باث
تتعاظم المخاوف من أن الارتفاع الهائل في قطاع الذكاء الاصطناعي قد يكون بمثابة مقدمة لفقاعة مالية جديدة، قد يُفضي انفجارها إلى اضطرابات واسعة في الاقتصاد العالمي. فبعد عامٍ من القفزات السريعة في تقييمات الشركات الناشئة وضخّ استثمارات بمئات المليارات، بدأ خبراء ومحللون ماليون يدقّون ناقوس الخطر، مؤكدين أن الأسعار الحالية "منفوخة بشكل غير طبيعي" بفعل ممارسات أشبه بـ"الهندسة المالية" التي سبقت انفجار فقاعة الإنترنت مطلع الألفية، بحسب تقرير مفصل نشرته هيئة الإذاعة البريطاني.
ويعتقد كثيرون أن الحديث عن احتمال انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي لا يمسّهم مباشرة، وأنه مجرد قضية تخصّ شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون أو كبار المستثمرين الذين ضخوا مليارات الدولارات في هذا المجال.
لكن الواقع يشير إلى أن قطاع الذكاء الاصطناعي أصبح ضخمًا إلى درجة تجعل انهياره أمرًا بالغ الخطورة، وقد يضع دافعي الضرائب — كما حدث بعد الأزمة المالية عام 2008م — أمام عبء تحمل جزء من كلفة أي انهيار محتمل.
وخلال الأزمة المالية، تكبّدت الحكومات تكاليف هائلة لإنقاذ البنوك. ففي المملكة المتحدة، قُدِّرت الكلفة العامة بنحو 23 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل 700 جنيه لكل دافع ضرائب. وفي الولايات المتحدة، تكبّد دافعو الضرائب قرابة 498 مليار دولار (362 مليار جنيه إسترليني).
وتبلغ اليوم، القيمة السوقية للشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي أكثر من تريليوني جنيه إسترليني، متجاوزة قيمة البنوك بكثير. وترتبط هذه الشركات فيما بينها بشبكة معقّدة من الصفقات والاستثمارات التي تصل قيمتها إلى مئات مليارات الدولارات، ما يجعل أي اهتزاز في أحد أطرافها قابلًا للتمدّد سريعًا عبر المنظومة بأكملها.
وتأتي هذه المخاطر رغم دراسة حديثة تشير إلى أن 95% من مشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي التجريبية في الشركات فشلت في تحقيق أهدافها. ومع ذلك، لا تُبدي الحكومات حذرًا كبيرًا في التعاطي مع القطاع. فالحكومة البريطانية، على سبيل المثال، أعلنت أنها تتجه إلى الاستثمار "بكل قوتها" في الذكاء الاصطناعي.
وترى لندن فرصًا واسعة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم والدفاع والصحة، وتسعى لاستثماره في تسريع إجراءات المحاكم ومعاملات جوازات السفر.
اقرأ أيضًا: وفد رفيع المستوى من السعودية يزور الهند لتعزيز الاستثمار المشترك والتعاون بالقطاعات الإستراتيجية
ومع توسّع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة، يزداد اندماجه في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، ما يجعله جزءًا أساسيًا من البنية الحيوية للدولة، وأي اضطراب فيه قد تكون له انعكاسات واسعة النطاق.