دهرمندرا… من شاب حلم بالتمثيل إلى أيقونة خالدة في ذاكرة الهند

25-11-2025  آخر تحديث   | 25-11-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
دهرمندرا… من شاب حلم بالتمثيل إلى أيقونة خالدة في ذاكرة الهند
دهرمندرا… من شاب حلم بالتمثيل إلى أيقونة خالدة في ذاكرة الهند

 


تبريز أحمد/ آواز دي وايس

رحل النجم السينمائي الكبير والممثل المخضرم دهرمندرا، صباح الإثنين في مومباي، عن عمر ناهز 89 عامًا، طاويًا وراءه مسيرة فنية تمتد لأكثر من ستة عقود، جعلته واحدًا من أكثر نجوم السينما الهندية حضورًا وشعبية لدى الجمهور. وفقدت السينما الهندية، واحدًا من أعمدتها الأكثر رسوخًا، فنانًا قدّم أكثر من 300 فيلم، وأصبح صوته وصورته جزءًا لا ينفصل عن ذاكرة الجمهور ووجدان السينما الهندية.

وشارك دهرمندرا في أكثر من 300 فيلم، كثير منها حقق نجاحًا كاسحًا، وأنتجت أفلامه أغنيات أصبحت أيقونات زمانها. وأما مكانته وسط نجوم بوليوود فلم تهتزّ رغم تغيّر الأجيال وصعود موجات جديدة من النجوم؛ فقد بقي محبوبًا، ثابتًا في ذاكرة الجمهور، لا تغلبه نجاحات غيره ولا تُنقص منه إخفاقات عابرة.

ووصل دهرمندرا من قرية نصرالي بولاية البنجاب إلى مومباي "مدينة الأحلام"، شابًا لا يعرف شيئًا عن الطريق إلى السينما. وفشل في محاولته الأولى، فعاد إلى البنجاب وعمل في شركة حفر. لكن حلمه كان أعمق من أن يتبدد، فعاد مرة أخرى بعدما رأى إعلانًا عن مسابقة لاكتشاف المواهب نظمتها مجلة "فيلمفير"، للمشاركة فيها. وشارك فيها وحلّ في المركز الثاني، لكن الطريق ظلّ صعبًا. وكاد يستسلم ويغادر المدينة مجددًا، لولا صديقه مانوج كومار أقنعه بالبقاء.

وفي عام 1960م، جاءته فرصته الأولى حين منحه المخرج أرجون هينغوراني دورًا في فيلم "دل بھی تیرا ہم بھی تیرے"، ليبدأ بعدها رحلة تجاوزت 300 فيلم، كثير منها حقق نجاحًا ساحقًا. ومن باب الامتنان، شارك دهرمندرا لاحقًا في كل أفلام هينغوراني، جيدة كانت أم متواضعة.

وقد تزوج في وقت مبكر من حياته عام 1954م من براكاش كور، وأنجب منها ابنه الأكبر ساني ديول الذي أصبح لاحقًا نجمًا بارزًا بدوره. ثم اقترن بالنجمة هيما ماليني، ورُزق منها بابنتيه إيشا وأهانا، إلى جانب ابنتيه أجيتا وفيجيتا من زواجه الأول.

ويُخلِّف دهرمندرا وراءه زوجتيه براكاش كور وهيما ماليني، وستة أبناء: ساني ديول، بوبي ديول، إيشا ديول، أهانا ديول، أجيتا، وفيجيتا. عائلة فنية بامتياز، امتدّ حضورها من الشاشة إلى وجدان جمهور واسع داخل الهند وخارجها، لتصبح عائلة "ديول" واحدة من أكثر العائلات حضورًا في ذاكرة السينما الهندية.

وتميّز دهرمندرا بجاذبيته الجسدية وطلّته المميزة، لينافس نخبة نجوم تلك الحقبة مثل ديليب كومار وراج كابور وشامي كابور. ورغم مشاركته في أفلام متفاوتة الجودة، امتلك قدرة لافتة على اختيار أدوار مؤثرة مثل دوره في فيلم "بانْدِيني" (1962م) وفيلم "حقيقت" (1964م).

ولكن الانطلاقة الكبرى جاءت مع فيلم "فول أور بَتّهر" (1964م) الذي منحه لقب "هي مَين" وترسّخت معه صورته باعتباره الرجل القوي الحساس. وإلى جانب ذلك، شكّل ثنائيًا ناجحًا مع النجمة مينا كوماري عبر سبعة أفلام، وأثبت نفسه ممثلًا قادرًا على الانتقال بين الرومانسية والدراما والأكشن بسلاسة لافتة.

وشارك، بعد ذلك، في عدد من أشهر كلاسيكيات السينما الهندية مثل "شولاي"(1975) و"دهرم وير (1977) "ميرا غاون ميرا ديش" (1971م)، و"سيتا أور غيتا" (1977م)، و"يادون كي بارات" (1973)، و"تشوبكي تشوبكي"(1975)، و"براتيغيا" (1975م).

ومع نهاية التسعينيات، بدأ دهرمندرا مرحلة جديدة من حياته الفنية؛ انتقل من أدوار البطل الأول إلى أدوار الشخصيات المحورية: الأب، الجد، والوجه الحكيم الذي يحمل ذاكرة جيل كامل. شارك في أفلام ناجحة نقديًا وجماهيريًا مثل "لايف إن مترو"(2007)، و"ياملا بغلا ديوانا" (2011)، وظهر في أعمال حديثة مثل "روكي أور راني كي بريم كهاني" (2023)، ليبقى حاضرًا في ذاكرة الجمهور الأصغر سنًا كما هو في ذاكرة من كبروا على أفلامه الكلاسيكية.

وهكذا، صعد دهرمندرا من شاب مجهول يبحث عن دور واحد إلى نجم كبير؛ رجل لم يحصل على فرصته بسهولة، لكنه حين نالها، نسج منها أسطورة ستبقى جزءًا من تاريخ بوليوود.

ومنذ ظهوره الأول في ستينيات القرن الماضي وحتى لقطاته الأخيرة في الأفلام الحديثة، ظل دهرمندرا مزيجًا نادرًا من الصلابة والرقّة؛ رجلا يشقّ طريقه بملامح قاسية وابتسامة دافئة، قادر على أن يكون بطلًا شعبيًا في أفلام الحركة، وعاشقًا رومانسيًا في الأفلام الغنائية، وأبًا حنونًا في الأعمال الاجتماعية.

وحصل دارمندرا عام 1997م على جائزة فيلمفير للإنجاز مدى الحياة تكريمًا لإسهاماته الكبيرة في السينما الهندية. وفي عام 2012م، مُنح وسام بادما بوشان، ثالث أعلى وسام مدني في الهند.

ولم تقف حياته عند حدود الفن؛ فقد دخل دهرمندرا عالم السياسة أيضًا، وانتُخب عضوًا في مجلس النواب (لوك سابها) ممثلًا عن دائرة بيكانير في ولاية راجستان بين عامي 2004 و2009م تحت راية حزب بهاراتيا جاناتا.

ولا تفقد السينما الهندية، برحيل دهرمندرا، نجمًا كبيرًا فحسب، بل تفقد صفحة كاملة من تاريخها؛ جيلًا من النجوم الذين صنعوا صورة الهند على الشاشة، وحوّلوا السينما إلى مرآة لأحلام الناس وآلامهم.

اقرأ أيضًا: دهرمندر يودّع الحياة… نهاية مسيرة نجم صنع تاريخًا في السينما الهندية

ورحل جسده، لكن أفلامه باقية، والمشاهد الخالدة لا تزال تُعرض وتُشاهَد وتُستعاد، لتقول لمن يأتي بعده: هنا مرّ رجل اسمه دهرمندرا، بدأ حكايةً بسيطة في قرية صغيرة، وانتهى أسطورةً على شاشة كبيرة.

قصص مقترحة