دانش علي/سريناغار
استغرق الأمر من سكينة أختر عقدًا كاملًا لتثبت نفسها، رغم كونها أول مدربة وطنية للكريكيت من إقليم جامو وكشمير.
وفي بداية مسيرتها، كانت شخصية وحيدة في ملعب الكريكت بجامعة كشمير، حيث كانت المرأة الوحيدة في المنطقة التي كانت تدرب لاعبي الكريكيت الناشئين، بينما كانت تخوض معركة ضد التقاليد المجتمعية الراسخة.
ولقد نالت سكينة لقبَ واحدة من أفضل المدرِّبات الوطنييات بفضل سنوات من المثابرة، والجهد، والالتزام الثابت بالرياضة التي تعشقها.
وتحكي قصة سكينة، البالغة من العمر 42 عامًا والمقيمة في سريناغار، عن عزيمة لا تلين، وتمردٍ هادئ، وشغفٍ أبى أن ينطفئ.
وبدأت رحلة سكينة في الأزقة الضيقة لمنطقة منورآباد، حيث كانت الفتاة الوحيدة في فريق كريكيت مكوَّن من البنين.
وجاءت نقطة التحول في عام 1998م، عندما شاركت في أول مباراة وطنية لها تحت سن 19 في دلهي، وتم إعلانها "أفضل لاعبة في السلسلة". ولكن في الوقت الذي بدت فيه الأمور واعدة، أجبرتها الضغوط العائلية والمجتمعية على التراجع. غير أنها لم تتخلَّ عن الرياضة تمامًا، بل غيّرت مسارها — وتوجهت إلى مجال التدريب.
ورغم قلة الدعم المؤسسي في البداية، واصلت سكينة تدريبها الرسمي في مجال التدريب الرياضي، وبدأت تنقل معرفتها إلى الرياضيين الشباب.
ومع مرور الوقت، حظيت جهودها بتقدير جامعة كشمير، التي عيّنتها مدربة للكريكيت في عام 2017م. وعلى مدى السنوات الثماني التالية، درّبت الفتيان والفتيات على حد سواء، وبنت بهدوء سمعة مدربة صارمة ولكن متعاطفة.
وتقول: "كثير من الفتيات اللواتي أتين إليّ كنّ غير واثقات من مكانتهن في عالم الرياضة. وكنت أقول لهن — انظرن إليّ، إذا كنتُ أنا قد استطعتُ، فبوسعكن أنتن أيضًا".
ودرّبت العديد من لاعبات الولاية تحت 19 عامًا، وبعضهن الآن جزء من فرق المناطق ويطرقن أبواب لجنة الاختيار الوطنية. وهذا العام، أكسبتها مساهمات سكينة المتواصلة في اللعبة مكانة مرموقة على المستوى الوطني.
وعيّنها مجلس مراقبة لعبة الكريكيت في الهند، مدربة مساعدة لفريق الهند النسائي تحت 19 عامًا، وقد تم إدراجها رسميًا في الطاقم التدريبي للمنتخب النسائي الوطني الأول — في سابقة تاريخية لامرأة من جامو وكشمير.
وقد بدأ نجاح سكينة يُحدث صدى واسعًا في الوادي، إذ باتت الأكاديميات الجديدة للكريكيت في سريناغار تخصص جلسات تدريبية خاصة للفتيات. فأما الفتاة التي كانت وحيدة في الملعب، فقد باتت اليوم قدوة تمشي عشرات الفتيات على خطاها.
وتقول سكينة: "عندما بدأتُ أول مرة، قيل لي إن الفتيات لا مكان لهن في ملاعب الكريكيت. واليوم، الأشخاص أنفسهم يأتون ببناتهم ليتدربن معي."
وتتطلع سكينة إلى إنشاء أكاديمية سكنية للكريكيت مخصصة للفتيات في كشمير. وتقول: "نحتاج إلى بنية تحتية.. والأهم من ذلك كله، الثقة. فإذا تمكنتُ من توفير ذلك حتى لعدد قليل من الفتيات الصغيرات، فأكون قد أنجزتُ مهمتي".
اقرأ أيضًا: محمد حفيظ فرقان آبادي: رائد التعليم والوئام والتغيير الاجتماعي
كما تخطّط لكتابة مذكّرات بعنوان "ما وراء الحدود"، تسرد فيها رحلتها من أزقة سريناغار الضيّقة إلى منصّة الكريكيت الوطنية.
فإن سكينة أختر ليست مجرد مدربة، بل هي رائدة، وملهمة، وشاهدة حيّة على أن الأحلام — مهما بدت بعيدة — يمكن أن تتحقق يومًا ما.