الدوحة
انطلقت في الدوحة، اليوم الإثنين، أعمال الاجتماع الأول لقادة التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، الذي استضافته دولة قطر والأمم المتحدة قبيل انعقاد القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، بمشاركة أكثر من 350 مندوبا يمثلون نحو 90 وفدًا من مختلف دول العالم.
وقالت الدكتورة مريم بنت علي المسند، وزير الدولة للتعاون الدولي بدولة قطر، أن استضافة دولة قطر للاجتماع تأتي انطلاقًا من نهجها الراسخ في تعزيز التنمية من أجل السلام، وإيمانها بأن القضاء على الجوع والفقر يمثل مسؤولية جماعية تتطلب تضامنًا دوليًا وشراكة قائمة على العدالة والمساواة.
ورحبت، في كلمتها الافتتاحية، بالمشاركين في "دولتهم الثانية قطر"، مثمنة مبادرة البرازيل بإطلاق التحالف أثناء رئاستها لمجموعة العشرين، وجهود الرؤساء المشاركين في تحويل هذه المبادرة إلى واقع يخدم الإنسانية جمعاء، مشيرة إلى أن أكثر من 700 مليون إنسان حول العالم ما زالوا يعيشون في فقر مدقع، فيما تتفاقم آثار النزاعات وتغير المناخ وتراكم الديون وضعف التنمية، مما يهدّد مسيرة التقدم في العديد من الدول النامية. وفي هذا السياق، نوّهت إلى ترحيب دولة قطر باعتماد وثيقة التزام إشبيلية خلال مؤتمر تمويل التنمية الرابع، التي أكدت أهمية إصلاح منظومة التنمية الدولية وخلق بيئة اقتصادية عالمية أكثر إنصافًا ومرونة، تضمن الحق في التنمية وعدم ترك أحد خلف الركب.
وأوضحت أن دولة قطر، بقيادة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، تعمل على تنفيذ رؤيتها الوطنية 2030 لبناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز الاستثمار في الإنسان، والحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية، وحماية البيئة، مضيفة أن دولة قطر تتابع بالشراكة مع الأمم المتحدة تنفيذ برنامج عمل الدوحة 2022–2031، الذي يعكس التزامات متجددة ومعززة من جانب أقل البلدان نموا وشركائها في التنمية، وقد أطلق في الدوحة عام 2022 بهدف تمكين هذه الدول ومساعدتها على الانتقال نحو التنمية المستدامة.
وفي هذا الإطار، أشارت إلى توقيع صندوق قطر للتنمية اتفاقا مع مكتب الأمم المتحدة للممثلة السامية لأقل البلدان نموا لتمويل مشروعين رئيسين، يتمثلان في تعزيز القدرة على الصمود وإنشاء نظام للتخزين الندائي لمعالجة انعدام الأمن الغذائي.
وأكدت إيمان دولة قطر بدور الأمم المتحدة كمنصة رئيسة لتوحيد الجهود وتعزيز العمل متعدد الأطراف، واستمرار دعمها لمنظومة المنسقين المقيمين وبرامج الأمم المتحدة الإنمائية، لضمان تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 بفاعلية وشمولية.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على التزام دولة قطر بمواصلة العمل مع جميع الشركاء من أجل عالم خال من الجوع والفقر، وترسيخ التنمية من أجل السلام كنهج شامل يجمع بين الاستجابة السريعة وبناء القدرات والتمكين الإنساني، مشددة على أن "بالشراكة، وبالاستثمار في الإنسان، وبالإيمان العميق بقيمة التضامن، يمكننا أن نضمن ألا يترك أحد خلف الركب، وأن يكون السلام والتنمية حقا مشتركا لكل الشعوب".
ومن جانبها، أكّدت أنالينا بيربوك، رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن استمرار الجوع في العالم يمثّل مأساة إنسانية غير مقبولة، تعكس فشل المجتمع الدولي في معالجة جذور النزاعات، والتصدي لآثار تغير المناخ، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد. وقالت في كلمتها خلال الاجتماع: "وراء كل إحصائية طفل يبكي لأنه لم يأكل منذ ساعات، وأم تبحث يائسة عن طعام لعائلتها، وحلم بأن تنتهي الحرب يوما ما. هذه ليست قصة عائلة واحدة، بل حكاية ملايين الأسر في مناطق الصراع والمجاعة حول العالم".
وأضافت أن عام 2024م شهد معاناة نحو 673 مليون إنسان من الجوع، فيما يواجه 2.3 مليارات شخص درجات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي، مؤكدة أن هذه الأرقام "تضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية عاجلة"، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من الطعام يهدر يوميا في مناطق أخرى من العالم. وأكّدت بيربوك أن الجوع ليس نتيجة حتمية، بل انعكاس لخيارات بشرية يمكن تغييرها، محذّرة من أن استمرار الاحترار العالمي بمعدل درجتين مئويتين إضافيتين قد يؤدي إلى معاناة 189 مليون شخص إضافي من الجوع، فيما قد يرتفع الرقم إلى 1.8 مليار إنسان إذا بلغت الزيادة أربع درجات مئوية.
وشددت على أن المستقبل لا يزال بيد المجتمع الدولي، داعية إلى توحيد الجهود لمكافحة الجوع والفقر من خلال حلول مستدامة قائمة على التعاون الدولي والابتكار والمسؤولية المشتركة.
اقرأ أيضًا: "أسبوع الثقافة الهندية" يجسّد تعزيز العلاقات بين الهند والسعودية في إطار مبادرة "انسجام عالمي"
وبدوره، أوضح ويلينغتون دياس، وزير التنمية الاجتماعية البرازيلي والرئيس المشارك للتحالف، أن عمل التحالف تجاوز أثره الموجة الأولية لبلدان "المسار السريع"، حيث أعاد مكافحة الجوع والفقر إلى الأجندة العالمية، مبينًا أن البرازيل تمكنت منذ عام 2023م من إخراج 24.4 مليون شخص من الجوع ورفع 7.6 ملايين من الفقر بفضل سياسات قائمة على الأدلة ومبادرات شاملة لتحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي.
كما أكّدت إيفا غرانادوس، وزيرة الدولة الإسبانية للتنمية الدولية والرئيس المشارك للتحالف، أن التحالف يقدم نموذجًا مميزًا في العمل الدولي، مشيرةً إلى أن "البلدان الأعضاء تقود بخططها وأولوياتها الوطنية، فيما يتوحد المجتمع الدولي خلفها بدعم منسق"، لافتةً إلى أن هذا النهج يسرع التقدم من خلال شراكات متكاملة تعزّز النظم الوطنية وتحقّق نتائج ملموسة. وشدّدت غرانادوس على دور إسبانيا الريادي والتزامها بمكافحة الجوع وانعدام الأمن الغذائي من خلال نهج قائم على الحقوق ومنظور جنساني نسوي، مشيرةً إلى أن بلادها ستُطلق استراتيجية تعاون جديدة بشأن الحق في الغذاء العام المقبل.