دبي
شكّل المصمم الإعلاني الهندي راميش بابو جزءًا من ذاكرة دبي البصرية، وسجّل بريشته ومسيرته على مدى أكثر من خمسة عقود، تاريخًا يمتد من بدايات صناعة الإعلان في الدولة، حتى عصر التحول الرقمي، ليصبح اليوم واحدًا من رموز الإبداع الذين عاصروا نهضة الإمارات منذ سبعينيات القرن الماضي، في تجسيد حي يعكس مفاهيم التسامح والتعايش في الدولة.
واستعاد "راميش" تفاصيل رحلته الأولى إلى دبي خلال حديثه لوكالة "وام" وقال: "وصلت إلى دبي في 16 أبريل عام 1974م على متن سفينة قادمة من بومباي، استغرقت رحلتها 4 أيام، وكانت أول محطة لي ميناء راشد، ومن هناك بدأت أبحث عن عمل، وبعد أشهر قليلة، سمعت عن وظيفة شاغرة في شركة إعلانات صغيرة يعمل فيها شخصان فقط".
وأضاف: "طُلب مني رسم إعلان لشركة "آيس كريم"، أنجزت الإعلان يدويًا بالريشة، ورسمت مشهدًا لدبي القديمة مع العبرات والمباني والاسم التجاري للمنتج، لأنضم إلى الشركة بعدها، ولتكون تلك البداية لمسيرة استمرت أكثر من 50 عامًا، تنقلت فيها بين مراحل تطور الإعلان من الرسم اليدوي إلى التصاميم الرقمية".
وقال راميش: "في البدايات كل شيء كنا نفعله باليد، لم تكن هناك أجهزة كمبيوتر ولا تصوير رقمي، إذ كنت أقضي يومًا كاملاً في تصميم إعلان واحد بالفرشاة والأقلام، فيما اليوم يمكن إنجاز العمل نفسه خلال دقائق.
وأشار راميش ، إلى أنه أسس في عام 1977م أول شركة إعلانات خاصة به تحت اسم "نايانا إنترناشيونال" في إمارة عجمان، قبل أن يغيّر اسمها لاحقًا إلى "آي أدفرتايزينغ" عام 1982م، ويبدأ من هناك رحلة مهنية تعاون خلالها مع كبرى العلامات التجارية مثل "كانون" و"أو جينيرال"، إلى جانب شركات محلية نمت لتصبح من أبرز المؤسسات في الدولة اليوم. وفي عام 1992م أسس راميش شركة "العيون للإعلانات "عام 1992 في دبي، واستمر مقرها منذ ذلك الحين في ميدان بني ياس في دبي. وعبر راميش عن سعادته بأن كثيرا من الشركات التي بدأ معها وهي صغيرة، أصبحت اليوم شركات بمليارات الدراهم، لافتا إلى فخره واعتزازه أن أول إعلان لتلك الشركات خرج من بين يديه.
ورغم التحديات التي واجهها خلال جائحة "كوفيد-19"، وركود سوق الطباعة والإعلانات الورقية، ظل راميش الذي يمكن وصف مكتبه بمتحف مطبوعات، وفيًا للمهنة التي أحبها حتى قرر مؤخرًا إنهاء نشاطه استعدادًا للتقاعد. وقال: "أستعد الآن للعودة إلى الهند بعد أكثر من 50 عامًا في الإمارات، فقد آن الأوان لأستريح بعد عمر طويل من العمل".
وعن يوم التسامح في دولة الإمارات، قال راميش بامتنان: "هذه الدولة تساعد الجميع، ليس فقط من يعيش فيها، بل كل من يتعامل معها، والإمارات كانت ولا تزال بلدي، فقد عشت فيها 51 عامًا، ولم أشعر يومًا أنني غريب".
وأضاف أن كل شيء هنا سهل، الأفراد والحكومة والدوائر الاقتصادية كلهم متعاونون جدًا، إنها دولة آمنة وكريمة، وتمنح الجميع فرص النجاح.
وعن رسالته للشباب المقبلين على العمل في قطاع الإعلان، أكد راميش أن هذه المهنة تستحق الجهد والإبداع، لافتًا إلى أن مجال الإعلان جميل لمن يحب الفن والتفكير المختلف، ويكافئ من يجتهد فيه.
اقرأ أيضًا: جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية.. منارة التعليم والثقافة في الهند
وأشار راميش إلى حصوله مؤخرًا على "شهادة غينيس للأرقام القياسية" كأطول مسيرة مهنية في مجال الإعلان المطبوع لمدة 47 عامًا و77 يومًا في الإمارات"، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يمثّل مصدر إلهام للأجيال الجديدة، ويظهر كيف يمكن للحلم أن يتحقق بالعمل والإصرار.
وقال راميش في ختام حديثه "إن الإمارات أعطتني الفرصة، واحتضنتني، واليوم أستعد للعودة إلى وطني حاملا معي حبها وتسامحها وقصة نجاحي فيها".