رضوان الرحمن*

تُعدّ جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية إحدى الجامعات المركزية في الهند التي أُنشئت بهدف ترويج إحدى اللغات الهندية. ومن بين هذه الجامعات أيضًا الجامعة الهندية الدولية، والجامعة البنجابية، والجامعة التاميلية، وجامعة اللغتين العربية والفارسية، وعدد من الجامعات السنسكريتية. وتتشارك جميع هذه الجامعات في رسالة واحدة تتمثل في نشر اللغات الهندية المختلفة وتدريس العلوم والفنون بها، بما يسهم في الحفاظ على التنوع اللغوي والثقافي وتعزيزه في الهند. وتُعدّ جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية جامعة وطنية رائدة تمتد كلياتها ومعاهدها ومراكزها وأقسامها في مختلف أنحاء الهند. ويدرس فيها آلاف الطلبة والطالبات من جميع مناطق البلاد برسوم دراسية زهيدة، ويحظى خريجوها بفرص عمل واسعة في القطاعين العام والخاص.

تأسيس جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية

تم تأسيس جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية بموجب قانون البرلمان الهندي عام 1998م بهدف ترويج اللغة الأردية ونشر التعليم بين المواطنين في لغتهم الأم. ويقع مقرّها في مدينة حيدر آباد على مساحة قدرها 200 فدان في منطقة معاهد تعليمية وبحوث علمية حيث تقع جامعة حيدر آباد والمعهد القومي لتكنولوجيا المعلومات ومعهد إدارة وشؤون المصارف وغيرها من معاهد التعليم والبحوث العريقة. وسُميت هذه الجامعة باسم مولانا أبي الكلام آزاد، المناضل من أجل الحرية والعالم الفذ والمصلح الاجتماعي والتعليمي، الذي وضع أساس التعليم التقني والعلمي والتعليم العالي في الهند بصفته وزير التعليم الهندي الأول بعد الاستقلال. وفُتحت الجامعة في هذه المدينة بسبب وقوعها في قلب البلاد وكونها مركزًا شهيرًا للأدب الأردي. ويجدر بالذكر أن رائد الشعر الأردي المعروف بـ"أبو الشعر الأردي" ولي دكني، عاش في هذه المنطقة.

وأهداف جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية -كما ورد ذكره في القانون- هي ترويج وتطوير اللغة الأردية، وتقديم البرامج التعليمية المختلفة والتدريب في المجالات المهنية والتقنية باللغة الأردية، وتوفير فرص أوسع للراغبين في متابعة برامج التعليم العالي والتدريب باللغة الأردية من خلال التدريس في الحرم الجامعي وعن بُعد، والتركيز الخاص على تعليم المرأة. ومن بين صلاحيات الجامعة المدرجة في قوانينها التي تعتبر أول وأهم صلاحياتها هي "توفير التعليم وإجراء البحوث في فروع التعليم ذات الصلة بتعزيز أهداف الجامعة". وتُمكّن هذه الصلاحية الجامعة من ترويج وتطوير اللغة الأردية من خلال جميع الوسائل والفرص المتاحة لها. ويبدو ذلك جليا في مسيرة الجامعة نحو تحقيق أهدافها من خلال برامجها الدراسية التي لا تتوافق مع فروع التعلم التقليدية فقط بل تتوافق أيضًا مع تخصصات المعرفة الحديثة. وقد بدأت جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية تقديم برامجها التعليمية عام 1998م من خلال نظام التعليم عن بُعد، ثم أطلقت نظام التعليم المنتظم في الحرم الجامعي عام 2004م.

كليات وبرامج تعليمية للجامعة

تتكون جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية من سبع كلّيات تنقسم إلى تسعة عشر قسمًا، التي توفّر عدة برامج دراسية للدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وتعد كلّية الفنون والعلوم الاجتماعية من أكبر كلّيات الجامعة التي تضمّ أقسام العلوم الاجتماعية والتاريخ وعلم السياسة والخدمة الاجتماعية والسوسيولوجيا وتعليم النساء والدراسات الإسلامية. كما تضمّ كلّية دراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال قسم التجارة وإدارة الأعمال. وتتكوّن كلّية اللغات وفقه اللغة والدراسات الهندية من أقسام الأدب الأردي واللغة العربية وآدابها والأدب الإنجليزي والأدب الهندي واللغة الفارسية ودراسات آسيا الوسطى ودراسة الترجمة. وتتكون كلّية التربية والتعليم من قسم تربية المعلمين والتعليم المنتشر في أنحاء الهند، ويقوم بتدريب المعلّمين في ثمانية مراكز الكائنة في مختلف ولايات البلاد. وتتكوّن كلّية العلوم من مركز العلوم النبات وأقسام علم الكيمياء والحساب والفيزياء وعلم الحيوان. كما تتكوّن كلية التكنولوجيا من قسم علم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات الموجود في الحرم الجامعي الرئيس بحيدر آباد ومراكز العلوم والفنون أي البوليتكنيك في عدة مدن هندية ومنها؛ بنغالورو وكوتوك وداربهنغا وحيدر آباد وكادابا.

وبالإضافة إلى الكليات والأقسام المذكورة أعلاها، تدير الجامعة تسعة مراكز البحوث ومراكز للتدريبات الأكاديمية والتقنية والمهنية التالية:

- مركز البيروني لدراسة الإقصاء الاجتماعي وسياسة الشمولية

- مركز تكنولوجيا المعلومات

- مركز تنمية مهارات المعلمين القائمين بالتدريس في الأردية

- مركز نشر المعرفة في الأردية

- مركز دراسة الثقافة الأردية

- مركز دراسات الأمور النسوية

- مركز إيش دي شيرواني لدراسة ثقافة دكن

- مركز الوسائط التعليمية

- مركز مَدان موهان مالفيا لتدريب المعلمين

وأنشأت الجامعة ثلاثة مكاتب تُعرف بمديريات تساعد الجامعة في الوصول إلى المتعلّمين الموجودين في المدن والقرى النائية والإيصال إليهم مساعي الجامعة ومنها؛ مديرية التعليم عن بعد، ومديرية القبول في الجامعة، ومديرية الترجمة والنشر. وبما أن الجامعة تُوفّر التعليم العالي للطلبة باللغة الأردية، فإن مديرية الترجمة والنشر تتولى ترجمة الكتب إلى اللغة الأردية في مختلف التخصصات، بما في ذلك التكنولوجيا والعلوم، ثم نشرها وتوزيعها على المتعلمين في أنحاء البلاد.

وبالإضافة إلى الحرم الجامعي الرئيس في حيدر آباد، توجد حَرَمان آخران في مدينتي لكناؤ وسريناغار للإشراف على مراكز الدراسة التابعة للجامعة في هاتين المنطقتين. كما تدير الجامعة برامجها التعليمية من خلال ثماني كلّياتها الواقعة في آسانسول في ولاية غرب البنغال، وأورنغ آباد في مهاراشترا، وبهوبال عاصمة مادهيا براديش، وبيدار في ولاية كرناتاكا، ودربهنغا في ولاية بيهار، ونوح في ولاية هاريانا، وسنبهال في ولاية أوترا براديش، وسريناغار في جامو وكشمير. وتقع كلّيات البوليتكنيك التابعة للجامعة في عدة مدن منها؛ بنغالورو وكوتوك ودربهنغا وحيدر آباد وكادابا. وقد افتتحت الجامعة خلال السنوات الماضية معاهد للتدريب الصناعي في مدن بنغالورو ودربهنغا وحيدر آباد. كما أنشأت ثلاث مدارس أردية نموذجية في دربهنغا وحيدر آباد ونُوح، وقد أصبحت هذه المدارس نموذجًا للتميز في التعليم المدرسي باللغة الأردية.

وقامت جامعة مولانا آزاد قبل سنتين بإطلاق برنامج البكالوريوس في القانون بالتعاون مع عدة مراكز تعليم القانون في حيدر آباد. كما تبذل إدارة الجامعة جهدها لفتح كليات الطب والصيدلة وغيرهما من الكليات التي لها أهمية كبرى في العصر الحاضر. ووُضعت الخطط حاليا لتوسيع نطاق هذه الجامعة داخل البلاد حتى يصل فضلها إلى المناطق النائية التي لا توجد فيها كليات ومراكز التعليم لأية جامعة.

التسهيلات في الجامعة

حسب المعلومات الواردة على موقعها الإلكتروني، فإن جميع المراكز والكليات التابعة لجامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية المنتشرة في أنحاء البلاد تمتلك أحرامًا مستقلة تضم مباني للإدارة والفصول الدراسية والمكتبات والسكن وغيرها من المرافق الأساسية. كما يدير بعضها أيضًا مساكن للأساتذة والموظفين والطلاب والطالبات، إلى جانب ملاعب وصالات للاجتماعات والعروض، ومكاتب بريد وفروع مصرفية لتوفير بيئة جامعية متكاملة.

قبول الطلبة في الجامعة

جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية من تلك الجامعات التي لا تعقد هذه الأيام اختبارات سنوية لقبول الطلبة والطالبات في مختلف برامجها، بل يقدّم الطلبة طلباتهم عبر الإنترنت إلى الجامعة بعد نجاحهم في الاختبار التنافسي القومي الذي تعقده الهيئة الوطنية للاختبارات مرّة في السنة على مستوى البلاد. وقد زاد عدد مقدّمي الطلب خلال السنوات الأربع الماضية بعد إطلاق برامج تعليمية في التكنولوجيا والقانون والصحافة. ويدرس حاليا حوالي ثمانية آلاف من الطلبة والطالبات في مختلف برامج التعليم المنتظم. ويُفتح شبّاك القبول في مستهل شهر يوليو ويستمرّ حتى نهاية شهر أغسطس كل عام. ولكن يتمّ قبول الطلبة في برامج الدكتوراه مرتين كلّ سنة.

اقرأ أيضًا: أبو الكلام آزاد وإرث "ثقافة الهند" في مدّ الجسور مع العالم العربي

وقد نجحت جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية خلال السنوات الماضية في تحقيق أهدافها الأساسية، والمتمثلة في تدريس الطلبة الهنود باللغة الأردية ونشر العلم والمعرفة في مختلف أنحاء البلاد، باستثناء بعض مناطق الولايات الشمالية الشرقية ومنطقة لداخ في أقصى الشمال. واشتهرت الجامعة في الآونة الأخيرة خصوصًا بـبرامجها المتميزة في تدريب المعلّمين المنتشرة في مراكزها المختلفة في أرجاء الهند. ونتطلع إلى أن تواصل الجامعة ازدهارها وتحقيق أهدافها المتبقية في المستقبل القريب، تعزيزًا لدورها الريادي في خدمة التعليم والثقافة الأردية.

*أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.