قدسية رسول: المرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية التي صاغت دستور الهند

12-12-2025  آخر تحديث   | 12-12-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
قدسية رسول: المرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية التي صاغت دستور الهند
قدسية رسول: المرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية التي صاغت دستور الهند

 


أشهر عالم/نيودلهي

قدّمت تهمينة بونواني نافذة نادرة على حياة جدّتها، السيدة قدسية رسول، المرأة المسلمة الوحيدة التي شاركت في أعمال الجمعية التأسيسية التي صاغت دستور الهند عام 1949م.

وجاء ذلك في مناسبة إطلاق كتاب جدّتها، الذي يرى النور بعد أربعةٍ وعشرين عامًا من رحيلها، ليعيد تسليط الضوء على شخصية سياسية واجتماعية رائدة سبقت عصرها.

وقالت تهمينة، وهي محامية وابنة ابنة قدسية رسول، في  كلمةٍ لها خلال حفل إطلاق الكتاب في دلهي: "وكانت جدّتي، بالنسبة للعالم، شخصية سياسية لا تعرف الخوف، وأما بالنسبة لي فكانت أمي جان… مرأة رقيقة، متجذرة في القيم، لا تتزعزع نزاهتها أبدًا".

واستعادت بونوَاني مرحلة حسّاسة في حياة رسول حين صدرت ضدها فتوى بسبب دخولها الحياة العامة. وبينما شعر أفراد العائلة بالخوف، وبقيت رسول ثابتة لا تهتز. وقالت تهْمينة إن جدّتها كانت تردد: "إذا كان ضميري صافيًا، فلا حكم ولا فتوى يمكن أن تخيفني".

ويأتي إصدار كتاب "السيدة قدسية رسول: الحياة الاستثنائية للمرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية" ليعيد إحياء سيرتها الذاتية "من الحجاب إلى البرلمان: مذكرات امرأة مسلمة في السياسة الهندية"، التي ترصد مسيرة هذه القائدة المسلمة البارزة وتوثّق إرثها السياسي ودورها الريادي في تاريخ الهند الحديث.

وشهدت الفعالية حضور نخبة من الصحفيين والمحامين والقيادات السياسية، الذين جاؤوا لاستعادة سيرة امرأة غُيِّب دورها طويلًا عن الرواية التاريخية السائدة، رغم تأثيرها الواضح في تشكيل الهند الحديثة.

وأدارت الجلسة الصحفية نيدهي رازدان، وضمّت لجنة النقاش كلًّا من سلمان خورشيد وإنديرا جيسينغ ومنيش تيواري، إلى جانب المحامية تهمينة بونوَاني التي قدّمت منظورًا عائليًا يضيء جوانب جديدة من إرث قدسية رسول.

ووُلدت قدسية رسول عام 1909م، وكانت المرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية الهندية.

وقد برزت كصوت سياسي مستقل، رافضةً التقسيمات الدينية في التمثيل السياسي، ومدافعة عن حقوق الأقليات، ومسهمة في تطوير رياضة الهوكي النسائية. وانتُخبت للجمعية التشريعية في أتر برديش ولمجلس الشيوخ الهندي (راجيا سبها)، وشغلت منصب وزيرة خلال مسيرتها السياسية، مؤكدة حضورها في فضاء كان يكاد يخلو من النساء. ومُنحت عام 2000م وسام بادما بوشن، أحد أرفع الأوسمة المدنية في الهند.

وإلى جانب كونها المرأة المسلمة الوحيدة في الجمعية التأسيسية عام 1946م، كانت من أبرز الأصوات التي دافعت عن المساواة بين الأقليات، ووقفت بحزم ضد الحصص الدينية في التمثيل السياسي.

وقد كان لها دور بارز في تعزيز رياضة الهوكي النسائية، حتى أُطلقت إحدى البطولات باسمها تقديرًا لإسهاماتها. كما كانت من أوائل النساء اللواتي تخلّين عن البرقع، في خطوة تعكس شجاعتها ورؤيتها المتقدمة لدور المرأة. وإلى جانب نشاطها العام، خلّفت إرثًا فكريًا من خلال مؤلفاتها، ومنها كتاب رحلاتها، وكتابها عن غاندي، وكتاب "حياة قدسي" الذي يتناول سيرة بيغمات (سيدات) بوبال.

وأكدت تهمينة أن قدسية رسول، رغم مكانتها السياسية البارزة، ظلت متجذرة في العمل الميداني وقريبة من النساء وقضاياهن اليومية. فقد اعتادت، كما تقول، أن تلتقي بالنساء باستمرار، تستمع إلى مشكلاتهن، وتعمل بصمت من أجل إيجاد حلول عملية. كان النشاط المجتمعي بالنسبة لها واجبًا ومسؤولية أكثر منه وسيلة للظهور أو تعزيز المكانة.

وأشار المتحدثون في الجلسة إلى قدرتها اللافتة على تجاوز القيود الاجتماعية التي كانت تعيق مشاركة النساء المسلمات في الحياة العامة آنذاك، ما يجعل تجربتها أكثر تميزًا في سياقها التاريخي.

وأوضح الوزير البرلماني الأسبق سلمان خورشيد أن قدسية تمكّنت من الفوز بمقعد عام في للجمعية التشريعية في أترابرديش رغم ما واجهته من عقبات تقنية وإجرائية عديدة، ،واصفًا ذلك بأنه: "عمل استثنائي يدل على شجاعة نادرة".

وأشار منيش تيواري إلى الأهمية الديمقراطية لمسيرة قدسية رسول، قائلًا إن وجودها في الجمعية التأسيسية كان دليلًا على انفتاح الهند في زمن تحكمه اضطرابات سياسية واجتماعية كبيرة.

كما أشادت المحامية المعروفة إنديرا جيسينغ بصفاء رؤيتها الأخلاقية وبأسلوبها القيادي القائم على التعاطف، ووصفتها بأنها:"مزيج نادر من الإيمان العميق والتواضع".

اقرأ أيضًا: ديفياني خوبراجادِه تشارك في "ركض الأمم المتحدة للمرأة" بتونس دعمًا لجهود إنهاء العنف ضد النساء

واتفق المتحدثون جميعًا على ضرورة إبراز إسهامات السيدة قدسية رسول ومنحها المكانة التي تليق بها في السردية السياسية الهندية، باعتبارها إحدى الشخصيات التي لعبت دورًا مهمًا في مرحلة التأسيس.