بتول بيجوم.. مسلمة تغني البهاجن وتنشر الانسجام الطائفي

24-09-2025  آخر تحديث   | 24-09-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
بتول بيجوم
بتول بيجوم

 


 أونيكا ماهيشوري/جايبور

بتول بيجوم ليست مجرد مطربة موهوبة، بل هي إرث حي للموسيقى الكلاسيكية والشعبية الهندية. فعلى الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية العديدة التي واجهتها، ظل شغفها بالموسيقى متجذرًا منذ طفولتها ولم يخفت يومًا.

وُلدت بتول في أسرة مسلمة بقرية كيراب في منطقة ناغور بولاية راجستهان، وتنتمي إلى مجتمع الميراثي المرتبط تقليديًا بالموسيقى. وقد روت لـ"آواز دي وايس" أنها بدأت الغناء وهي في الثامنة من عمرها، حيث أدت الأغاني الدينية الهندوسية (البهاجن).

وقد جعلها هذا التفاني المبكر في الأغاني التعبدية تُلقب لاحقًا بـ"بيجوم البهاجن"، وهو لقب يجسد التزامها بالشمولية الدينية من خلال الفن.

ودرست بتول في المدرسة حتى السن المسموح به، لكنها زُوّجت وهي في السادسة عشرة من عمرها. ومع ذلك لم تتخلَّ عن شغفها بالموسيقى، إذ ظل حبها لها حاضرًا حتى بعد أن توقفت عن التعليم الرسمي عقب الصف الخامس.

ورحلة بتول من فتاة ريفية إلى فنانة شعبية معترف بها عالميًا هي قصة صمود وإصرار. فقد نالت شهرةً واسعةً بأدائها القوي لفن الماند، وهو شكل تقليدي من الغناء الشعبي في راجستهان، وقدمت عروضًا في أكثر من 55 دولة، من بينها الولايات المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وتونس، وألمانيا.

وقد حازت أعمالها تقديرًا عالميًا، وفي عام 2022م حصلت على جائزة ناري شاكتـي بوراسكار، إلى جانب تكريمها من حكومتي فرنسا وتونس.

وتأسر بتول قلوبَ الجماهير في كل مكان، إذ إن إتقانها لفن الماند والبهاجن وغيرهما من الأشكال التقليدية يحيي تراث الهند الموسيقي. وتقول بتول: "غناء الماند ليس أمرًا سهلاً، فهو مليء بالتحديات. ومن تعلم هذا الفن يدرك عمقه. وتعلمتُه من خلال الاستماع إلى الآخرين. وأعشق الغناء لدرجة أنني حتى لو فاتني وجبة طعام، أخصص وقتًا للممارسة".

ولقد ساعد صوت بتول وإخلاصها في تجاوز الحدود الدينية والثقافية، لترسيخ رسالة قوية من الانسجام الإنساني والوحدة. وتقول بتول: "الموسيقى الشعبية الماند تنتمي إلى راجستهان. وإن المطربات العظيمات مثل الله جِيلاي باي جعلنها خالدة. وتُقدم مؤلفات البلاط الملكي في راجستهان رؤيةً عميقةً لتقاليدنا الموسيقية الغنية".

وأما زوجها، فيروز خان، فقد عمل كقاطع التذاكر للحافلة في هيئة النقل البري بولاية راجستهان. ورُزق الزوجان بثلاثة أبناء. وعلى الرغم من مسؤولياتها المنزلية، واصلت بتول تنمية موهبتها الموسيقية وتعلّمت العزف على الآلات التقليدية، مما ساهم في توسيع آفاقها الموسيقية.

وإن صعود بتول من التجمعات المجتمعية الصغيرة إلى المسارح العالمية المرموقة يعكس إخلاصها الذي لم يعرف التراجع. فقد كانت جزءًا من فرقة بوليوود كليزمر الدولية لموسيقى الفولكلور الممزوج، وهي مجموعة تضم موسيقيين من خلفيات ثقافية ودينية متعددة. ومن خلال هذا المنبر، أسهمت بتول في خلق فضاء للتعاون الموسيقي والوحدة الثقافية.

وتواصل أعمالها ترسيخ فكرة أن الموسيقى لغة عالمية، تبني الجسور ولا تقيم الجدران. وقد حظيت بتكريم من حكومتي فرنسا وتونس، فيما أصبحت عروضها صوتًا للتسامح والوحدة. كما تستثمر منصتها للدفاع عن تعليم الفتيات وتمكين المرأة، مؤمنة بأن الموسيقى وسيلة فاعلة لإحداث التغيير الاجتماعي.

وفي عام 2021م، حصلت بتول بيجوم على جائزة ناري شاكتـي من رئيس الجمهورية آنذاك رام ناث كوفيند. كما حظيت مساهماتها بتقدير العديد من المؤسسات الدولية. ومن خلال فرقتها الموسيقية وعروضها الفردية، حملت رسالة السلام والتعددية إلى دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتونس وسويسرا وألمانيا.

اقرأ أيضًا: أنور شاه: رجل حوّل تعليم بناته إلى حركة تعليمية

وما يميز بتول حقًا هو قدرتها على أداء التراتيل التعبدية الهندوسية على الرغم من كونها مسلمة متديّنة. وتقول: "نحن لا نرى فرقًا بين المجتمعات. ففي الفن والموسيقى، جميع الآلهة والإلهات متساوون ويستحقون الاحترام".

اليوم، لم تعد بتول بيجوم مجرد فنانة مشهورة، بل أصبحت مدافعة عن القيم التقدمية. فعلى مدى أكثر من خمسة عقود، عملت على ترسيخ الانسجام الديني والاجتماعي من خلال غنائها. وتثبت رحلتها أن الموسيقى لا تعرف حدودًا للدين أو الطبقة، حتى غدت رمزًا للتسامح والوحدة. وهي الآن تدرب الفنانين الشباب ليواصلوا حمل إرثها.

قصص مقترحة