زيب أختر/ رانشي
لطالما كانت غابات وتلال منطقة بالاامو في ولاية جهارخاند رمزًا للحرمان والإهمال. وفي هذا المشهد الوعر يعيش ستار خليفة المعروف باسم الرسام جيلاني — رجل أعاد تعريف الأمل والإنسانية من خلال المثابرة الخالصة.
وكانت طفولة جيلاني مليئة بالمصاعب؛ إذ فقد والده في سنٍ صغيرة، فتولى مسؤولية أسرته مبكرًا. ورغم التحديات، أكمل درجة البكالوريوس. ولكن شغفه الحقيقي لم يكن في الدراسة الأكاديمية، بل في خدمة الناس. وكما يوحي اسمه، فإن جيلاني ليس مجرد عامل اجتماعي، بل فنان أيضًا. فهو رسامٌ محترف يكرّس دخله لمساعدة المحتاجين، قائلاً: "الفن أداتي، والخدمة هدفي".
وتُعدّ سمعة جيلاني فريدة إلى حدّ أنَّه حتى في ذروة نفوذ الحركات الماوية والمتطرفة، كان يسافر بلا خوف بين بيشرامبور ودالتونغانج، مقرّ المقاطعة الواقع على بُعد خمسين كيلومترًا، دون أن يجرؤ أيّ من الماويين أو المتطرفين على إيقافه — في شهادةٍ نادرة على نزاهته واحترام الجميع له.
وبالنسبة إلى الفقراء والطبقات الدنيا والمجتمعات المهمّشة في منطقتي بالامو وغارهوا، يُعدّ جيلاني رمزًا للأمان والاطمئنان. فمن استخراج بطاقات التموين والمعاشات إلى تأمين مياه الشرب والمساعدات الطبية في المستشفيات، يكون دائمًا في خدمة المحتاجين.
وحتى اليوم، ساعد أكثر من 500 شخص في الحصول على بطاقات التموين، وضَمَّ عددًا مساويًا من الأسر إلى برامج المعاشات الحكومية. ورغم معاناته من قلة الموارد، يجد جيلاني أعظم سعادته حين يرى مسنًّا أو معاقًا يتسلّم معاشه بعد طول انتظار. وقبل بضعة أشهر، حُرم مئات من كبار السن والأرامل وذوي الإعاقة في ناغار باريشاد من معاشاتهم لأربعة أشهر متتالية. وبعد أن تجاهلت السلطات مناشداتهم، لجأوا إلى جيلاني. وبعد فشل محاولاته المتكررة مع الإدارة، أعلن إضرابًا عن الطعام لأجل غير مسمى. وبفضل إصراره، استجابت الحكومة أخيرًا وأفرجت عن المستحقات المتأخرة.
وتُعدّ أزمة نقص المياه من الأزمات المتكررة في بيشرامبور كل صيف، حيث تتعطل المضخات اليدوية وتتوقف إمدادات صهاريج المياه، مما يجعل الحياة شبه مستحيلة للسكان. وتصدّى الرسام جيلاني لهذه المشكلة بتنظيم الاحتجاجات، والإشراف على إصلاح المضخات، وضمان وصول صهاريج المياه بانتظام حتى تم تنفيذ حلولٍ دائمة للمشكلة. وأما نظام توزيع الحصص التموينية في مقاطعة بالامو، فقد كان منذ زمنٍ يعاني من الفساد، إذ اعتاد بعض التجار المكلّفين بتوزيع السلع بأسعارٍ مدعومة على استغلال الفقراء وسرقة حقوقهم. تصدّى جيلاني لهذه الممارسات مباشرة، فقاد مظاهراتٍ احتجاجية لضمان حصول الناس على حصصهم المستحقّة. ومنذ ذلك الحين، أصبح تجار التموين المحليون يدركون أن أي تلاعبٍ لن يمرّ دون أن يقع تحت رقابة الرسام جيلاني.
وامتدّت حملة جيلاني ضد الفساد إلى المستشفيات الحكومية، حيث كان يتم فرض رسوم غير قانونية. وقد نالت جهوده المستمرة تقديرًا رسميًا، إذ تم تعيينه مؤخرًا سفيرًا لبرنامج "برادهان منتري أواس يوجانا" (الإسكان الحضري). ومن خلال هذا الدور، يعمل على نشر الوعي بين أولئك الذين لم يستفيدوا بعد من البرنامج، في إنجازٍ يُعد مصدر فخرٍ له ولجميع أبناء بيشرامبور.
اقرأ أيضًا: حين تتحوّل الإرادة إلى واقع: قصة "نادي ستار ووريرز" في جهارخاند
وخلال فترات الانتخابات، عندما يزور السياسيون المنطقة سعيًا للحصول على الأصوات، يذكّرهم جيلاني بأن التنمية الحقيقية تبدأ من مستوى المجالس والأحياء المحلية. وقد أثمرت جهوده المستمرة في إصلاح المضخات اليدوية وتحسين إمدادات المياه. ولم يعد تأثيره مقتصرًا على بالامو فحسب، بل تجاوزها إلى المناطق المجاورة مثل غارهوا، حيث يقصده الناس طلبًا للمساعدة في الخدمات الصحية وبرامج الرفاه الاجتماعي. وبعيدًا عن نشاطه الاجتماعي، فإن جيلاني شاعر وكاتب أغنيات ومؤدٍ فني. وتتحدث كلماته عن العدالة والمساواة والتغيير. فإن قصة جيلاني ليست مجرد قصة رجل واحد؛ بل إنها قصة بيشرامبور نفسها، صوت يستمر في بث الأمل من رحم المعاناة.