أونيكا ماهيشوري
في عام 2007م، كانت فرح عثماني تعمل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عندما اتخذت قرارًا محوريًا أطلق حركة تهدف إلى تمكين النساء حول العالم من خلال الاستقلال المالي.
والدكتورة فرح عثماني، وهي طبيبة من ولاية أترا براديش، انتقلت إلى نيويورك لأسباب مهنية. وخلال بحثها عن شقة للإيجار، اكتشفت أن أسعار الإيجارات في نيويورك كانت تشهد ارتفاعًا كبيرًا وأصبحت باهظة التكلفة. وبعد إجراء بعض الحسابات السريعة، قررت الاستفادة من قرض عقاري منخفض الفائدة من اتحاد الائتمان الفيدرالي التابع للأمم المتحدة لشراء شقة. وبالفعل، اشترت شقة مكونة من غرفتين في مانهاتن، وكان القسط الشهري للقرض العقاري أعلى بقليل فقط من قيمة الإيجار الذي كانت ستدفعه.
وقالت عثماني لصحيفة "مورنينج ستار": "كان هذا الإنفاق الأعلى قليلاً (إلى جانب الدفعة المقدمة) مكّنني من امتلاك عقار، بدلاً من تبديد أموالي على الإيجار. وكان قرارًا حكيمًا للغاية. اليوم، بعد 15 عامًا، أنا على وشك أن أمتلك منزلي بالكامل دون قرض عقاري". وقد ألهمتها هذه التجربة لإطلاق حملة تهدف إلى توعية النساء في جميع أنحاء العالم بأهمية الحرية المالية وتمكين أنفسهن من خلال الاستقلال المالي.
وتُعد الدكتورة فرح عثماني اليوم خبيرة دولية في مجالات الصحة والنوع الاجتماعي والتنمية، وتقيم في نيويورك.
وتُعد الدكتورة فرح عثماني أول امرأة مسلمة من الهند تعمل ضمن السلك المدني الدولي التابع للأمم المتحدة على مستوى مدير. وقد حصلت على "جائزة المهاتما لعام 2021 للأثر الاجتماعي" تقديرًا لعملها في دعم النساء والفتيات والأقليات.
وتمتلك الدكتورة عثماني خبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في السلك المدني الدولي بالأمم المتحدة، حيث عملت مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مركّزة على قضايا النساء والفتيات، ولا سيما في مجالات الصحة الإنجابية والحقوق المرتبطة بها.
ومواصلةً لمهمتها في تمكين المرأة، تشغل الدكتورة عثماني منصب نائب الرئيس العالمي لمؤسسة (SAFAR)، وهي منظمة خيرية تركز على النهوض بالنساء والفتيات المهمشات.
وهي أيضًا مؤسِّسة "Rising Beyond The Ceiling"، وهي مبادرة عالمية مدعومة من مؤسسة "SAFAR"، تهدف إلى تسليط الضوء على النساء المسلمات في الهند والمساهمة في تغيير الصورة النمطية السائدة عنهن.
وقد أصدرت المبادرة أول مجلد لها عن النساء المسلمات في ولاية أترا براديش، وتعمل حاليًا على استكمال العمل لتغطية باقي الولايات الهندية. وقد نالت فرح عثماني العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها زمالة المجلس البريطاني، وزمالة الجدارة المشتركة بين اليابان والبنك الدولي.
وفي صندوق الأمم المتحدة للسكان، أدت الدكتورة فرح عثماني دورًا محوريًا في مجالات السياسات والتخطيط والقيادة الفنية وتقديم الخدمات الصحية في أكثر من 50 دولة، مع تركيز خاص على حقوق النساء والفتيات. وقد أصبحت أول امرأة مسلمة من الهند تصل إلى مستوى مدير في السلك المدني الدولي التابع للأمم المتحدة في نيويورك.
لماذا تقتصر قصصنا على الحجاب والمنزل؟
وانطلاقًا من هذا السؤال، أطلقت الدكتورة فرح عثماني مبادرة "Rising Beyond The Ceiling"، وهي مبادرة عالمية تُسلّط الضوء على إنجازات المرأة المسلمة الهندية، وتُسلّط الضوء على قصصها الخفية، وتُواجه الصور النمطية المجتمعية.
ولاحظت فرح أن النساء المسلمات غالبًا ما يُحصرن في أدوار نمطية على مختلف المنصات. ومن هنا جعلت من مهمتها كسر هذا القالب النمطي والعمل على تغيير هذه الصورة.
ولم تظل هذه المبادرة حبيسة الكتب أو الخطب، بل تحوّلت إلى حركة حقيقية. أصبحت منارة أمل لكل امرأة في بلدة صغيرة تحلم بعالم أوسع وفرص أكبر.
وتؤمن الدكتورة فرح عثماني بأن المال ليس مجرد ضرورة، بل هو قوة. وتقول: "بدلًا من الخوف من المال، علينا أن نصادقه". وقد علّمها زوجها درسًا مهمًا: "المال الذي لا يدرّ عائدًا، يتلاشى ببطء". ومن هنا بدأت رحلتها نحو الوعي المالي.
وبدأت بالاستثمار في مدخرات معفاة من الضرائب، والودائع الثابتة، وودائع المواطنين المقيمين في الخارج. واليوم، أصبحت ابنتها، صبا، مستثمرة أيضًا في العقارات في مانهاتن. وإن ما تبنيه فرح ليس مجرد إرث مالي، بل إرث فكري، يُجسّد قصة تمكين تمتد عبر الأجيال.
وتنحدر فرح عثماني من أسرة مسلمة من الطبقة المتوسطة في مدينة علي كراه الإسلامية بولاية أترا براديش، الهند. وتحمل درجة الماجستير في سياسات الصحة والتخطيط والتمويل من كلية لندن للاقتصاد وكلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، ودرجة الدكتوراه في أمراض النساء والتوليد من كلية جواهر لال نهرو الطبية في علي كراه الإسلامية. كما حصلت على شهادات في القيادة والإدارة التنظيمية من جامعات مرموقة مثل جامعة كورنيل، وكلية كرانفيلد للإدارة، وجامعة ستانفورد، وجمعية الإدارة الأمريكية في نيويورك.
وفرح متزوجة من جاويد عثماني، وهو موظف مدني هندي سابق، تولى منصب السكرتير الرئيس في حكومة ولاية أترا براديش. ولهما ولدان: فراز عثماني وصبا عثماني.
وتشبه قصة الدكتورة فرح عثماني رواية مليئة بالتحديات، بطلتها امرأة مصمّمة، تخوض رحلة تحوّل وتمضي بثبات نحو النور. وإنها تُعلّمنا أن بالشجاعة، يمكن أن تتحول جدران البيت إلى سطح أعلى ناطحة سحاب في العالم، لأن المرأة حين تصوغ هويتها بيديها، فإنها لا ترسم طريقها وحدها، بل تفتح الدرب لكل جيل يأتي من بعدها.