رضوان الرحمن*
تعد الجامعة الملية الإسلامية من الجامعات الهندية التي توفر للطلبة فرصة نادرة للدراسة والبحوث في شتى المجالات من العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية والهندسة والقانون والتعليم والتربية وطب الأسنان والدراسات الدولية إلى إدراة التجارة والضيافة والعلاقات الدولية ودراسة الأديان المقارنة. ويفد إلى الجامعة سنويًا مئات الطلبة والطالبات من داخل الهند وخارجها، ليلتحقوا ببرامجها الأكاديمية ويحصلوا على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، إضافة إلى برامج الدبلوم في اللغات الأجنبية والهندسة.
الجامعة الملية الإسلامية من الجامعات التي لا تتبع لها كليات أو معاهد خارج المدينة تعترف بها الجامعة وتمنح طلابها الشهادات، بل هي جامعة مستقلة تقع جميع كلياتها وأقسامها ومراكزها داخل حرم واحد. وإلى جانب برامج الدراسات العليا في تخصصات مختلفة، تدير الجامعة أيضاً مدرسة ثانوية وثانوية عامة يلتحق بهما الطلاب والطالبات من مختلف أنحاء البلاد، وذلك بهدف تأهيلهم للدراسات العليا المتخصصة. وهذه المدرسة تقع هي الأخرى في الحرم الجامعي، كما تتوفر للطلاب تسهيلات السكن والطعام بأسعار زهيدة. وكأي جامعة ومعهد دراسات عليا، تضم الجامعة الملية الإسلامية مختلف المكاتب والعمادات والإدارات، ومن أهمها مكاتب شيخ الجامعة، ووكيل الجامعة، ومراقب الامتحانات، والمكتب المالي، والمكاتب المشرفة على الأمن ورفاهية الطلبة والأساتذة والموظفين.ويشرف مكتب شيخ الجامعة على إدارة الجامعة العامة، وتعمل جميع المكاتب والعمادات تحت إشرافه، فيما يعاونه مسجل الجامعة في إنجاز هذه المهام.
والجامعة الملية الإسلامية من أعرق الجامعات الهندية، ولذلك تُصنَّف كل عام ضمن المراتب المتقدمة. وقد حصلت هذا العام على المرتبة الرابعة في التصنيف القومي، كما جرى تقييمها من قبل "مجلس التقييم القومي" حيث نالت الدرجة العليا. وأما التصنيفات العالمية التي تديرها وكالات مختلفة، فتضع الجامعة كل عام ضمن قائمة الجامعات العالمية المرموقة.
كليات الجامعة وبرامجها التعليمية
تتكون الجامعة من عدة كليات ومراكز الدراسات وفيما يلي تفاصيلها:
تضم "كلية اللغات والدراسات الإنسانية" أقسام اللغات العربية والفارسية والهندية والإنجليزية والأردية والسنسكريتية، إضافةً إلى أقسام التاريخ والثقافة والدراسات الإسلامية. وقد تأسست هذه الكلية بهدف تمكين الطلاب من فهم اللغات والآداب والتاريخ والثقافات العالمية بصورة منهجية، وإدراك أهميتها كإرث مشترك للإنسانية، بما يسهم في توسيع آفاق تفكير الطلبة ومساعدتهم على التعمق في البُنى والظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية الديناميكية.وتلتزم الكلية بتقديم منهج تعليمي متكامل ومتعدد التخصصات، وتوفر للطلاب مجموعة واسعة من المقررات التي تلبي اهتماماتهم وتطلعاتهم وتتناسب مع مساراتهم المهنية المستقبلية. وتمنح الكلية شهادات من مرحلة البكالوريوس وحتى الدكتوراه، إضافة إلى دبلومات في اللغة العربية والفارسية والصحافة باللغة الهندية.
وتشمل "كلية الدراسات الاجتماعية" أقسام الاقتصاد، والعلوم السياسية، والخدمة الاجتماعية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، ودراسات التجارة والأعمال، والتعليم والتدريب المستمر، والخدمات الاجتماعية. وتُعد هذه الكلية من أكبر كليات الجامعة من حيث عدد الأقسام والطلاب. وتقدّم برامج أكاديمية من البكالوريوس وحتى الدكتوراه، بالإضافة إلى دبلوم الدراسات العليا في علوم المكتبات والمعلومات.
وتعد "كلية العلوم" من الكليات الكبرى في الجامعة، وتضم أقسام الفيزياء والكيمياء والجغرافيا والرياضيات وعلوم الحاسوب. ومن خلال هذه الأقسام، تقدّم الكلية برامج دراسية في مختلف تخصصات العلوم، بدءاً من مرحلة البكالوريوس وحتى الماجستير والدكتوراه. كما توفر برامج الدكتوراه بشكل مستقل أو بالتعاون مع المؤسسات العلمية المرموقة داخل البلاد. وتتميز الكلية بنهجها المتكامل في التدريس، فضلاً عن إنجازاتها البارزة في مجال البحث العلمي. وتشرف الكلية كذلك على تطوير وإدارة عدد من المراكز البحثية، منها:مركز الأبحاث متعددة التخصصات في العلوم الأساسية، ومركز الفيزياء النظرية، ومركز العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، ومركز التكنولوجيا.
وتضم "كلية علوم الحياة" قسمَي الأحياء والتقنية الحيوية. وتقدّم الكلية، من خلالهما، برامج أكاديمية متكاملة في مختلف مستويات التعليم، من البكالوريوس وحتى الدكتوراه، في مجالات العلوم الحيوية المتعددة. كما تطرح برامج الدكتوراه بصورة مستقلة وأحياناً بالتعاون مع المؤسسات العلمية الرائدة داخل البلاد. وتتميز الكلية بمنهجها التكاملي في التدريس، إضافة إلى سجلها المتميز في الأبحاث العلمية.
وتُعد "كلية الهندسة والتكنولوجيا" مركزًا رائدًا للمعرفة في مجالات الهندسة والتقنيات الحديثة. وتضم الكلية سبعة أقسام رئيسة هي؛ الهندسة المدنية، والهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية، وهندسة الإلكترونيات والاتصالات، وهندسة الحاسوب، وعلوم البيئة، والعلوم التطبيقية والإنسانية.
وتقدّم هذه الأقسام برامج أكاديمية متنوعة تشمل الدراسات العليا والدكتوراه، إلى جانب ثمانية برامج بكالوريوس في تخصصات الهندسة والتكنولوجيا. وقد جرى تحديث المقررات الدراسية في العام الماضي لتواكب متطلبات سوق العمل والتطورات العلمية العالمية.
وتعد "كلية طب الأسنان" فرعًا أساسيًا ومهمًا من فروع العلوم الطبية الحديثة. ويتم فيها تدريب أطباء الأسنان على علاج أمراض الأسنان من التشخيص وعلاج الأمراض كليا ومنها تسوس الأسنان والتهاب اللثة ومرض سرطان الفم. والآن تتبنى كلية طب الأسنان في الجامعة الملية الإسلامية رؤية طموحة للنمو والتطور المستمر خلال السنوات الدراسية القادمة، وتشمل هذه الرؤية فتح كلية علوم الطب في السنوات المقبلة. ولهذه الكلية مستشفى يتسع لـ 100 سرير. وقد تخرج في هذه الكلية حتى الآن مئات من أطباء الأسنان من جميع أنحاء البلاد.
وأصبحت "كلية إدارة الأعمال" كلية مستقلة قبل ثلاث سنوات فقط. وهي تتكون من ثلاثة أقسام منها قسم إدارة الأعمال (المعروف سابقًا باسم مركز دراسات الإدارة) وقسم إدارة السياحة والضيافة وقسم إدارة المستشفيات ودراسات الرعاية الصحية. ويقدّم قسم إدارة الأعمال برنامج الماجستير في إدارة الأعمال، حيث يتيح للطلبة اكتساب مهارات متخصصة في مجالات التمويل والتسويق وإدارة الموارد البشرية والعمليات. وتدير الكلية أيضًا برامج متخصصة في التجارة الدولية وريادة الأعمال وإدارة الأعمال العائلية. كما يقدّم القسم برنامج الماجستير في إدارة الأعمال التنفيذي للمهنيين العاملين في الشركات. ويقدم قسم إدارة السياحة والضيافة برامج البكالوريوس والماجستير في إدارة السياحة والسفر والبكالوريوس في إدارة الفنادق وبكالوريوس المهنة في إنتاج الأغذية. كما يقدم الدبلوم العالي في إدارة السياحة والسفر. وتعتبر هذه الكلية من الكليات العريقة في الهند في هذه المجالات.
وتعد "كلية التربية" من الكليات القديمة التي تم تأسيسها باسم معهد تدريب المعلمين عام 1938م تحت إشراف الدكتور ذاكر حسين، الشخصية الرائدة في مجال التعليم في الهند، وهدفها تأهيل المعلمين للعمل في المدارس الابتدائية. وتدير الكلية برامج تعليمية متخصصة للمعلمين في مجالات الدراسات الإنسانية والفنون والتربية. وتعدّ مكانة كلية التربية اليوم نتاج رؤية القيادات السابقة والحالية. ولهذه الكلية ريادة في تدريب المعلمين في الوقت الحاضر. وتضم الكلية قسم الدراسات التربوية وقسم تدريب المعلمين والتعليم غير النظامي. وتقدم كلية التربية، من خلال قسميها، أكثر من عشرة برامج تعليمية مختلفة لتأهيل المعلمين والمختصين في التربية، كما توفر برامج الماجستير والدكتوراه في التربية.
وكلية الحقوق أيضًا من الكليات القديمة للجامعة التي أسست في عام 1989م، وبدأ برنامج البكالوريوس في القانون. وبمرور ثلاثة عقود، أحرزت الكلية تقدمًا ملحوظًا في إعادة هيكلة المقررات الدراسية وإضافة مقررات جديدة واستخدام أساليب مبتكرة في تدريس القانون وتعزيز برنامج التدريب العملي بما يتماشى مع تطورات مهنة القانون. وأطلقت الجامعة أخيرًا برنامج البكالوريوس في القانون ومدته خمس سنوات. كما تدير الكلية برنامج الماجستير في القانون لمدة عامين في ثلاثة تخصصات هي؛ القانون الشخصي، والقانون التجاري، والقانون الجنائي، وبرنامج الدكتوراه في القانون. وأنشأت الكلية أخيرًا مركزًا لخدمات قانونية يقدم مجموعة من برامج المساعدات القانونية. ويشارك طلاب الكلية في برامج تنوي تدريب متطوعي المساعدة القانونية تحت إشراف الهيئة الوطنية للخدمات القانونية، كما يشاركون في محاكمات وهمية، واستشارات قانونية.
وإن "كلية الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني" كلية متكاملة للهندسة المعمارية والتخطيط العمراني. ورغم تاريخ الجامعة العريق، هذا البرنامج حديث العهد لكنها تعدّ من الكليات المهمة للجامعة الملية الإسلامية لأنهاحقّقت إنجازًا بارزًا في التدريس والتخطيط. وتدير الكلية برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في ثمانية تخصصات مختلفة.
وبالإضافة إلى هذه الكليات والأقسام المذكورة أعلاها توجد في الجامعة عدة مراكز مستقلة للدراسات العليا ومنها؛ مركز الصحافة والاتصال، ومعهد الدكتور ذاكر حسين للدراسات الإسلامية، ومركز تكنولوجيا المعلوماتن وأكاديمية الدراسات الدولية، ومركز التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، ومركز نيلسون مانديلا للسلام وحل النزاعات، ومركز جواهر لال نهرو للدراسات، ومركز دراسة الأديان والحضارات المقارنة، ومركز دراسات غرب آسيا، ومركز الدراسات حول الأقليات، ومركز الدراسات الإسبانية والأمريكية اللاتينية، وأكاديمية تنمية مهارات المعلمين (لتعليم اللغة الأردية)، ومركز علوم العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، ومركز دراسات شمال شرق الهند والبحوث السياسية، ومركز علوم وتقنيات النانو، ومركز الفيزياء النظرية، والمركز الثقافي الهندي العربي، ومركز الأبحاث متعددة التخصصات في العلوم الأساسية، ومركز الابتكار وريادة الأعمال، وغيرها من مراكز البحث التي تقدّم برامج الماجستير والدكتوراه في التخصصات المتعددة.
القبول والمنح والتعاون الدولي
يتم قبول الطلبة في برامج التعليم المختلفة بعد نجاحهم في اختبارات التأهيل والمقابلات الشخصية التي تُعقد ما بين شهري مايو ويوليو من كل عام. ويُسجَّل الطلبة الناجحون في منتصف شهر يوليو، ويبدأ العام الدراسي في الأسبوع الثالث من الشهر نفسه. وتشرف على هذه العملية الكبيرة مكتب مراقب الامتحانات ولجنة القبول التي يرأسها أستاذ كبير يُعيّنه شيخ الجامعة.
ومن أبرز مميزات الجامعة الملية الإسلامية أنها تتيح التعليم للطلبة والطالبات من المسلمين وغير المسلمين برسوم زهيدة، كما تعمل على توجيههم للحصول على فرص عمل في الحكومة والشركات عبر مكتب التوظيف الذي يديره أستاذ كبير يُعيّنه شيخ الجامعة.
وتوفّر الجامعة أيضًا منحًا دراسية للطلبة والباحثين المتميزين، ولها اتفاقيات تفاهم مع جامعات ومعاهد تعليمية دولية تتيح للباحثين فرص إجراء البحوث تحت إشراف مشترك مع أساتذة أجانب، إضافة إلى زيارات أكاديمية للجامعات الخارجية. كما تقدم الجامعة مساعدات مالية لنشر الأبحاث في المجلات الدولية، وخاصة الأبحاث العلمية.
اقرأ أيضًا: الجامعة الملية الإسلامية – تأسيسها وإسهاماتها في تعليم المسلمين في الهند (1)
فإن الجامعة الملية الإسلامية هي من الجامعات الهندية العريقة التي تزداد مكانتها مع مرور السنوات بفضل القيادة الرشيدة، ودعم الحكومة، ومساندة المجتمع. وتسعى رئاسة الجامعة في المرحلة الراهنة إلى إدخال مزيد من التحسينات في مجالي التعليم والبحث العلمي، وافتتاح مراكز جديدة للدراسات العليا، ولا سيما كلية العلوم الطبية، إلى جانب توسيع الأنشطة الرياضية، وتشجيع نشر البحوث العلمية، وتعزيز مشاركة الأساتذة والطلبة في المشاريع البحثية.
*أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.