أريترا بانيرجي*

إن الهجوم الإرهابي المروع في باهالجام في 22 أبريل 2025م، والذي أسفر عن مقتل 25 هنديًا ومواطن نيبالي، استدعى اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة. وجاء رد نيودلهي من خلال عملية سندور، وهي ضربة دقيقة ومخططة بعناية داخل الأراضي الباكستانية، قامت بتفكيك البنى التحتية الإرهابية الرئيسة، مما عزز الفطنة الاستراتيجية والقيادة الحاسمة لمستشار الأمن القومي أجيت دوفال، مهندس إطار الهند الحديث لمكافحة الإرهاب.

وإن نهج دوفال في التعامل مع الأمن القومي متجذر في خبرته الاستخباراتية التي امتدت لعقود، لا سيما خلال فترة تمرد البنجاب، والعمليات السرية في كشمير، والتعامل مع أزمات مثل حادثة اختطاف الطائرة IC-814في قندهار عام 1999م. وتعطي عقيدته الاستراتيجية، المعروفة على نطاق واسع باسم "الدفاع الهجومي"، الأولوية للإجراءات الاستباقية، واستهداف استباقي، ورد حاسم تحت العتبة النووية. وقد أدى هذا الوضوح الاستراتيجي دورًا محوريًا في التخطيط لعملية سندور، ما ضمن دقة فائقة في استهداف الأصول الإرهابية.

ولم يكن نجاح عملية سيندور بمحض الصدفة. فقد سبق العملية إعداد استخباراتي مفصل، مع تحليلات شاملة لتصاميم معسكرات الإرهابيين ومنشآتها وتضاريسها وتكويناتها في مناطق سواي نالا وموريدكيه وبهاوالبور. وقد عكست هذه التحضيرات إيمان دوفال الراسخ بالمعلومات الاستخباراتية القابلة للتنفيذ باعتبارها حجر الزاوية للنجاح الاستراتيجي والإجراءات الحركية.

والأهم من ذلك، أن العملية تمكنت من تحييد قيادات إرهابية بارزة، من بينهم مدثر خديان خاص، عنصر "لشكر طيبة" المسؤول في موريدكيه، وحافظ محمد جميل، كبير المخططين في "جيش محمد" في بهاولبور، وخالد أبو عكاشة، المعروف بتهريب الأسلحة من أفغانستان. وإن القضاء على مثل هذه الأهداف في مراكز عملياتها يعكس بشكل مباشر الحتمية الاستراتيجية لدوفال المتمثلة في ضرب التهديدات الملموسة بشكل حاسم بدلاً من أيديولوجيات الإرهاب المجردة.

ولقد تجاوز تأثير عملية سندور، تحت قيادة دوفال، حدود الانتصارات التكتيكية الفورية، إذ كشفت النقاب عن التداخل المدني العسكري العميق في الإرهاب الذي ترعاه الدولة الباكستانية. فقد ظهر كبار المسؤولين العسكريين الباكستانيين، بمن فيهم فياض حسين شاه، وراو عمران سرتاج، والمفتش العام لشرطة البنجاب الدكتور عثمان أنور، علنًا في جنازات الإرهابيين الذين قُتلوا في موريدكيه. ويتماشى هذا الكشف الصريح تمامًا مع الرؤية الاستراتيجية لدوفال، التي تهدف إلى عزل الدول الراعية للإرهاب عالميًا من خلال الكشف الدبلوماسي والإحراج الاستراتيجي.

وأظهر الاستعداد لما بعد العملية، وهو سمة مميزة لولاية دوفال، التحول الاستراتيجي الذي أحدثه في الوضع الأمني ​​للهند. فبعد العملية، تمكنت القوات المسلحة الهندية بسرعة من إحباط عدة محاولات توغل بطائرات مسيّرة باكستانية في رام ناغار، وناوشيرا، وميران صاحب. وقد أثبتت هذه العمليات الاعتراضية في الوقت الفعلي صحة تركيز دوفال طويل الأمد على تعزيز قدرات الهند في مجال الطائرات المسيّرة والمراقبة، مما عزز بشكل كبير أمن الحدود الهندية.

وعلى الصعيد المؤسسي، شهدت فترة دوفال تعزيزًا غير مسبوق لأمانة مجلس الأمن القومي، حيث تطورت هذه الأمانة لتصبح المركز الاستراتيجي للهند، مع حصولها رسميًا على صلاحيات قانونية ونفوذ على مستوى مجلس الوزراء في عام 2019م. وقد ضمن دوفال من خلال رؤيته الاستراتيجية الجمع بين الاستمرارية والابتكار عبر تعيين خبراء وشباب، بما في ذلك تعيين راجيندر خانا كمستشار الأمن القومي الإضافي، ونائبي مستشار الأمن القومي تي. في. رافيشنادران وبافان كابور.

وبالإضافة إلى ذلك، أبرزت عملية سندور قدرة دوفال الاستثنائية على دمج الأبعاد الأمنية المتنوعة بسلاسة في استراتيجية عملياتية متماسكة. وقدساهمت قيادته للجنة التخطيط الدفاعي في تعزيز التنسيق بين الوكالات المختلفة، مما مكّن من الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات المتغيرة. وأسهم هذا النهج المنسق في ترسيخ قدرة الهند على مواجهة التحديات المزدوجة من باكستان والصين بشكل شامل.

اقرأ أيضًا: لماذا نجحت استراتيجية الهند في تحديد الأهداف المشروعة؟

وقد عززت الرؤية الاستراتيجية لأجيت دوفال ودقته العملياتية، اللتان تجلّتا بوضوح في عملية سِندور، المشهد الأمني ​​المباشر للهند، وأرستا مبادئ راسخة للاستجابات الاستراتيجية المستقبلية. وفي مواجهة التهديدات المتغيرة،تقف الهند آمنة بشكل حاسم، بفضل الرؤية الثاقبة والوضوح والاستراتيجيات الدقيقة التي صاغها أجيت دوفال، بوصفه مهندس الأمن القومي الأبرز في الهند.

*صحفي متخصص في شؤون الدفاع والعلاقات الخارجية وقطاع الطيران.