ضحايا الإرهاب في كشمير يحصلون على دعم ملموس بعد عقود من التجاهل

23-08-2025  آخر تحديث   | 22-08-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
ضحايا الإرهاب في كشمير يحصلون على دعم ملموس بعد عقود من التجاهل
ضحايا الإرهاب في كشمير يحصلون على دعم ملموس بعد عقود من التجاهل

 


شيخ خالد جهانجير*

شهدت جامو وكشمير، في 5 أغسطس، نقطة تحول عندما تحدث نائب الحاكم مانوج سينها في سريناغار إلى أشخاص عانوا بشدة لأجيال. وفي مركز شير اي كشمير الدولي للمؤتمرات، تتلقى 250 أسرة من ضحايا الإرهاب وظائف حكومية من يده. ولم يكن هذا مجرد إجراء رسمي، بل كان اعترافًا حكوميًا أخيرًا بهذه العائلات، وهو أمر كان ينبغي أن يحدث منذ وقت طويل.

وتعرّض ضحايا الإرهاب للتجاهل لسنوات طويلة. وتبرز أهمية ما حدث اليوم حين ننظر إليه في سياق عقود من الصراع في كشمير، حيث أدت أعمال العنف، التي بدأت أواخر الثمانينيات، إلى مقتل آلاف الأشخاص على يد جماعات إرهابية مدعومة من باكستان.

وشهدت حركة التمرد دعمًا واسع النطاق، تغذّى من عمليات تسلل العناصر المسلحة من خارج الحدود، بالإضافة إلى انضمام بعض السكان المحليين. وقد اعتمدت هذه الحركة على شبكة دعم شاملة تضم مسلحين، ومخططين خلف الكواليس، وممولين، وسياسيين لعبوا دورًا في التبرير أو التغاضي عن العنف. وفي الوقت نفسه، روّجت الدعاية المتشددة صورة المتمردين كأبطال، متجاهلة بشكل تام الضحايا الذين سقطوا في هذا الصراع.

واضطرت عائلات الضحايا إلى البحث عن طرق للبقاء وسط تهديد مستمر. وكان الكثيرون يخشون حتى التقدم ببلاغات إلى الشرطة، خوفًا من العواقب المحتملة. وساد جو من الخوف والصمت، وانصرف الجيران عن تقديم الدعم. أما الحكومة، فكانت في كثير من الأحيان عاجزة أو غارقة في الفساد خلال أشد فترات العنف، فلم تتمكن من تحقيق العدالة.

ولم تقتصر معاناة هذه العائلات على التهميش الاجتماعي، بل شملت أيضًا الإقصاء من النقاشات السياسية والفرص الاقتصادية. ولهذا تأتي مبادرة سينها كخطوة بالغة الأهمية في هذا السياق. ففي ذلك اليوم من أغسطس، تسلّم 158 شخصًا خطابات تعيينهم مباشرة من الحاكم. أما الباقون، من مناطق مثل سريناغار، غاندربال، بولواما، وكوبوارا، فسيحصلون عليها قريبًا. ولم تكن هذه مجاملات عشوائية، بل إجراءات مدروسة تهدف إلى توفير الاستقرار المالي لأشخاص فقدوا من كانوا يعيلونهم، أحيانًا قبل سنوات طويلة.

ونادراً ما شهدت جامو وكشمير مثل هذه الخطوات. فعلى الرغم من أن الحكومات قدمت مساعدات مالية لبعض الضحايا، مثل أفراد الأمن أو من ماتوا في هجمات كبرى، بينما لم يُقدّم دعم ممنهج و مستمر للعائلات المدنية المتضررة من العنف. وهذا الفراغ مكّن الجماعات الإرهابية من ترسيخ نفوذها، وخلق بيئة من الخوف والتبعية. وفقد كانت تلك الجماعات تدرك أنها قادرة على معاقبة من يخالفها، دون أن تجد عائلات الضحايا أي جهة تلجأ إليها. وقد صرّح سينها أن هدفه لا يقتصر على تقديم المال، بل القضاء على هذا النظام بالكامل.

وتحدث سينها بوضوح عن ضرورة القضاء ليس فقط على الإرهابيين، بل أيضًا على من يدعمونهم، سواء بالإمدادات أو بالأفكار. ويستخدم مصطلح "منظومة الإرهاب" لوصف شبكة من الأسلحة والدعاية والأموال والنفوذ، والتي كانت جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي في المنطقة لأكثر من ثلاثين عامًا. ومن خلال دعمه المباشر لضحايا الإرهاب، فإنه يتحدى الرواية القائلة بأن المسلحين يمثلون الشعب، ويوجه رسالة مفادها أن الدولة تقف مع العدالة والاحترام وحكم القانون. ولم يكن الحدث في مركز شير اي كشمير الدولي للمؤتمراتهو الوحيد في نوعه. وقام سينها في 13 يوليو في بارامولا، بتسليم 40 خطاب تعيين، وفي 28 يوليو في جامو، استلمت 80 عائلة خطاباتها.

وكان حدث الخامس من أغسطس الأكبر من نوعه، وثمرة جهد امتد لشهر كامل، ودليلًا واضحًا على استمرار هذه المبادرة وتواصلها. وفي منطقة لا تزال الفعاليات العامة فيها محفوفة بالمخاطر، كان حضور هؤلاء الناس بمثابة شجاعة لافتة تستحق التقدير. فقد سافر بعضهم لمسافات طويلة، واجتازوا نقاط تفتيش، معرضين أنفسهم للمضايقات والتهديدات. ويمكن اعتبار مشاركتهم شكلاً من أشكال المقاومة، وتحديًا صريحًا للخوف الذي حاول المسلحون ترسيخه على مدى عقود. وكان صمت الضحايا نتيجة طبيعية للخوف وطريقة تصوير القضية في تلك الحقبة. ففي تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية، كانت النقاشات حول كشمير تتركز على الصراع السياسي بين الهند وباكستان، وكان يُنظر إلى المتمردين كرموز سياسية وليس كمجرمين عنيفين. أما الضحايا المدنيون فلم يكونوا جزءًا من هذه القصة وغالبًا ما تم تجاهلهم. لذلك، يمثل دعم سينها العلني لهؤلاء الضحايا تحديًا حقيقيًا لهذه النظرة التقليدية.

وتؤدي خطابات التعيين غرضين رئيسيين. فهي تمنح دعمًا ماليًا في منطقة تضررت اقتصادياً بسبب العنف، كما تشكل بيانًا سياسيًا بأن الحكومة تعترف بهؤلاء الأشخاص وتتعهد بحمايتهم. وإن تسليم هذه الخطابات يحمل دلالة رمزية، إذ يعيد تثبيت سلطة الحكومة في المناطق التي كانت فيها هذه السلطة موضع شك أو غائبة.

وبحسب تقارير المسؤولين المحليين في بعض المناطق التي تم تقديم الدعم لها، بدأ المدنيون يظهرون تعاونًا أكبر، وانخفض عدد المنضمين إلى الميليشيات المسلحة. وتشير الدراسات إلى أن الاستقرار المالي وتحقيق العدالة بشكل ملموس يقللان من جاذبية الحركات المسلحة. ومن خلال ربط الدعم المعنوي بالمساعدة العملية، تضع هذه المبادرة حدًا للعنف من الناحيتين الفكرية والفعلية.

وكانت هذه المراسم أيضًا بمثابة رسالة نقد خفية للأنظمة السياسية التي تقاعست عن دعم هذه العائلات. فقد اتُهم بعض الشخصيات السياسية في المنطقة بحماية من يدعمون العنف، واستغلالهم كأوراق ضغط في المفاوضات مع نيودلهي. ومن خلال تعامله المباشر مع الضحايا، لا يقتصر دور سينها على تقديم الدعم المادي فقط، بل يعيد صياغة علاقة الحكومة بمواطنيها. كان يوم الخامس من أغسطس في سريناغار أكثر من مجرد مناسبة عابرة؛ فقد شكّل نقطة تحول حقيقية في تاريخ صراع كشمير، الذي تخللته فترات من العنف ووقف إطلاق النار والجمود السياسي. ويمثل هذا الحدث خطوة نحو التركيز على التكلفة الإنسانية المدنية للإرهاب.

ويقوم هذا الحدث بتحويل النقاش من قضايا الأرض والسلطة إلى محور العدالة والإنسانية. وعندما غادر الناس في مركز شير اي كشمير الدولي للمؤتمرات حاملين خطاباتهم، كانت الرسالة الرمزية واضحة وجلية. وهي أن الحكومة تقف مع مواطنيها وتعترف بمعاناتهم وتؤكد أنها لن تتركهم في صمت أو تجاهل. ويمثل هذا الفعل، في تاريخ كشمير، خطوة هادئة لكنها بالغة الأهمية نحو استرداد ما ضاع.

ولا يمكن لما حدث في ذلك اليوم أن يمحو ألم الماضي، لكنه قد يشكل بداية لثقافة سياسية جديدة، تقوم على الاعتراف بضحايا الإرهاب، وتقييم أداء الحكومة من خلال قدرتها على استعادة الكرامة والاحترام، لا بمجرد تنفيذ الإجراءات الأمنية. وبالنسبة لمانوج سينها، يشكل ذلك ضرورة أخلاقية واستراتيجية لا غنى عنها. وأما لشعب جامو وكشمير، فهذا اعتراف بمعاناتهم التي طالما أخفاها العنف، والتي باتت اليوم مسموعة ومُعترَفًا بها.

كاتب، وزعيم حزب بهاراتيا جاناتا ومدير المركز الدولي لدراسات السلام في كشمير.