محمد سلام بياش.. المدرّب الذي حوّل تلميذه تيلاك فارما إلى أسطورة كريكيت

01-10-2025  آخر تحديث   | 01-10-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
محمد سلام بياش.. المدرّب الذي حوّل تلميذه تيلاك فارما إلى أسطورة كريكيت
محمد سلام بياش.. المدرّب الذي حوّل تلميذه تيلاك فارما إلى أسطورة كريكيت

 


نيودلهي

أصبح تيلاك فارما أحدث أيقونة في ساحة الكريكيت الهندي، بعدما قاد منتخب بلاده إلى حصد لقب كأس آسيا في دبي عبر أدائه الحاسم أمام باكستان بتسجيله 69 نقطة من دون أن يُهزم، غير أن هذا الإنجاز لا يمكن فصله عن الدور المحوري الذي لعبه مدرّبه محمد سلام بياش، الذي اكتشف موهبته في وقت مبكر، ووفّر له الدعم والتوجيه المتواصلين خلال مسيرته التدريبية، حتى صعوده كأحدث أيقونة في عالم الكريكيت.

وانطلقت هذه العلاقة التي دامت أربعة عشر عامًا حين التحق تيلاك بأحد المعسكرات الصيفية التي أشرف عليها محمد سلام بياش في حيدر آباد. وبينما كان الفتى يلعب على أرضٍ ترابية بكرة تنس بسيطة، التقط سلام موهبته بسرعة، ورأى فيها ملامح لاعب استثنائي. ولم يتردد في إبلاغ والده، نامبوري ناغاراجو، الذي يعمل كهربائيًا، بأن ابنه يمتلك قدرات فطرية كبيرة في الكريكيت، وأن انضمامه إلى أكاديمية كريكيت سيكون الخطوة الحاسمة في مسيرته المقبلة.

وأوضح ناغاراجو للمدرّب أنه يدرك تمامًا أن ابنه يمتلك موهبة استثنائية، غير أن أوضاعه المادية لا تسمح له حتى بشراء أدوات كريكيت أساسية، فضلًا عن تحمّل تكاليف الالتحاق بأكاديمية تدريب متخصصة.

وتكفّل بياش برعاية تيلاك الموهوب منذ بداياته، إذ لم يقتصر دعمه على إعفائه من رسوم التدريب بالكامل، بل تحمل كذلك أعباء المواصلات. كان يقطع يوميًا بدراجته النارية نحو 40 كيلومترًا ليصل عند الخامسة صباحًا ويأخذ تيلاك إلى أكاديمية الكريكيت في لينغامبالّي.

وفي غضون عام واحد، وبفضل توجيه بياش، انتقلت أسرة تيلاك للإقامة بالقرب من لينغامبالّي لتيسير مسيرته التدريبية. وبصفته مدرّبًا صارمًا، أخبر بياش تلميذه أنّه لن يمنحه طقم كريكيت كامل إلا بعد أن يثبت جدارته في الملعب. ولم يخيّب تيلاك ظنه، إذ قدّم أداءً لافتًا مكّنه من الفوز بأول عُدّة كريكيت في حياته، ليجعل من لحظة الإنجاز تلك محطة فارقة في رحلته نحو الاحتراف.

وقال سلام في مقابلة صحفية سابقة: "جاءني تيلاك عام 2011م عندما التحق بمعسكر صيفي. إنه شديد الاجتهاد، يتمتع بقدر كبير من الصبر، ويلتزم بالتعليمات بدقة، ويمتلك عقلية مميزة".

وعندما وصل تيلاك إلى حيدر آباد عائدًا من دبي وسط استقبال حاشد، كان يظهر إلى جانب مدرّبه ومرشده سلام دائمًا.  

 

 

وشارك تيلاك في بطولة رانجي وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من فريق حيدر آباد.

ويتذكر سلام بدايات تيلاك قائلًا: "في البداية قدّمت له تدريبات أساسية، وبعد ثلاثة أشهر فقط شارك في مباراة محلية وأبهر الجميع بتركيزه العالي وأسلوبه الفني المتقن. وكان يواظب على التمرين لساعات طويلة، ويضحّي بحضور المناسبات العائلية، ليكون حاضرًا في جلسات الشبكة. وانضباطه كان لافتًا، فلم يتغيب عن أي تدريب قط. كنا نجوب المدينة على الدراجات النارية للمشاركة في المباريات. وما يميز تيلاك حتى اليوم أنه يلتقي زملاءه والطاقم بروح مليئة بالمودة واللطف، بل إن نجاحه لم يجعله يستسلم للشعور بالرضا أو الاكتفاء، بل ظلّ يحافظ على تواضعه واجتهاده كما كان في بداياته".

وأضاف: "تواصل معي تيلاك قبل المباراة، وكان نصحي له أن يصمد في الملعب حتى اللحظة الأخيرة. ويسعدني أنه نفذ ما طلبت، فأصبح اليوم بطلاً متألقًا. ولم يكن توازنه النفسي بالأمر المستغرب، إذ اعتاد منذ صغره أن يضرب الكرة لساعات طويلة في تدريبات الشبكة بلا ملل".

وتابع قائلًا: "بعد الانتصار على باكستان، أجرى تيلاك اتصالًا عبر الفيديو من استاد دبي الدولي، حيث أُقيمت بطولة كأس آسيا، وتحدث مع جميع أفراد أسرتي. وكان والده ناغاراجو ووالدته غاياتري في تلك الفترة في رحلة دينية إلى نيبال. ويسعدني أن يعرفني الجميع بوصفي مدرّب تيلاك".

 

وشهدت مسيرة تيلاك دفعة كبرى في مزاد الدوري الهندي الممتاز للكريكيت عام 2022م، حين تعاقد معه فريق "مومباي إنديانز" بصفقة ضخمة بلغت 17 مليون روبية، لتفتح أمامه آفاقًا أرحب نحو النجومية.

وُلد تيلاك فارما في 8 نوفمبر 2002م بمدينة حيدر آباد في ولاية تيلانغانا، ونشأ في أسرة تيلوغوية متواضعة.

ورغم التحديات المالية، وقفت أسرة تيلاك بثبات إلى جانبه في سعيه لتحقيق حلمه في الكريكيت. فقد بذلت أسرته تضحيات كبيرة لدعم مسيرته منذ بداياتها. ويحرص تيلاك دائمًا على إرجاع الفضل لمدرّبه ووالديه، مؤكدًا أن نجاحه ما هو إلا ثمرة لتضحياتهم وعطائهم المتواصل.

اقرأ أيضًا: السعودية تدخل عالم رياضة الكريكيت، وتعلن عن شراكة مع دوري تي 20 الدولي

وسجّل تيلاك بدايته الدولية عام 2023م، مقابل نيوزيلندا، وتمكّن منذ مباراته الأولى من أن يكون أفضل مسجّل للهند، قبل أن يحقق مئة نقطة، مماجعله ثاني هندي يبلغ هذا الإنجاز في مباريات الـ T20الدولية. وبنهاية السلسلة، كان تيلاك الهدّاف الأول للهند.

ومع ذلك، فإن أبرز لحظاته جاءت في دبي، حيث قلب مجريات نهائي كأس آسيا لصالح الهند بتسجيله 69 نقطة دون خسارة، وذلك في لحظة فارقة حين كان الفريق يمرّ بظروف صعبة.

قصص مقترحة