أونيكا ماهيشواري/ نيودلهي
منذ قرون، استُخدمت عظام الإبل كمادة فريدة في صناعة المجوهرات وتزيين المنازل. وقد التقيتُ مؤخرًا بكهكشان، الحِرفية الماهرة التي تبلغ من العمر 52 عامًا وتعيش في دلهي القديمة، وتنحدرمن عائلة امتهنت هذه الحرفة على مدى أربعة أجيال، وتمتلك براعة خاصة في تحويل العظام الجامدة إلى حُلي وقطع ديكور فنية تنبض بالجمال.
وصرّحت كهكشان لموقع "آواز دي وايس" بأن أجدادها جاؤوا بهذه الحرفة من إيران. وأوضحت قائلة: "كنّا نصنع تقليديًا المجوهرات من العاج، لكن الحظر الذي فُرض على استخدامه قبل نحو ثلاثين عامًا دفعنا إلى التحول للعمل على خشب الصندل وعظام الجاموس وعظام الإبل، التي نحصل عليها من ولاية راجستهان".
وأوضحت، في معرض حديثها عن المجوهرات المصنوعة من العاج مقارنة بتلك المصنوعة من عظام الجمل، بأن العاج يتميز بلونه الأبيض الباهت.
وكان فن نحت العظام يُمارس تقليديًا باستخدام العاج، إذ كان يُحوَّل إلى قطع فنية وزخرفية تُقدَّم كهدايا لنواب أوده خلال القرنين السابع عشر والتاسع عشر. وتقول كهكشان: "توجد في الهند مناطق عديدة تشترط أن تضع العروس أساور من العاج ضمن طقوس الزواج".
وأقامت كهكشان كشكًا أنيقًا في المتحف الوطني للحرف اليدوية وأكاديمية الحرف اليدوية في نيودلهي، حيث تستقطب منتجاتها اليدوية عددًا كبيرًا من الزوار. وتعرض على الطاولات تشكيلة متنوعة تضم المجوهرات والتحف والعلامات المرجعية وسلاسل المفاتيح وغيرها من المصنوعات المميزة.
وذكرت: "تتمتع مجوهرات العظام والخرز بسوق جيدة في جنوب إفريقيا، بينما في الهند لا تحظى برواج كبير، رغم أنها نالت في بعض الفترات اهتمامًا واسعًا خلال العصر المغولي. وأما في الوقت الحاضر، فإن معظم زبائني من النساء المنتميات إلى الطبقة الراقية في الهند".
وأوضحت كهكشان أنها أنهت دراستها حتى الصف الثاني عشر، ومنذ ذلك الحين انخرطت في هذه المهنة. كما تقوم بصناعة مجوهرات من بلورات البحر، التي تحظى بإعجاب الناس وإقبالهم.
وأشارت إلى أنها شاركت بعرض مجوهراتها في معرض سوراجكوند الدولي للحرف اليدوية، لافتةً إلى أن زوجها محمد شارق وهي نفسها قد حصلا على جوائز حكومية تقديرًا لأعمالهما.
ويصنع الزوجان مجوهرات وعلبًا وفواصل أوراق وهدايا متنوعة أخرى من عظام الإبل، وتتراوح أسعار الأساور بين 50 روبية، بينما تصل التحف إلى نحو 5000 روبية.
وتقول كهكشان: "إن من يذبحون الإبل بمناسبة عيد الأضحى يبيعون جلودها وعظامها للحرفيين، وبحكم ندرة العاملين في مجال نحت العظام، يتوجه إلينا الكثير من الناس لبيعها.
وشرحت كهكشان طريقة تنظيف عظام الإبل لاستخدامها في صناعة المجوهرات، مبينةً أن عظام الإبل أكثر صلابة وكثافة من العاج، وتتميز بلمعان واضح عند صقلها، مما يجعلها مفضلة لدى النحاتين نظرًا لملمسها ووزنها القريبين من العاج. ولذلك تُعد خيارًا مناسبًا لصناعة المجوهرات.
وذكرت أن صناعة المجوهرات تتطلب جهدًا كبيرًا وعملًا شاقًا، إذ يجري النحت بعمق داخلها، وهو ما يبرر ارتفاع أسعارها.
وقالت كهكشان إن ابنها أسامة يقوم بتدريب الحرفيين على هذه الحرفة المميزة في دبي. وتحدثًا عن سوق مجوهرات العظام، أوضحت أن معظم الطلب يأتي من الأسواق الأوروبية، مضيفةً: "أنهم يعشقون هذا النوع من المجوهرات، لأنه يضفي لمسة متكاملة على إطلالاتهم".
وتتلقى كهكشان دعوات مستمرة لتدريب الطلاب في المعهد الوطني للتصميم في أحمد آباد، وكذلك في معاهد الفنون ومراكز الحرف بدلهي. كما تتلقى دعوات متكررة من مراكز في جنوب إفريقيا، التي "تُعَد من البلدان التي لقينا فيها إقبالًا واسعًا، كما أن زوجي يتوجه إليها أيضًا لإقامة دورات تدريبية في هذه الحرفة".
اقرأ أيضًا: الوجوه المسلمة التي ساهمت في تشكيل مسيرة لاتا مانغيشكار الأسطورية
وأعربت كهكشان، من خلال موقع "آواز دي وايس"، عن مناشدتها للحكومة بأن تعمل على توفير منصات قوية للحرفيين التقليديين مثلها في المستقبل، مشيرةً إلى أن ذلك سيمنحهم دفعة جديدة، ما سيساعد على حفظ هذا التراث الأصيل.