أثار قرار المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي بالموافقة على خطة لاحتلال مدينة غزة موجة واسعة من الانتقادات والتحذيرات على الصعيدين الدولي والإسرائيلي، في ظل تصاعد المخاوف من العواقب الخطرة على المدنيين الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين. وفيما يلي أبرز ردود الفعل الدولية بشأن هذه الخطة:
الرئاسة الفلسطينية
طالبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الجمعة، الإدارة الأمريكية بمنع إسرائيل من احتلال قطاع غزة. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني "نطالب المجتمع الدولي وتحديدًا الإدارة الأمريكية بتحمل مسؤولياتها ووقف هذا الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة الذي لن يجلب الأمن والسلام والاستقرار لأحد".
وأضاف في اتصال هاتفي مع رويترز "ندين بشدة قرارات الحكومة الإسرائيلية باحتلال قطاع غزة والتي تعني استمرار محاولات تهجير سكان القطاع وارتكاب المزيد من المجازر وعمليات التدمير". ويأتي هذا بعدما وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي صباح اليوم على خطة للسيطرة على مدينة غزة بعد ساعات من قول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تعتزم السيطرة عسكريًا على قطاع غزة بأكمله، على الرغم من تزايد الانتقادات في الداخل والخارج بسبب الحرب المستمرة منذ نحو عامين في القطاع الفلسطيني.
وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان اليوم إنها "قررت التوجه الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم، كما دعت إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس جامعة الدول العربية، لتنسيق موقف عربي وإسلامي ودولي موحد، يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان". وأضافت في البيان أنها "ناشدت بشكل خاص الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن يتدخل لوقف تنفيذ هذه القرارات، وبدلاً من ذلك الوفاء بوعده وقف الحرب والذهاب للسلام الدائم". وجاء في بيان الرئاسة الفلسطينية "هذه الخطط الإسرائيلية، القائمة على القتل والتجويع والتهجير القسري، ستقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة". وأضاف أن قرار احتلال غزة إضافة "إلى ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية من استيطان وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب المستوطنين واعتداء على المقدسات ودور العبادة المسيحية والإسلامية، وحجز الأموال الفلسطينية، وتقويض تجسيد مؤسسات الدولة الفلسطينية، وهي جرائم ضد الإنسانية تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي".
المعارضة الإسرائيلية
في الداخل الإسرائيلي، هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد القرار واصفًا إياه بـ"الكارثة التي ستجر كوارث أخرى"، مؤكدًا أنه يتعارض مع موقف الجيش والمؤسسة الأمنية، وأنه سيدفع نحو "مقتل المحتجزين وجنود كُثر وتكلفة بمليارات الشواكل وانهيار دبلوماسي". وأما زعيم حزب الديمقراطيين اليساري يائير غولان فاعتبره "حكم إعدام للرهائن" و"كارثة لأجيال قادمة"، محذرًا من أن الاحتلال الكامل سيجعل "الأبناء والأحفاد يقومون بدوريات في شوارع غزة لعقود".
الولايات المتحدة
فيما حذر المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، من أن الخطة ستلحق "إصابات وأضرارًا جسيمة" بالفلسطينيين، وستعرض حياة المحتجزين الإسرائيليين للخطر، واصفًا إياها بـ"الخيالية" و"بالغة الصعوبة". وقال لشبكة "سي إن إن" إن "التكلفة على المحتجزين والمدنيين ستكون باهظة"، مضيفًا أن منطق العملية يقوم على "إخلاء غزة من المقاتلين بنقل السكان جنوبًا وفرض حصار مركزي"، مؤكدًا أنه "لا يمكن تنفيذ ذلك دون سقوط ضحايا كُثر".
المملكة المتحدة
وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الجمعة خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة بـ"الخطأ" ودعا حكومة بنيامين نتنياهو إلى "إعادة النظر فورًا" بها. وقال ستارمر إن "قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد هجومها على غزة خطأ ونحضها على إعادة النظر بقرارها فورًا. هذا العمل لن يسهم إطلاقًا في وضع حد للنزاع ولن يساعد في ضمان إطلاق سراح الرهائن" محذرًا من أنه "سيؤدي فقط إلى إراقة المزيد من الدماء". وأتى بيان ستارمر بعد ساعات من موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على خطة طرحها نتنياهو تهدف إلى السيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر الذي يشهد أزمة إنسانية حادة ودمارًا هائلاً بعد 22 شهرًا من الحرب مع حركة حماس. وشدد ستارمر على أن "ما نحتاج إليه هو وقف لإطلاق النار، وزيادة المساعدة الإنسانية، وتحرير كل الرهائن" المحتجزين في القطاع منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023م، لافتًا إلى أن لندن تعمل مع حلفائها على خطة طويلة الأمد لضمان السلام في المنطقة في إطار حل الدولتين. وتابع "رسالتنا واضحة: الحل الدبلوماسي ممكن، لكن على الطرفين الابتعاد عن مسار التدمير"، مشددًا على أن حماس لا يمكن أن تؤدي أي دور في مستقبل القطاع الفلسطيني، ويجب أن يتم نزع سلاحها. وكان ستارمر أعلن أواخر يوليو أن المملكة المتحدة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، ما لم تتخذ إسرائيل سلسلة خطوات منها وقف إطلاق النار في غزة.
النرويج
من جهتها، اعتبرت مستشارة الاتصالات في "المجلس النرويجي للاجئين" شاينا لو أن الخطة "غير معقولة وغير مقبولة أخلاقيًا"، محذرة من أن الوضع الإنساني في غزة هو الأسوأ الذي شهدناه على الإطلاق، وأن النزوح القسري لمليون شخص انتهاك للقانون الإنساني الدولي. وأشارت إلى أن مواقع الإيواء مكتظة، وأن حصر الفلسطينيين في مناطق مغلقة أشبه بمخيمات اعتقال، داعية المجتمع الدولي لاستخدام نفوذه الفعلي للضغط على إسرائيل وفتح المعابر.
تركيا
حضت تركيا، الجمعة، المجتمع الدولي على وقف الخطة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع، محذّرة من أن ذلك سيشكّل ضربة قاسية للسلام والأمن. وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية "ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته للحؤول دون تطبيق هذا القرار الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا من أرضهم".
الصين
أعربت الصين، الجمعة، عن قلقها البالغ حيال خطة إسرائيل للسيطرة على كامل مدينة غزة، داعية الدولة العبرية إلى وقف تحرّكاتها الخطرة فورًا. وأفاد الناطق باسم الخارجية الصينية فرانس برس في رسالة بأن "غزة للفلسطينيين وهي جزء لا يتجزّأ من الأراضي الفلسطينية". وأضاف أن "الطريقة الصحيحة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة وضمان إطلاق سراح الرهائن هي التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار". وتابع بأن "الحل الكامل لنزاع غزة مرتبط بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وعندها فقط يمكن تمهيد الطريق باتّجاه خفض التصعيد وضمان الأمن الإقليمي".
الأمم المتحدة
دعا رئيس مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فولكر تورك، الجمعة، إلى الوقف الفوري لخطة الحكومة الإسرائيلية "الهادفة إلى السيطرة العسكرية التامة على قطاع غزة المحتل". وقال تورك في بيان إن ذلك مخالف لقرار محكمة العدل الدولية القاضي بوجوب أن تضع إسرائيل حدا لاحتلالها في أقرب وقت ممكن وتحقيق حل الدولتين المتفق عليه وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
اقرأ أيضًا: مستشار الأمن القومي أجيت دوفال يلتقي الرئيس الروسي بوتين في الكرملين
وتابع المفوض السامي الذي اعتبرته السلطات الإسرائيلية شخصا غير مرغوب فيه لاتهامه بالانحياز للفلسطينيين، أن "كل شيء يدعو إلى الاعتقاد أن هذا التصعيد الجديد سيؤدي إلى نزوح قسري أكبر حجمًا بعد والمزيد من القتل والمزيد من المعاناة التي لا تحتمل، وتدمير جنوني وجرائم مروعة". وطالب الحكومة الإسرائيلية بالسماح بدخول المساعدة الإنسانية إلى القطاع بدون عقبات... بدل تكثيف هذه الحرب، من أجل إنقاذ أرواح المدنيين.