فرح شيخ: صوت نسائي يقود حركة دخول النساء إلى المساجد

07-07-2025  آخر تحديث   | 07-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
فرح شيخ
فرح شيخ

 


بهاكتي شالاك

حادثة وقعت خارج مسجد قمر الدين في مدينة بوني كانت كفيلة بأن تُحفّز فرح وتُشعل شرارة حركة قوية أحدثت تغييرًا إيجابيًا في المجتمع المسلم.

في يوم ماطر من أيام رمضان عام 2019م، وبينما كانت الأمطار الموسمية تهطل بغزارة، ابتلّت فرح وزوجها أنور وابنتهما بالكامل.

وتوجّهوا نحو المسجد ظانّين أنهم سيجدون فيه مأوى من المطر. فدخل أنور المسجد على عجل معتقدًا بأنه سيتمكّن أيضًا من أداء صلاة العصر في وقتها، وكانت فرح وابنتهما تتبعانه إلى الداخل. ولكنّ الصدمة أصابتهم حين علموا أن الأم والابنة غير مرحّب بهما في الداخل.

وفي تلك اللحظة، وسط انهمار المطر وإحساسها بالإقصاء غير المعلن، ترسّخ في ذهن فرح سؤالٌ أشعل شرارة حركة قوية من أجل التغيير: لماذا تُمنع النساء من دخول بيت الله؟

وسؤال فرح البسيط بشأن حقّها في دخول المسجد لم يفارقها وأقلقها بعمق. وبدعم من زوجها أنور شيخ، الذي شاركها في سعيها لتحقيق العدالة الاجتماعية والدينية، شرعت فرح في رحلة حازمة لتحدّي الأعراف السائدة في معظم المساجد الهندية التي لا تسمح بدخول النساء.

وتربط فرح وأنور شراكة تُجسّد روح جيل جديد، يسعى بنشاط لإعادة صياغة التفاهم المجتمعي. وتنحدر فرح من خلفية متوسطة تقليدية في مدينة بوني، حيث تُدير أيضًا متجر بقالة محليًا، برزت فرح باستمرار كصوتٍ حيوي في مختلف القضايا الاجتماعية والدينية والثقافية في ولاية مَهاراشترا، مما يعكس التزامها العميق بالتغيير التقدّمي.

وكشفت دراستهما للقرآن والحديث عن عدم وجود أيّ نصّ صريح يمنع النساء من دخول المساجد، مما عزّز إصرار فرح على تحدي التفسيرات الذكورية السائدة. ورغم ما واجهته من مقاومة أولية من المؤسسات الدينية، بما في ذلك تجاهل المراسلات ورفض لجان المساجد السماح لها بالدخول، لم تتراجع عزيمة فرح كامرأة تسعى للتغيير. وقد بلغت جهودها ذروتها عندما قرّرت رفع القضية إلى المحكمة العليا المركزية، مستندة إلى المبادئ الدستورية للمساواة، وروح الإسلام الجوهرية. وفي تأملها لتلك اللحظة الفارقة، تساءلت فرح: "أليس المسجد بيت الله؟ هل قال الله تعالى إن الرجال فقط هم من يمكنهم دخول المسجد، وإن النساء لا يحق لهن دخول بيته؟".

وفي نهاية المطاف، بعد سنوات من من النضال والإصرار، أثمرت جهود هذه الناشطة في مجال التغيير تقدمًا ملحوظًا.فقد أقرّت "هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند" بحقّ النساء المسلمات في دخول المساجد لأداء الصلاة، ممهدة الطريق لممارسة أكثر شمولًا. واليوم، في ولاية مهاراشترا، بما في ذلك المسجد نفسه في منطقة بوبودي الذي واجهت فيه فرح الإقصاء، بدأت النساء في ممارسة حقهن في العبادة بحرية. وفي مومباي وحدها، يستقبل حوالي خمسة عشر مسجدًا، بما في ذلك المسجد الجامع الشهير في شارع محمد علي، النساء الآن.

ولم تكن مسيرة فرح في سبيل العدالة خالية من التحديات، إذ واجهت معارضة مجتمعية شديدة. واستذكارًا لردود الفعل الأولى، تقول: "في البداية، كان الناس يهددوننا قائلين: "لا تفعلوا ذلك، سترتكبون إثمًا"، لكننا لم نتراجع".

وظلّ إصرارها راسخًا لا يتزعزع، فقد أدركت أن معركتها لا تتعلق بمجرد دخول أماكن العبادة، بل تمسّ الحقوق الأساسية للنساء في مختلف المجتمعات. وكما تؤكد: "هذه القضية تتعلق بحقوق المرأة. إنها لا تخص ديانة واحدة فقط، بل ترسم اتجاهًا لحقوق النساء من جميع الطبقات والأديان".

ولقد تم توثيق رحلتها الملهمة ورؤيتها في كتاب بعنوان "أصداء المساواة: رحلة فرح شيخ"، والذي يسلّط الضوء على إسهاماتها البارزة في تمكين النساء والإصلاح الاجتماعي. وتقديرًا لأعمالها الاجتماعية المؤثرة، كرّمتها جامعة مرموقة في دلهي بمنحها شهادة الدكتوراه.

وتجسّد رحلة فرح شيخ قوة التزام الفرد الراسخ بالعدالة والمساواة. وبدعم من زوجها أنور، تواصل فرح كونها صوتًا حيويًا للتغيير التقدّمي، تدافع عن حقوق وكرامة النساء في ولاية مهاراشترا وخارجها. وفي تلخيص لمهمّتها المستمرة، تقول فرح: "لقد منح الدين الإسلامي النساءَ حقوقًا كثيرة مساوية لحقوق الرجال، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو شخصية. ولذلك، ينبغي أن تحصل النساء على هذه الحقوق، وأن يكنّ على وعي بها أيضًا. ولهذا يستمر كفاحي".

وفرح ومؤسستها "مؤسسة فرح الخيرية" دائمًا في طليعة الحوارات الاجتماعية والتعليمية والسياسية والدينية في ولاية مهاراشترا. ويمثّل عملها مصدر إلهام حقيقي، إذ يبرهن على أن التغيير المجتمعي العميق ممكن من خلال التعليم، والوعي، والحوار البنّاء.

وتقود فرحة وجمعيتها الخيرية جهودَ معالجة القضايا الملحة في مهاراشترا والهند، ليس فقط من خلال التعبير عن آرائها، بل أيضًا من خلال النضال الدؤوب من أجل التغيير عبر الوسائل القانونية والاجتماعية. وسواءً أكان ذلك في معركتها أمام المحكمة العليا لإصلاح الأوقاف، أو في جهودها الشاملة لإغاثة الكوارث -مساعدة المجتمعات المتضررة من الفيضانات من جميع الأديان في إعادة التأهيل- فهي في طليعة هذه الجهود.

اقرأ أيضًا: من الصراع إلى الكاميرا: المسيرة السينمائية لسهيل سعيد لون في تكريم الجنود

وفي حين يتردد حتى الرجال المسلمون البارزون في التعبير عن آرائهم، لا تكتفي فرحة بالتعبير عن آرائها فحسب، بل تنزل إلى الشوارع لقيادة التغيير. وهذا النهج الجريء يجعلها صانعة تغيير حقيقية.