أول عمدة مسلم في تشاتيسغاره… رحلة نضال وشغف بخدمة الناس

06-10-2025  آخر تحديث   | 06-10-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
إعجاز ديبار
إعجاز ديبار

 


 مانداكيني ميشرا /رايبور

كلّما رُويت قصة التغيير والشمول في سياسة ولاية تشاتيسغاره، سيبرز اسم إعجاز ديبار فيها بوضوح. لم يكن مجرد رئيس بلدية، بل كان رمزًا للنضال والالتزام والسياسة العلمانية.

وُلد إعجاز ديبار في حيّ مولانا عبد الروف القديم بمدينة رايبور، في أسرةٍ مسلمة متواضعة. كان والده يدير متجرًا صغيرًا، واضطر إعجاز إلى المساعدة في إعالة الأسرة بينما واصل دراسته. ويقول دائمًا: "ظروفي لم تمنعي، بل دفعتني إلى الأمام".

وفي يناير عام 2020م، انتُخب إعجاز ديبار رئيسًا لبلدية مدينة رايبور. وقد رشّحه حزب المؤتمر لهذا المنصب، وفاز بـ41 صوتًا مقابل منافسه مريتُنجاي دوباي الذي حصل على 29 صوتًا.

وباعترافٍ بقدراته القيادية، تمّ تعيينه نائبًا وطنيًا لرئيس "مجلس رؤساء البلديات لعموم الهند"، ليصبح بذلك أول رئيس بلدية من ولاية تشاتيسغاره يتولّى هذا المنصب.

ورسالة إعجاز ديبار للشباب بسيطة لكنها عميقة: "لا تُهدروا طاقتكم في الكراهية والسلبية"، مضيفًا: "السياسة والمجتمع اليوم بحاجة إلى شبابٍ مبدع ومبتكر".

ولقد أصبح إعجاز ديبار أول عمدة مسلم في تشاتيسغاره، وأثبتت مسيرته أن أحلام أيّ هندي — بغضّ النظر عن دينه أو طبقته أو ظروفه — يمكن أن تتحقق بالإصرار والعمل.

وبدأ اهتمام إعجاز ديبار بالسياسة عندما كان في السادسة عشرة من عمره فقط، حين طلب منه شقيقه الأكبر أن يساعد في حملة انتخابية بلدية. ومنذ ذلك الحين، أصبح ناشطًا سياسيًا نشيطًا.

وفي البداية، أُوكلت إليه مسؤوليات على مستوى الحي، لكنّ عمله الجاد وصراحته وصلته الوثيقة بالناس أكسبته تقديرًا داخل بلدية رايبور. وانتُخب عضوًا في المجلس البلدي مرتين، ثم أصبح في يناير 2020م رئيسًا لبلدية رايبور — ليكون أول مسلم في تاريخ الولاية يتولى هذا المنصب. وتُذكر فترة ولايته التي استمرت خمس سنوات بما تحقق خلالها من إنجازات في مجالات التنمية، وتجميل المدينة، والنظافة العامة.

وخلال فترة ولايته، قاد إعجاز ديبار مشروع إحياء "بحيرة بودها" وأطلق مبادرة "دورات مياه وردية" للنساء، وبنى مواقف سيارات متعددة الطوابق ومأوى للكلاب، وساهم في إدخال مدينة رايبور ضمن قائمة المدن الخمس الأولى على مستوى الهند في "المسح الوطني للنظافة".

ولكن فترة رئاسته لم تخلُ من التحديات؛ إذ وُجهت إليه اتهامات بانعدام الشفافية في مشاريع التنمية، بل واتهامات بالفساد، ووُصف أحيانًا بأنه "رئيس بلدية فاشل". غير أنّ ديبار رفض جميع تلك الادعاءات، معتبرًا إياها مجرد "تكتيكات سياسية".

وفي انتخابات البلدية لعام 2025م، واجه نكسة كبيرة بخسارته مقعد العضوية في المجلس البلدي، في حين فازت زوجته، أرجُمن ديبار، بالانتخابات كعضوٍ في المجلس.

وحتى بعد خسارته الانتخابية، يظلّ إعجاز ديبار ناشطًا في العملين السياسي والاجتماعي. ويركّز اليوم على تدريب القادة الشباب، وتنظيم الندوات حول التنمية الحضرية، والعمل من أجل نهوض الأقليات بالتعليم. وبدأ إعجاز مسيرته السياسية كزعيم طلابي، إذ شغل في وقتٍ مبكر منصب رئيس فرع ولاية تشهاتيسغاره في "اتحاد الطلاب الوطني بالهند".

وعند سؤاله عمّا إذا كان يعتزم العودة إلى الساحة السياسية، يبتسم ويقول: "إذا أرادني الناس، فسأعود. فأنا في النهاية ابن هذا الشعب".

ويشرح إعجاز أنّ السياسة بالنسبة إليه لم تكن يومًا سعيًا وراء المناصب، بل وسيلةً لخدمة المجتمع. ويستذكر قائلًا: "منذ طفولتي كنت أرى كيف يعاني الناس البسطاء من أبسط المشكلات، فكنت أقول في نفسي: التغيير لن يحدث بمجرد الشكوى، بل بالعمل من داخل النظام. لهذا اخترتُ طريق السياسة".

ويقول إعجاز إنه دخل المعترك السياسي لكي تُصلَح الأزقّة والأحياء في رايبور، وتُلبّى الاحتياجات الأساسية من صرفٍ صحي ومياه وكهرباء وطرقات. وقد شكّل هذا الفهم العميق لواقع الناس أساس أسلوبه القيادي القريب من القواعد الشعبية.

ويضيف قائلاً: "خلال فترة ولايتي كرئيس للبلدية، نالت رايبور اعترافًا وطنيًا في إطار "مهمة النظافة"، وكان ذلك الفصل الأكثر فخرًا في حياتي السياسية. وأدركتُ أنّه عندما تعمل بتواصل وثيق مع الناس، فإنّ بركاتهم تصبح أعظم مصدرٍ لقوّتك".

ولا يزال إعجاز يحمل في قلبه حلمًا لم يتحقق بعد، إذ يقول: "رايبور هي موطني، ومدينة روحي. وحلمي أن تصبح رايبور أنظف، وأكثر خضرة، وأكثر حداثة من أي مدينة في الهند".