الحاج إبراهيم يجعلُ حفظَ المياه حركةً شعبية

09-12-2025  آخر تحديث   | 08-12-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
الحاج إبراهيم خان
الحاج إبراهيم خان

 


فردوس خان/ ميوات

لم تكن حماية المياه مجرد حملة عابرة، بل مهمة لإنقاذ الحياة نفسها. ولهذا تُعدّ المحافظة على المياه عملاً تطوعيًا وخدمة عامة خالصة. ويُعدّ الحاج إبراهيم خان واحدًا من هؤلاء الناشطين الذين كرّسوا أنفسهم بالكامل لهذه القضية.

قليلون هم من يُكرّسون حياتهم لهذا المسعى النبيل، ومن بين هؤلاء الروّاد يبرز الحاج إبراهيم خان من منطقة ميوات في ولاية هريانا. ومنذ طفولته، أدرك العواقب القاسية لشحّ المياه.

ووُلد الحاج إبراهيم في قرية باغهول التابعة لمنطقة نوح، وكان يشاهد النساء يمشين كيلومترات يوميًا لجلب مياه الشرب. وقد تركت تلك المشاهد أثرًا عميقًا في نفسه، وغرست فيه التزامًا مدى الحياة تجاه الحفاظ على الموارد المائية. وما يقدّمه اليوم من عمل هو دليل حيّ على أن عزيمة شخص واحد قادرة على تغيير مصير مجتمع كامل.

وعلى مدى ثلاثة عقود ونصف، عمل بلا كلل بصفته رئيس "أرافالي جَل بيراداري" في ميوات. وينبع قلقه من الأزمة المتفاقمة للمياه وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. ويقول: "إن نقص الأشجار وطبيعة تضاريس جبال أرافالي الصخرية يزيدان من شدة الحرارة، في حين يفرض توسّع طريق دلهي-مومباي السريع ضغطًا إضافيًا على البيئة. وفي مثل هذه الظروف، تصبح المحافظة على المياه أكثر أهميةً من أي وقت مضى".

واستلهم الحاج إبراهيم جهوده من راجيندرا سينغ، المعروف على نطاق واسع بلقب "رجل الماء في الهند". وكانت خطوته الكبرى الأولى بناء سدّ بين تلّينِ في قرية غاتا شمس آباد، وهو ما ضمن توفّر مياه الشرب بانتظام وقدّم ارتياحًا كبيرًا للسكان المحليين. وقد بدأ هذا المشروع عام 2000م، بدعم من منظمة ديساج براتيشثان لـ ماهانت تيواري، ومنظمة تارون بهارات سانغ لـ راجيندرا سينغ. وفيما بعد، أنشأ الحاج إبراهيم العديد من الجوهاد (الخزانات أو البرك المائية التقليدية) والبرك في القرى الواقعة على سفوح جبال أرافالي، بما في ذلك فات خوري، وفيروزبور جيركا، وغياسانيا باس، وميولي، وغاتا شمس آباد، وشاهبور، وهو ما عاد بالنفع على السكان المحليين والحياة البرية على حدّ سواء.

ويؤمن الحاج إبراهيم إيمانًا راسخًا بأن الحفاظ على المياه لا يمكن أن يتحقق بجهود فرد واحد، بل يتطلّب عملًا جماعيًا. ويؤكد أن مشاركة المجتمع تساعد الناس على إدراك قيمة الماء ومسؤوليتهم تجاهه. ولتعزيز الوعي، نظّم العديد من "رحلات الماء"، متنقّلًا بين القرى في ولايات هاريانا، وراجستهان، ومادهيا براديش. كما شارك في رحلة غانغا سادبهافانا ياترا، متنقلًا من غوموخ إلى غانغاساغار لنشر رسالة حماية المياه.

وبفضل خدماته المتميزة، حصل الحاج إبراهيم على العديد من الجوائز على المستويين الوطني والولاية. ففي يناير 2020م، منحته وزارة جَل شاكتي "جائزة جَل براهاري سَمّان" لعام 2019م. كما تم تكريمه من قبل زعيم الـ RSSرام لال، ورئيس حزب بهاراتيا جاناتا في دلهي مانوج تيواري، والوزير المركزي راجيندرا شيخاوات. ومؤخرًا، في 30 مايو 2025م، تلقّى إشادة خاصة خلال الاحتفال باليوبيل الذهبي لمنظمة تارون بهارات سانغ في بيكامبورا بمنطقة ألور.

ولا تقتصر مساهمات الحاج إبراهيم على إنشاء البرك والسدود فحسب، بل كان صوتًا قويًا في قضايا السياسة المائية. فعندما أصدرت حكومة راجستهان تراخيص لـ 43 مصنعًا للكحول بين بهيوادي وألور -وهو ما كان يهدّد الموارد المائية الشحيحة أصلًا- عارض هذا القرار بشدة دفاعًا عن المصلحة العامة. وبفضل جهوده، تم إلغاء 39 ترخيصًا من تلك التراخيص.

وللتأكيد على خطورة التحديات المائية التي تواجهها الهند، يشير إلى أن توافر المياه يرتبط بشكل وثيق بالظروف المناخية والجيولوجية. ومع استمرار ارتفاع عدد السكان، يتراجع نصيب الفرد من المياه بشكل حاد. ففي عام 2021م بلغ 1486 مترًا مكعبًا للفرد، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 1367 مترًا مكعبًا بحلول عام 2031م. ويُعد أي معدل يقل عن 1700 متر مكعب مؤشرًا على منطقة تعاني من شحّ مائي، في حين أن المعدل الذي يقل عن 1000 متر مكعب يدل على ندرة حادة في المياه.

اقرأ أيضًا: الدكتور صِديق أحمد ميو.. كيف صنع تاريخًا جديدًا لميوات؟

وتُعلّمنا حياة الحاج إبراهيم خان أن الحفاظ على المياه ليس مجرد مسؤولية بيئية، بل هو واجب أخلاقي واجتماعي أيضًا. فقد أسهمت جهوده المتفانية في تحسين حياة سكان منطقته، كما أسهمت في إنعاش النظام البيئي من حولهم. وبقيادته، تمكنت العديد من قرى ميوات ومنطقة أرافالي من تطوير منشآت مائية مستدامة ما زالت توفر الماء لآلاف السكان والحياة البرية.

وتثبت رحلته أن المجتمعات، عندما تتكاتف لحماية الطبيعة، يمكنها مواجهة أصعب الأزمات. وتبقى قصته تذكيرًا بأن الحفاظ على المياه ليس حملة قصيرة المدى، بل التزامٌ يمتد مدى الحياة للحفاظ على الوجود وضمان مستقبل أفضل للجميع.

قصص مقترحة