عبد اللطيف "آركو".. مسيرة كفاح ملهمة للزواج بلا إسراف وتعزيز التعليم

16-09-2025  آخر تحديث   | 16-09-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
عبد اللطيف
عبد اللطيف

 


 فرحان إسرائيلي/ جايبور

عبد اللطيف، المعروف في جميع أنحاء راجستهان بلقب "آركو"، ليس مجرد رجل أعمال، بل هو رجل جمع بين روح المبادرة والخدمة الاجتماعية لتحسين حياة الناس. ويقول عبد اللطيف، الذي وقف ضد الآفات الاجتماعية بحماس: "تزوجوا بمبالغ قليلة من المال، لكن علّموا أبناءكم. ولا تهدروا المال على الدوطة.

وُلد في عام 1946م في قرية صغيرة قرب تشومو، وبدأت رحلته في كنف أسرة متواضعة. ويقيم اليوم في منطقة "تشيني كي برج" في جايبور. وغرس والداه، رحمة الله وحفيجان، فيه قيم العمل الجاد والصدق وخدمة الآخرين — وهي المبادئ التي شكّلت شخصيته ومسار حياته.

وأصبحت شركة عبد اللطيف، عبد الرزاق آند كومباني (آركو)، اسمًا معروفًا في مجال المحركات الكهربائية والمراوح والمبرّدات وغيرها. كما أن فندقه آركو بالاس، الواقع بالقرب من محطة حافلات "سندهي كامب" في جايبور، يعكس رؤيته وإخلاصه.

وخلال ستينيات القرن الماضي، وفي وقت كانت فيه الهند تشهد تحولات سريعة بعد الاستقلال، تلقّى عبد اللطيف تدريبًا في مجال الأعمال الكهربائية بين عامي 1958  و1962م، وأسس شركة عبد الرزاق آند كومباني عام 1962م.

وبدأت الشركة كمتجر صغير لإصلاح المحركات الكهربائية، لكنها سرعان ما تطورت إلى مشروع صناعي لإنتاج المحركات والمراوح والمبرّدات والمضخات، والتي تم شحنها إلى مختلف أنحاء الهند.

وفي عام 1972م، أطلق مصنعًا لإنتاج شريط القطن الخاص بلف المحركات، وحظي هذا المنتج بطلب واسع على مستوى البلاد. غير أن أحداث صراع المسجد البابري عام1992 م تسببت في انتكاسة كبيرة، إذ تراجع النشاط التجاري، وتعطلت المدفوعات، وتضررت حركة التجارة بشكل ملحوظ.

ومع ذلك، لم يستسلم عبد اللطيف، فأعاد إطلاق علامته التجارية تحت اسم "آركو إنتربرايزس" و"آركو إندستريز"، ودخل مجال الضيافة من خلال تأسيس فندق "آركو بالاس"، الذي يضم اليوم 125  غرفة وعددًا من المحلات التجارية. ويُعد الفندق أيضًا مركزًا للأنشطة الاجتماعية والخيرية.

كما شغل منصب مدير في شركة بيترو فيلد (بارودا) و"البنك التعاوني المركزي في جايبور"، ما يعكس حسه القيادي ومسؤوليته تجاه المجتمع.

ومدفوعًا برسالة لخدمة الصالح العام، بدأ عبد اللطيف منذ عام 2001 في خدمة المجتمع بصفته رئيس بانشايات منصوري. وتُعد أكبر مبادراته تنظيم حفلات زفاف جماعية للمسلمين، بهدف القضاء على ظاهرة الدوطة وتشجيع حفلات الزواج البسيطة.

وبين عامي2001  وفترة الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19، نظم عبد اللطيف نحو22–23  فعالية من هذا النوع، حيث كان يتم تزويج ما بين50  إلى 140  زوجًا في كل مرة ليصل إجمالي الأزواج إلى نحو3000  زوج وزوجة.

وبعد الإغلاق، حوّل فندق "آركو بالاس" إلى مكان لإقامة حفلات الزفاف الفردية، حيث يوفر ترتيبات متكاملة للأسر المحتاجة، بما في ذلك ملابس العروسين وطعام لـ 50  ضيفًا بتكلفة رمزية.

وتساعد "البانشايات" أيضًا في العثور على شريك حياة مناسب من خلال جمع البيانات الشخصية، إضافة إلى تقديم الاستشارات وحل النزاعات الزوجية.  ويتم حل 20–25  حالة كل شهر.  كما يضم فريقه القانوني 10 أعضاء، من بينهم حفيده المحامي منهاج أبو ذر آركو وأفراد آخرون من العائلة، لتقديم خدمات المساعدة القانونية بتكلفة معقولة.

وبهدف تطهير المجتمع من الشرور الاجتماعية وتنظيم شؤونه، أسّس في عام 2018م "المهابانشايات الإقليمي لمسلمي طائفة التلي". وتضمّ هذه المنظمة اليوم أكثر من 2000 عضو نشط، تنظّم فعاليات لاكتشاف المواهب، وتعمل على بناء مساكن للطلاب في مختلف مناطق ولاية راجستان.

ويؤمن عبد الطيف بأن التعليم هو الأداة الأقوى لإحداث التحوّل في المجتمع. فمنذ عام 2001م، دأب على تنظيم حفلات توزيع الجوائز السنوية للطلاب. وقد بدأ بتكريم نحو 40 إلى 50 طالبًا، إلا أن العدد ارتفع اليوم إلى 300. ويُمنح الطلاب الحاصلون على أكثر من 85% في الصفين العاشر والثاني عشر، إضافة إلى حفظة القرآن الكريم، جوائز مالية وتكريمًا خاصًا. وحتى الآن، تم تكريم أكثر من 6000 طالب وطالبة.

كما أسّس مدرستين في جايبور: مدرسة أركو للأطفال في منطقة شاستري نغار (حتى الصف الخامس)، وأخرى في حي بانجارا بَسْتي في حسن بورا (حتى الصف الثامن). وعلى مدى السنوات الست إلى السبع الماضية، كان يدير مراكز تدريبية تقدّم دورات في التحدّث باللغة الإنجليزية والتحضير للامتحانات التنافسية.

وبصفته رئيسًا لـ"الصندوق الوطني للتسهيلات التعليمية"، فإن هدفه دعم حفظة القرآن الكريم في متابعة دراستهم الجامعية وخوض الامتحانات التنافسية والبرامج الطبية والهندسية. ويقول موضحًا: "معظم حفظة القرآن ينتمون إلى أسر فقيرة ولا يستطيعون تحمّل تكاليف الدراسة العليا، ونحن نسعى لتأسيس صندوق يساعدهم".

وبصفته رئيسًا منتخبًا لـ"الجمعية التعاونية لنسّاجي ولاية راجستهان" (1992–1995م)، ناضل من أجل حقوق النسّاجين. ففي ذلك الوقت، كان بعض التجار يبيعون منتجات الأنوال الآلية على أنها منسوجات يدوية، مما ألحق الضرر بالحرفيين الحقيقيين. وقد نجح في إيقاف هذه الممارسة، وضمان أن تقتصر مشتريات الحكومة على المنتجات اليدوية الأصيلة، وبذلك حافظ على فرص العمل وكرامة الحرفيين.

وعلى مدى السنوات الست عشرة الماضية، تولّى رئاسة منتدى وحدة الداليت والمسلمين في راجستان، حيث عمل على منع اندلاع الصراعات الطائفية وتعزيز الوئام بين مجتمعي الداليت والمسلمين.

ويقول: "نحن نأكل الطعام نفسه، ونعيش في الأحياء ذاتها، ونواجه الفقر ذاته. لكن بعض المخرّبين يسعون لتقسيمنا لمصالحهم". ويقوم فريقه بزيارة مناطق النزاع، والتوسّط في حلّ الخلافات، وتقديم المساعدة القانونية وكفالات الإفراج لتجنّب الاعتقالات غير الضرورية.

وبصفته الأمين العام للمجلس الملي لعموم الهند بولاية راجستهان، دافع عن قضايا رفاهية المسلمين. ففي عام 2007م، التقى مع فريقه برئيس الوزراء آنذاك الدكتور مانموهان سينغ، وبحثوا معه قضايا مثل نظام الحصص، والتعليم، والرعاية الصحية، والإسكان.

ويُعَدّ عبد اللطيف، المعروف بلقب "أركو"، ليس مجرد رجل أعمال ناجح، بل قائدًا اجتماعيًا مُلهِمًا أحدث تحوّلات ملموسة. سواء من خلال تنظيم حفلات زفاف خالية من المهور، أو تعزيز التعليم، أو حماية النسّاجين، أو ترسيخ الوحدة، أو رفع صوت المجتمع—فقد لامس عمله حياة الآلاف. ويقول: "تكمن قوتي في خدمة الناس".

واليوم، أصبح اسمه في جايبور وخارجها رمزًا للثقة والعمل الجاد والخدمة العامة. ويشغل حاليًا مناصب قيادية عليا في عدد من المنظمات.

قصص مقترحة