أكاديميةُ رابندرا-نذرل: منارةُ أملٍ للجميع في مجال التعليم

08-09-2025  آخر تحديث   | 08-09-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
عبد الستار
عبد الستار

 


 قطب أحمد/ كولكاتا

نال عبد الستار احترامًا عميقًا من أهالي جلانغي بفضل خصاله النبيلة في تعزيز التعليم. وهو القوة الدافعة وراء "أكاديمية رابندرا-نذرل" التي تُدرِّس لنحو 700 طالب.

وعلى بُعد مئات الأمتار فقط من الطريق السريع بين جلانغي ودومكال، ترحب هذه المؤسسة الزوار بأصوات الأطفال البهيجة، من المقيمين فيه ومن الدارسين نهارًا.

وخلال زيارتنا إلى الأكاديمية استقبلنا أمين الصندوق لطف الرحمن بحفاوة، وسرعان ما انضم إلينا عبد الستار نفسه، رجل بسيط يضع نظارة، تلمع عيناه بالأمل.

وكان يقف إلى جانبه رشيد الإسلام المتحمس للتعليم، والسكرتير عمران علي شيخ، ونائبته زهرة خاتون، وغلام مرتضى، وحسينة خاتون، والرحمن. وجميعهم يشكّلون العمود الفقري لهذه المبادرة المميزة.

وانطلقت الأكاديمية عام 2020م برؤية واضحة لأولياء الأمور: "التعليم هو عملية إبراز مواطن القوة الكامنة في عقل الطفل. وهدف أكاديمية رابندرا-نذرل هو بناء كل طفل ليصبح مواطنًا صالحًا"، كما يوضح عبد الستار.

وما يميز المدرسة هو فلسفتها الشاملة - لا تحظى أي فئة بامتياز خاص، وكل طالب حر في ممارسة شعائره الدينية.

وأضاف عبد الستار: "نحن نؤمن بالإنسانية، ومن خلالها نبني القيم الأخلاقية كي ينشأ الأطفال مواطنين قادرين على خدمة الوطن. وهدفنا ليس فقط أن نُخرِّج أطباء ومهندسين، بل أيضًا إداريين وصانعي سياسات وقادة في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".

ويتركّز الاهتمام على تنشئة أفراد يعتمدون على أنفسهم، واعين اجتماعيًّا، حسّاسين عاطفيًّا، ومفعمين بالروح الوطنية. ولتحقيق هذا الهدف، تجمع الأكاديمية بين التعليم الحديث المصمَّم على أسس علمية وبين القيم الأخلاقية الراسخة، فتُعِدُّ الأطفال ليكونوا مواطنين مسؤولين وقادة أكفاء.

ومن أبرز مقوّمات هذه المؤسسة روح الانسجام التي تسودها؛ إذ، بفضل التزام عبد الستار الراسخ بوحدة المجتمع، توفّر المدرسة فرصًا متساوية للطلاب من المسلمين والهندوس على حدٍّ سواء.

وبفضل نظرته الإنسانية، يحظى باحترام الناس من جميع الطوائف، مما يجعل الآباء يثقون بالأكاديمية مع أطفالهم دون تردد.

وتتبع المدرسة مناهج مجلس التعليم الابتدائي والثانوي في ولاية غرب البنغال، وتستعين بمعلمين مؤهّلين تلقّوا تدريبًا خاصًّا. وتُثري الوسائل السمعية البصرية الفصول الدراسية، بينما تُخصَّص فصول مسانِدة لدعم الطلاب الأضعف. وإلى جانب الجانب الأكاديمي، يُولَى اهتمام خاص بتعليم اللغة الهندية ومهارات الحاسوب. كما يساهم النشاط الرياضي والموسيقي والرقص والكاراتيه والفنون في تحقيق تنمية متكاملة للطلاب.

وتوفّر مساكن منفصلة للبنين والبنات وجبات غذائية مغذية ومياه شرب نظيفة، فيما يحظى طلاب النظام النهاري بمرافق إضافية.

وتُثري ساحة اللعب الواسعة، التي تعود ملكيتها إلى أسرة عبد الستار، أجواء الحرم المدرسي، تمامًا كما يُضفي المبنى الرئيس للمدرسة — المشيَّد أيضًا على أرض شخصية لعبد الستار — قيمة إضافية للمكان. وإن تخصيصه لممتلكات عائلية من أجل التعليم يُجسِّد إخلاصًا حقيقيًا، فأن يهب الإنسان ثروته وجهده من أجل مستقبل الوطن ليس بالأمر الهيّن.

ويقول عبد الستار عن حلمه: "كان حلمًا يراودني منذ زمن بعيد أن أؤسس مدرسة مختلفة عن سائر المدارس". وبعد تقاعده عام 2020م وضع حجر الأساس لها، غير أن الجائحة أخّرت انطلاق الدراسة لأكثر من عام.

وتضم الأكاديمية التي يتم إدارتها بغرض الخدمة الاجتماعية، حاليًا 700 طالب و53 من العاملين - وهو إنجازٌ تحقق بفضل بساطته ومحبته وقيادته.

وكان عبد الستار نشطًا في السياسة سابقًا، لكنه ابتعد عنها لتجنب التنازل عن مبادئه. وفي عصرنا هذا، تندر مثل هذه الشخصيات الملتزمة بالمبادئ. ومع ذلك، فبفضلهم يزدهر الحماس للتعليم.

وبفضل هذا الدعم، أسس عبد الستار أكاديمية رابندر-نذرُل في جالانجي. وهذه المدرسة، التي تدرس باللغة البنغالية، تمتد من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر، وتستقبل الطلاب المقيمين وغير المقيمين على حد سواء. وقد حرص عبد الستار وهو أب لطفلين، على توفير التعليم العالي لأطفاله، وفي الوقت نفسه تحمل مسؤولية رعاية عدد كبير من الطلاب الآخرين.

اقرأ أيضًا: لماذا يُعرف محمد نور الإسلام بـ "السير سيد للبنغال"؟

ومسترشدا بمبدأ "جميعُنا من أجل بعضنا، وكلٌّ منّا لأجل الآخر"، يعكس عملُه شجاعةً أخلاقية عظيمة. فكم من الناس يربّون أبناء غيرهم ويعلّمونهم كما لو كانوا أبناءهم؟ وبالنسبة إلى عبد الستار، هذا أمر طبيعي، نابع من حياةٍ متجردة من الأنانية. وحتى في منتصف الستينيات من عمره، يواصل التفاني بلا كلل في مجال التعليم، معتبرًا طلابه عائلته الحقيقية.

ومع أنّ المجتمعَ المسلمَ قد تخلّف تاريخيًّا في مجال التعليم، فإنّ قادةً مثل عبد الستّار يرسمون الطريق إلى الأمام. ورسالتُه واضحة: "نحن بحاجة إلى تمثيلٍ للمسلمين لا في مجالي الطبّ والهندسة فحسب، بل في كلّ قطاعٍ حكومي. فالفرص كثيرة، ويجب أن نغتنمها بالكفاءة والجدارة".