من الصراع إلى الكاميرا: المسيرة السينمائية لسهيل سعيد لون في تكريم الجنود

01-07-2025  آخر تحديث   | 01-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
من الصراع إلى الكاميرا: المسيرة السينمائية لسهيل سعيد لون في تكريم الجنود
من الصراع إلى الكاميرا: المسيرة السينمائية لسهيل سعيد لون في تكريم الجنود

 


دانش علي

وسط أضواء بوليوود وبريقها، حيث تتحوّل أحلام الإبداع إلى واقع، يشق سهيل سعيد لون طريقًا خاصًا لسردٍ مختلف— سرد متجذّر في الألم والوطنية والغاية.

وُلد سهيل في بلدة بانديبورا المتأثرة بالصراع في شمال كشمير، ورحلته من مراهق مصاب بصدمة نفسية إلى منتج وممثل واعد في بوليوود ليست مجرد قصة ملهمة، بل شهادة قوية على الصمود والإرادة الراسخة.

وكانت اللحظة الحاسمة في حياة سهيل في عام 1994م، عندما اختُطف والده على يد مسلحين من جماعة "حزب المجاهدين"، بعد أن وُجّهت إليه تهمة زائفة بمساعدة الجيش الهندي.

وعانت عائلة لون من اليأس والإهانة والتهديدات طوال أربعة أيام عصيبة. فقد طالب الإرهابيون بفدية، وأصدروا إنذارًا مرعبًا هددوا فيه بمس شرف نساء العائلة.

ويقول سهيل: "إنها تجربة لا تفارقني أبدًا. ولم يكن الأمر يتعلق بوالدي فقط، بل بالخوف، وبالعجز، وبذلك الإدراك المرير أن الإرهاب لا يقتل الأرواح فقط، بل يسحق النفوس".

ورغم أن والده عاد في نهاية المطاف — مثخنًا بالجراح، ومكسورا، ومتغيرًا إلى الأبد — فإن الندوب النفسية ظلت راسخة، خاصةً في نفس سهيل الصغير. ولكن بدلاً من الاستسلام للمرارة أو الخوف، حوّل سهيل ألمه إلى وقود لهدفٍ أسمى.

ويقيم سهيل حاليًا في مومباي، حيث يعمل مع شركة "طٰه فيلم إنترناشونال"، ويوجه طاقته الإبداعية نحو مشاريع تُكرّم الأبطال المجهولين — ولا سيما أفراد القوات المسلحة.

ويستمد عمله إلهامه من إيمان عميق بأن تضحيات الجنود الهنود تستحق أن تُروى بصدق وإجلال.

وأحد أبرز مشاريعه هو فيلم "The Up Files"، وهو محاولة سينمائية لتقديم صورة متوازنة وإنسانية عن الحياة العسكرية — خالية من الشوفينية، لكنها مغمورة بالاحترام.

ويشرح قائلاً: "الفكرة ليست تمجيد الحرب، بل تكريم التضحيات". ويضيف: "جنودنا بشر، ولديهم عائلات، وأحلام، ومخاوف. وقصصهم تستحق أن تُعرض على الشاشة".

ولم تكن إسهامات سهيل في السينما لتغيب عن الأنظار. ففي هذا العام، أصبح أول كشميري ينال جائزة "غولدن غوبيل" المرموقة، التي منحتها لهنقابة منتجي الإعلانات السينمائية والتلفزيونية في مومباي. وتُمنح هذه الجائزة تقديرًا لصوته الفني الفريد وجهوده الجريئة في توظيف السينما كوسيلة للشفاء وبناء الوحدة الوطنية.

ولم يقتصر دور سهيل على الإنتاج فقط، بل خاض مؤخرًا مجال التمثيل. ففي فيلمه الأخير "A Million Dollar Tourist" بالإنجليزية، والذي صُوِّر وسط المناظر الخلابة لجامو وكشمير، شارك إلى جانب ممثلين عالميين، في أداء يبرز موهبته التمثيلية ورغبته العميقة في وضع كشمير على خريطة السينما العالمية.

ويركّز مشروع سهيل الحالي، الذي ينبع من شغفه العميق، على "راشتريا رايفلز"، وهي قوة متخصصة في مكافحة التمرّد منتشرة في كشمير.

ويقول سهيل: "لقد كان لهم دور بالغ الأهمية في استعادة السلام وحماية المدنيين"، مضيفًا: "غالبًا ما يتم تجاهلهم في الروايات السائدة، وأنا أريد تغيير ذلك".

فإن جهوده لا تقتصر على رواية القصص، بل تهدف إلى ردم الفجوة بين التصوّر والواقع، وبين الألم والشفاء.

وتظل هوية سهيل متجذرة بعمق في تراثه الكشميري، ولكن رؤيته تتجاوز الحدود الإقليمية لتشمل الهند بأسرها. فهو يرى نفسه راويًا للقصص، لا سيما تلك المدفونة تحت وطأة عقود من الصراع والتجاهل.

ومن خلال أفلامه، يأمل أن يُعزز التفاهم والشرف والتضحية، وأن يُواجه الروايات السائدة التي غالبًا ما تُبسط واقع كشمير المُعقّد. وفي الوقت نفسه، يأمل أيضًا أن يُلهم الشباب الكشميري ليجدوا قوتهم في الإبداع، لا في الصراع.

ويقول سهيل: "في مكانٍ كانت البنادق تحدد فيه المستقبل ذات يوم، أريد أن تصبح القصصُ هي الأسلحة الجديدة — أسلحة الحق، والتعاطف، والتغيير".

اقرأ أيضًا: غلام نبي تانترَي .. من مقاول حكومي إلى رائد في التعليم والخدمة المجتمعية

فإن رحلة سهيل سعيد لون لم تنتهِ بعد. فمع العديد من المشاريع قيد التنفيذ، والتزام راسخ بسرد الحقيقة من خلال الفن السينمائي، يُجسّد سهيل رمزًا لما يمكن أن يتحقق حين يتحوّل الألم الشخصي إلى غاية إنسانية تخدم المجتمع.

قصص مقترحة