الوجوه المسلمة التي ساهمت في تشكيل مسيرة لاتا مانغيشكار الأسطورية

25-09-2025  آخر تحديث   | 23-09-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
الوجوه المسلمة التي ساهمت في تشكيل مسيرة لاتا مانغيشكار الأسطورية
الوجوه المسلمة التي ساهمت في تشكيل مسيرة لاتا مانغيشكار الأسطورية

 


جاينارايان براساد/ كولكاتا

أدت الشخصيات المسلمة في المشهد الفني الهندي دورًا محوريًا في صياغة مسيرة المغنية الهندية الشهيرة "لاتا مانغيشكار" والارتقاء بها إلى القمة. ومن بين الشخصيات المسلمة، تبرز أسماء غلام علي خان الأكبر، والماستر غلام حيدر، ومحبوب خان، وجان نثار أختر، وديليب كومار (محمد يوسف خان)، وراجا مهدي علي خان، وكيفي أعظمي، ونوشاد، وساهر لودهيانوي، وشكيل باديوني، وحسرت جايبوري، وخمار بارابانكوي، ونقش لائل بوري، وكيف بهوبالي وصولاً إلى فاروق قيصر، وجاويد أختر، وعبد الرحمن. وتبقى أسماؤهم راسخة في الذاكرة الفنية التي لا يمكن نسيانها.

وأدت لاتا مانغيشكار خلال مسيرتها الفنية أكثر من 50 ألف أغنية بأربع عشرة لغة مختلفة، ما جعل صوتها يتجاوز حدود الجغرافيا والثقافات. وفي عام 1974م دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتبارها من أبرز المغنيات اللاتي قدّمن أكبر عدد من الأغاني في تاريخ الموسيقى العالمية، لتُرسّخ مكانتها كأيقونة فنية خالدة.

وأطلق غلام علي خان عليها لقب "إلهة الموسيقى"، تقديرًا لقيمتها الفنية وصوتها الفريد. ووُلد خان في 2 أبريل 1902م في مقاطعة كاسور (تقع اليوم في باكستان)، ورحل في 25 أبريل 1968م في حيدر آباد بالهند. وسجّل حضوره في السينما الهندية عبر أدائه لأغنيتين في الفيلم الدرامي الكلاسيكي الشهير "مُغل أعظم" (1960م)، من إخراج كيه. آصف.

وأدت لاتا مانغيشكار في هذا الفيلم الكلاسيكي أيضًا. ويُقال إن تاريخ السينما الهندية لم يشهد حتى الآن أعمالًا موسيقية تضاهي أغاني فيلم "مُغل أعظم". وفي هذا الفيلم أدّى غلام علي خان أغنيتين، وتلقى عن كل واحدة منهما 25 ألف روبية من المخرج كيه. آصف، بينما غنّت لاتا مانغيشكار تسع أغنيات في الفيلم.

وحصلت مانغيشكار على أجر قدره خمسمائة روبية عن كل أغنية غنتها في الفيلم. وهو المبلغ نفسه الذي حصل عليه محمد رفيع أيضًا. ويكشف تاريخ السينما الهندية المرتبط بمانغيشكار، أن المنتج كيه. آصف، حين تواصل مع غلام علي خان، للمشاركة بالغناء في الفيلم، رفض خان  في البداية أداء أي أغنية في الفيلم، غير أنّ إصرار آصف ومحاولاته المتكررة دفعته في النهاية إلى الموافقة، لكن بشرط أنه يتلقّى خمسةً وعشرين ألف روبية عن كل أغنية.

ووافق في النهاية آصف على هذا الشرط، وأدى غلام علي خان في هذا الفيلم أغنيتين: الأولى "برَيم جوغن..."، والثانية "شبهه دن آئيو راج دولارا". واستندت كلتاهما إلى مقامين موسيقيين هنديَّين؛ أولهما راغ سوهيني، والثاني راغ شري.

وتولّى نوشاد تأليف موسيقى الفيلم، فيما كانت كلمات الأغاني للشاعر شكيل بَدايوني. وأثناء تسجيل أغنيات "مُغل أعظم"، أدرك غلام علي خان بحدسه الفني،وتنبأ قائلاً: "ستغدو لاتا مانغيشكار المطربة الكبرى في البلاد.". وقد صدقت نبوءته.

وكان الأستاذ غلام حيدر، أحد أبرز خبراء الموسيقى الشعبية البنجابية، هو المعلم الحقيقي للمطربة مانغيشكار خلال فترة معاناتها ما بين عامي 1945 و1946م. فقد كانت آنذاك تجوب الشوارع لساعات طويلة باحثة عن فرصة للغناء في الأفلام. وفي أحد الأيام، التقت بالأستاذ غلام حيدر من مواليد 1908م. وبدأ حيدر مسيرته في الهند حيث كان على صلة وثيقة بجميع المنتجين والمخرجين المرتبطين بالسينما الهندية، ثم انتقل لاحقًا إلى باكستان، وتوفي في لاهور في 9 نوفمبر 1953م.

واكتشف حيدر موهبة لاتا مانغيشكار من اللحظة الأولى التي التقاها فيها، وفي ذلك الزمن كانت شركة "بومباي تاكيز" تتألق كواحدة من أبرز الأسماء في صناعة السينما. وقد كتبت لاتا مانغيشكار قائلة: "كان غلام حيدر هو الداعم الحقيقي لي، فقد وقف إلى جانبي، وعرّفني على المخرجين، ودافع عني، وفتح أمامي أبواب العمل".

وتابعت قائلة: "الأستاذ غلام حيدر كان أول ملحن يثق بموهبتي. وهو الذي فتح أمامي، ومعي سودها مالهوترا وسوريندر كور، أبواب الدخول إلى عالم السينما. ومن بين أفلامه الشهيرة فيلم "مجبور" (1948م)، حيث أديتُ خمس أغانٍ".

وكان الشاعر الغنائي ناظم بانيباتي قد كتب كلمات فيلم "مجبور". وتشير الروايات التاريخية إلى أن الأستاذ غلام حيدر كان أول من أدخل آلة الدولك إلى الموسيقى السينمائية، كما عُرف بتمكنه من العزف على البيانو. وفي تلك الفترة، عمل إلى جانبه كل من مادان موهان ونوشاد كمساعدين.

وعند استعراض التاريخ السينمائي، يتضح أن الفيلم الاجتماعي الملحمي "أمنا الهند" (1957م)  من إخراج محبوب خان، كان نقطة تحوّل غيّرت حياة الكثيرين، ومن بينهم لاتا مانغيشكار. وأُنتج الفيلم بميزانية بلغت ستة ملايين روبية، فيما وصلت إيراداته إلى نحو 80 مليون روبية. وتم عرضه في 25 أكتوبر 1957م في عدد من المدن الكبرى مثل بومباي ودلهي وكولكاتا، واحتوى على مجموعة من أبرز أغنيات لاتا مانغيشكار.

وأدت الأخوات الثلاث لاتا، مينا، وأوشا مانغيشكار معًا أغنية واحدة بعنوان "دنيا مين هم آيه هين..." (جئنا إلى الدنيا... فلنحياها كما هي). ومن بين اثنتي عشرة أغنية في الفيلم، حققت أغنيات لاتا مانغيشكار انتشارًا واسعًا في ذلك الزمن. وقد وضع ألحان فيلم "أمنا الهند" الموسيقار الكبير نوشاد، فيما كتب كلماته الشاعر شكيل بادايوني.

ولا يعرف كثير من الناس أن فيلم "أمنا الهند" قد كتب قصته كل من وجاهت مرزا، وإس. علي رضا. بينما تولى فاروق إيراني مهمة التصوير، وأسند المونتاج إلى شمس الدين قادري. ومن بين أبرز أغاني الفيلم أغنية "ناغري ناغري دواري دواري" (من مدينة إلى مدينة، ومن باب إلى باب)، التي أدّتها لاتا مانغيشكار واستمرت مدتها 7 دقائق و29 ثانية.

وكلما يُذكر اسم لاتا مانغيشكار،يستعيد جيل الكبار شخصيتين مسلمتين جمعتهما السينما الهندية؛ أولهما الشاعر الغنائي راجا مهدي علي خان، وثانيهما محمد صادق، الذي وظّف أمواله في إنتاج فيلم "باهو بيجوم" (1967م). وما زالت أغنيتها الخالدة " دنيا كاري سوال تو هم كيا جواب دين" (إذا طرح العالم أسئلته فبأي جواب يليق أن نرد) التي أدتها لاتا مانغيشكار، تلامس القلوب حتى اليوم.

اقرأ أيضًاالمطربة الكشميرية الشابة تتحدى الصور النمطية وتشق طريقها في بوليوود

ولا تزال كولكاتا تحتفظ بمكانة خاصة لأغنية كتبها الشاعر كيفي أعظمي "بهاروںمیرا جيون بھی سنوارو" من فيلم "آخري خط" (الرسالة الأخيرة). وقد تم عرضه في مدينة كولكاتا يوم 30 ديسمبر 1966م. وكذلك أغنية "الله تيرو نام، إيشور تيرو نام" من فيلم "هم دونو" (1961م) ما زالت متجذّرة في وجدان كل فرد في كولكاتا. وكتب كلماتها الشاعر ساحر لودهیانوي وأدّتها بصوتها العذب لاتا مانغيشكار.

قصص مقترحة