أنها فازت بالجوائز مرارًا. وفي النهاية اختار الفن رسالته الحقيقية، فأكمل بكالوريوس الآداب وكرّس نفسه بالكامل لفن المنمنمات.

وبالنسبة إلى شاكر علي، فإن فن المنمنمات لا يعني مجرد صِغَر الحجم، بل الدقة المتناهية. فهو يوضح أنه على أوراق لا يتجاوز حجمها 12 إلى 16 بوصة، يرسم أدق التفاصيل من تعابير الوجوه، وجفون العيون، وملمس البشرة، والطيور، والأشجار، والزهور، والمناظر الطبيعية، بدقة تجعل من الضروري استخدام عدسة مكبرة لتقدير عمقها الكامل. ويقول: "الفن لا يُعلَّم، بل يُراقَب. فهناك من يتعلم خلال سنوات، وهناك من يتقنه في أيام". ويؤكد أن إتقان هذا الفن لا يتحقق إلا بالصبر والإخلاص وسنوات طويلة من الممارسة الدؤوبة.

وفي عام 1992م، مثّل شاكر علي الهند في المهرجان الشعبي العاشر لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي في إسلام آباد، حيث فاز بالجائزة الأولى. وفي العام التالي، نال الجائزة الوطنية من حكومة الهند. وقد فتحت هذه التكريمات أمامه أبواب المنصات العالمية.

ومنذ ذلك الحين مثّل الهند في ما يقرب من 15 دولة، من بينها إيران وتركيا والجزائر والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إضافةً إلى مشاركاته المتكررة في دبي التي بلغت سبع مرات، حيث حصد في كثير منها أرفع الجوائز.

وزيّنت أعمال شاكر علي جدران مقر إقامة رئيس الوزراء، كما قُدِّمت لوحاته كهدايا إلى الشخصيات الرسمية الزائرة وفي المناسبات الدولية.

وعلى مرّ السنوات، قدّم أيضًا عروضًا حيّة للرسم في مختلف أنحاء العالم، حيث كان يرسم على مدى أسبوع كامل في جلسات تستغرق ساعتين يوميًا تحت أنظار الجمهور ولجان التحكيم. وحتى في دبي، حيث تُعد مبيعات الأعمال الفنية أمرًا نادرًا، استطاعت أعماله أن تأسر الجماهير العربية وتثير إعجابهم.

اقرأ أيضًا: الاستثمار في السياحة: فرص هندية وسعودية للتنمية المشتركة

فإن السيد شاكر علي ليس مجرد أستاذ في فن المنمنمات، بل هو ساحرها؛ رجل أشعل ثورة هادئة في عالم الرسم الهندي التقليدي.