يوسف أبو لوز
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، "تحدّي القراءة العربي"، في عام 2015م، استنادًا إلى رؤية ثقافية متفائلة تتوجه بالقطاع الطلّابي العربي الذي تغطيه وتستقطبه إلى المستقبل، مستقبل إنسان عربي قارئ باللغة العربية الفصحى ومثقف بتاريخها وقيمها الجمالية والمعرفية والأخلاقية.
عشر سنوات مرّت على المبادرة الإماراتية الحضارية المدنية الأولى من نوعها في العالم، لتصبح دبي بهذه الظاهرة الثقافية المليونية حلم الطلبة والطالبات في الوطن العربي وفي العالم، وذلك أن الفوز بجائزة التحدّي يضمن توفير مبلغ من المال يغطي تكاليف دراسة الطلبة الفائزين في الجامعات التي يتوجهون إليها بعد التخرّج في الثانوية، ما يعني أن جائزة التحدّي هي في شكل من أشكالها التكريمية استثمار ثقافي في الإنسان العربي الشاب الذي يبدأ حياته قويًا وواثقًا من نفسه طالما أنه متفوّق وناجح، ويمتلك، عمليًا، المادة التي تكفل له التعليم المحترم.
هذا الاستثمار النبيل في القارئ العربي الشاب غطّى حتى الآن 163 مليون طالب وطالبة في الدورات التسع الماضية، ويضاف إلى هذا الرقم المليوني مشاركات دورة 2025، التي تشمل أصحاب الهمم، وقد خصصت الجائزة 200 ألف درهم لمكافأة بطل تحدي القراءة في هذه الفئة العصامية.
أموال مليونية إماراتية تذهب بكل فرح إلى طلاب وطالبات العرب، وتشجعهم على مواصلة طريق القراءة، ومواصلة تعليمهم، ومساعدة أنفسهم وذويهم وأصدقائهم في مشاريع صغيرة ذكية، قد تكبر وتتوسع مع الأيام لتصبح جزءًا مهمًا من تركيبة اقتصاد المعرفة ومجتمع الثقافة العربي.
وهنا، ننتبه بالضرورة إلى أن هذه المبادرة الإماراتية العظيمة من دبي تحقق هدفين آخرين، فضلاً عمّا ذكرناه قبل قليل عن مسألة الاستثمار وضمان المال وتوفيره لدراسة الفائزين في الجامعات، والهدفان هما، أولاً: تعميق مكانة اللغة العربية بوصفها هوية تاريخيّة أصيلة في شخصية الطالب العربي، وبالتالي، دفاعه عن لغته الأم وحمايتها بكل ما أوتي من انتماء وحب لهذه اللغة التي تعني وجوده ومكانته بين شعوب العالم ولغاته المعاصرة القوية. أما الهدف الثاني، فهو تكريس ثقافة القراءة وتعميقها أكثر وأكثر بوصفها سلوكًا قابلاً للتأثير في الآخرين، سواء في المحيط العربي أو غير العربي، وبخاصة، ومرة ثانية، وسط بيئات لغوية عالمية تتنافس على العلم والأدب والسياسة والاقتصاد.
"تحدي القراءة العربي"، مشروع ثقافي إماراتي عربي بدأ من دبي، وهو اليوم يحيط بالعالم كلّه، العالم الذي يقرأ وسيقرأ بلسان العرب.