سعيد الرحمن
كالي تعني "السوداء"، أي الإلهة السوداء. وتُعبد الإلهة كالي كأمٍّ تحمي أبناءها وتدفع عنهم الشر، وتحارب قوى الظلام، غير أن صورتها تبدو مخيفة جدًا.
وتبدأ طقوس البوجا في منتصف الليل، فتمتلئ معابد كالي بالزوّار، ويرنّ صوت الأجراس في الأرجاء، وتُضاء البيوت بالمصابيح الزيتية كما تُضاء في عيد الأضواء. ويُطلق الكبار والصغار المفرقعات والألعاب النارية في السماء، بينما يجري الأطفال هنا وهناك، ويقضي الشباب ليلتهم في الرقص والغناء والموسيقى، فلا ينام إلا القليل في تلك الليلة.
تُعدّ الإلهة كالي من أبرز الإلهات في المعتقد الهندوسي. وترتبط أيقونتها وطقوس عبادتها والأساطير المنسوجة حولها بمزيجٍ من الشهوانية والعنف والبطولة إلى جانب عاطفة الأمومة بشيء من التناقض في ظهورها المتأخر. ونحتت صورها وتماثيلها في أشكال متعددة في جنوب آسيا ولكن في معظم الأحيان نجد صورتها عارية جزئيا أو تمامًا وفي هيئة مخيفة جدًا. ويتدلى لسانها الطويل الأحمر ويحيط بعنقها عقد من الرؤوس المقطوعة ولها سواعد متعددة وتحمل في أيديها الأربع سيفا ومجنا وساعدا مقطوعا لبطل ما وأحبولة. وأيديها كلها ممتدة في صرامة وحزم وهي قائمة على صدر زوجها "شيفا" المستلقي على ظهره وفمه فاغر كأنها ترقص وتفرح بالانتصار عليه.
وفي العصور القديمة، كانت الإلهة كالي تُعبد في المناطق الجبلية وفي بيوت الطبقات الدنيا من جنوب آسيا، ولم تكن آنذاك إلهةً تحظى بالتبجيل بين عامة الناس. ووفقًا للأساطير الهندوسية، ظهرت كالي للمرة الأولى في الحضارة السنسكريتية كإلهةٍ عظيمةٍ، حين انبثقت من حاجب عين الإلهة دورغا، وذلك في القرن السادس قبل الميلاد.
ويُروى في الأساطير الهندوسية أن الإلهة كالي ظهرت لتقضي على قوى الشر المتجسدة في الشيطان رَكْتَ بيجا، الذي كان يتضاعف كلما سقطت قطرة من دمه على الأرض. فقتلت كالي الشرير وشربت دمه حتى لا تتكاثر قطراته، ومنذ ذلك اليوم بدأ عامة الناس بعبادتها، وأصبحت رمزًا للبطولة النادرة والقوة الجامحة والعنف المقدّس والانتصار على قوى الطغيان.
اقرأ أيضًا: المهرجانات الهندوسية في غرب البنغال- عيد سرسواتي
ولا تُعبد الإلهة كالي على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء الهند، إذ يتركّز انتشار عبادتها في المناطق الجبلية من كشمير وآسام، وفي بعض المناطق بجنوب الهند، ولا سيما في ولاية غرب البنغال التي تُعدّ مركزًا رئيسًا لعبادتها وطقوسها الدينية. (يتبع)